يحرص الشباب في موريتانيا على الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية، بالرغم من أنّها ليست من العادات الأصيلة في المجتمع. تساعد مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الانفتاح. مع ذلك، فالاحتفال بالعام الجديد لا يشكل حدثاً عاماً، بل مناسبة عائلية، أو شبابية بسيطة تبتكر أساليبها الخاصة للاحتفال.
يقول الطالب الجامعي محمد سعيد ولد المختار (22 عاماً) إنّ الاحتفال برأس السنة أصبح تقليداً بين شريحة الشباب بعد تأثرهم بالحفلات الصاخبة حول العالم، ومشاهدتهم أقرانهم يمضون الليلة في احتفالات مفتوحة تحت المطر والصقيع ابتهاجاً بحلول السنة الجديدة. يضيف: "الشباب كانوا يحرصون على السفر إلى الدول الأفريقية القريبة، خصوصاً السنغال في رحلة لا تستغرق أكثر من ساعة للاحتفال برأس السنة في أجواء مختلفة حيث أشجار عيد الميلاد والأضواء وبابا نويل في جميع الشوارع... لكنّ معظمهم باتوا يفضلون الاحتفال في موريتانيا على طريقتهم الخاصة".
يؤكد ولد المختار في حديثه لـ "العربي الجديد" أنّ الاحتفال برأس السنة بات له طابع محلي في موريتانيا. فالحفلات تقام في الصحراء، خصوصاً أنّ أحوال الطقس ملائمة للاحتفال في أجواء مفتوحة، وتنظيم سهرات فنية عامرة يحييها الفنانون الشعبيون. وهي حفلات تهدف إلى إضفاء أجواء إيجابية تستقبل العام الجديد في فرحة وبهجة.
لم يصل الأمر في موريتانيا بعد إلى مستوى الظاهرة. قلة من الأهالي تحتفل بليلة رأس السنة. هؤلاء يتبادلون الهدايا ويزينون المنازل بشجرة الميلاد، ومع ذلك يحرصون على "عدم تقليد الغرب". هو ما يقوله الموظف ابراهيم ولد اعلي (31 عاماً). يضيف: "رأس السنة مناسبة يشتاق إليها الكبير والصغير، لكنّ المعايير الاجتماعية تختلف لدينا في الاحتفال بها. تحتفل الأسر برأس السنة في أجواء عائلية بشراء كعكة العيد ودعوة الأصدقاء للاحتفال في ليلة يودعون خلالها عاماً مضى ويستقبلون عاماً جديداً بفرح وتفاؤل.. بينما تحتفل التجمعات الشبابية برأس السنة على طريقتها في الصحاري القريبة أو في منزل مخصص يزيّن ويتعاون جميع المدعوين على شراء مستلزمات التجهيز للاحتفال".
اقرأ أيضاً: فتاوى غريبة تشغل الموريتانيين
وقد ساعد احتفال الأجانب برأس السنة في تحولها إلى عادة لدى بعض شرائح المجتمع الموريتاني. يحرص الأجانب على تبادل التهاني والهدايا وإقامة احتفالات على أضواء الألعاب النارية، بينما تنظم بعض الفنادق والمسارح حفلات غنائية وسهرات موسيقية لجذب السياح، والمواطنين خصوصاً الشباب والمغتربين الذين تأثروا في سنوات هجرتهم بأسلوب حياة الأوروبيين.
وبذلك، تنتعش تجارة الزينة والحلويات والورود قبل رأس السنة، ويظهر ذلك في الإقبال الكثيف على شراء كعكة العيد والزينة والهدايا. يقول العامل في متجر للأزهار والزينة انجاي سي (29 عاماً) لـ"العربي الجديد" إنّ الاستعدادات للاحتفال برأس السنة تبدأ من منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول فتزدهر حركة البيع في محلات الورود والهدايا والإكسسوار وأشجار الميلاد، خصوصاً أنّ استيرادها من الخارج يكلف الزبون مبالغ إضافية. يضيف: "الأجانب يشترون شجرة عيد الميلاد ومختلف الإكسسوارات المرتبطة بها بينما يشتري المواطنون الورود والهدايا والألعاب".
إلى ذلك، تجذب الحفلات التي تقام في الصحاري العديد من الشباب الراغبين في سهرات جماعية مع الأصدقاء. وتتسم هذه الحفلات بالخصوصية بعيداً عن المدن ورقابتها الأمنية التي تمنع أحياناً الاحتفال العلني برأس السنة. كما يجد الشباب في حفلات الصحراء ملاذهم للاحتفال من دون قيود الأهل والمجتمع. كما تنظم حفلات أقلّ صخباً وشهرة على شاطئ البحر أيضاً.
يقول الطالب الجامعي يحيى ولد أحمدو بمبا (22 عاماً) إنّ بعض المحتفلين يفضلون حضور الفعاليات والحفلات الفنية التي تقام في الصحاري القريبة من المدن أو على الشواطئ لأنها تمنحهم حرية وخصوصية. وعن كيفية تنظيم هذه الحفلات يقول: "تضع مجموعات من الشباب برامج خاصة بالحفلات ومن سيحييها من الفنانين وما سيتخللها من فقرات.. وينشر البرنامج بين مختلف المجموعات على مواقع التواصل لتشجيعها على المساهمة في الحفل وفق مبلغ يتم تحديده بحسب عدد الأشخاص المدعوين والفعاليات المصاحبة". يضيف: "كذلك، تنظم حفلات أخرى على نطاق ضيق وتقتصر على عدد معين من الأشخاص".
ما زالت الاحتفالات بليلة رأس السنة في موريتانيا ناشئة، ومع ذلك تشكل بالنسبة للكثيرين مناسبة للفرح وتبادل التهاني والهدايا، مع الآمال الدائمة بعام جديد أفضل.
اقرأ أيضاً: فوضى الأسماء في موريتانيا