أجمع إعلاميون ومشاهدون وسياسيون ومحامون بريطانيّون على توجيه اتهامات للصحافة "المتطفّلة" وإلقاء اللوم عليها في قضية انتحار مقدمة البرامج التلفزيونية البريطانية كارولين فلاك البالغة من العمر 40 عاماً، يوم السبت الماضي.
وقد عثر على كارولين فلاك ميتة في شقتها بشمال لندن، السبت، وفق ما أعلنت عائلتها التي نشرت بيانا جاء فيه "يمكننا أن نؤكد أن كارولين توفيت اليوم في 15 فبراير/شباط". وأكد محام في وقت لاحق تقارير إعلامية تفيد بأنها انتحرت. وقد سلّطت وفاة كارولين فلاك الضوء على الصحافة التي نشرت على نطاق واسع أخبار توقيف النجمة في ديسمبر/كانون الأول.
بدأت فلاك تقديم "لوف آيلند" (جزيرة الحب)، منذ عام 2015، قبل أن تستقيل العام الماضي بعد اتهامها بالاعتداء على صديقها لويس بورتون (27 عاماً). نفت فلاك هذه التهمة، وكان من المقرر بدء محاكمتها الشهر المقبل.
وحتى إلقاء القبض عليها، حققت فلاك نجاحاً مهنياً كبيراً بعد مشاركتها في برامج تلفزيونية للأطفال. كما قدمت برامج شهيرة على شبكة (آي تي في)، من بينها "أنا مشهور"، و"أخرجني من هنا الآن!"، و"ذا إكس فاكتور"، حسبما قالت وكالة "أسوشييتد برس". وخلال الأشهر القليلة الماضية، كانت فلاك محور مواد إعلامية تحدثت عنها بشكل سلبي، ووصل الأمر لمواقع التواصل الاجتماعي على خلفية حادثة الاعتداء. واحتل انتحارها عناوين الصحف البريطانية يوم الأحد.
وأدت وفاتها لطوفان من كلمات الرثاء من زملائها في البرامج التلفزيونية. وقال جوناثان شاليت، رئيس شركة (رور غلوبال) لاكتشاف المواهب، لبي بي سي، إن فلاك عانت من "ضغط سلبي أكثر مما يتعرض له الإرهابيون أو مشتهو الأطفال بسبب محاكمتها". وأضاف "قد يكون هؤلاء الأشخاص مشهورين، لكنهم ما زالوا أفرادا ضعفاء".
واتهم وكلاء أعمال فلاك المدعين العامين بإقامة "محاكمة استعراضية" حول مزاعم الإساءة المنزلية التي طاولت النجمة "الضعيفة"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".
وقال فرانسيس ريدلي، من شركة "ماني تالنت مانجمنت" التي كانت مسؤولة عن إدارة أعمال فلاك، في بيان: "في الأشهر الأخيرة، تعرضت كارولين لضغط كبير بسبب قضية قائمة ومحاكمة محتملة غطتها وسائل الإعلام على نطاق واسع".
وأضاف "يجب على النيابة العامة في البلاد أن تنظر إلى نفسها وإلى الطريقة التي تابعت من خلالها محاكمة استعراضية لم تخل من الجدارة فحسب، بل إنها لم تكن من أجل المصلحة العامة. وقد تسببت في النهاية بضغط كبير على كارولين"، بحسب الوكالة.
وكان من المقرر أن تحاكم فلاك، المعروفة خصوصاً بتقديمها برنامج الواقع "لوف آيلاند"، في آذار/مارس بتهمة ضرب صديقها لويس بيرتون على رأسه بمصباح فيما كان نائما في شقتهما في ديسمبر.
لكن بيرتون نفى المزاعم منذ ذلك الحين وكتب على "إنستغرام" بعد جلسة المحكمة "لم تضربني بمصباح". وهو كتب، الأحد، على المنصة نفسها "قلبي محطم. لا أجد الكلمات المناسبة لأعبر عن مدى الألم الذي أشعر به وأنا أفتقدك كثيراً".
وأضاف "سأكون صوتك حبيبتي، أعدك بأنني سأطرح كل الأسئلة التي كنت تريدين طرحها وسأحصل على كل الإجابات، لن تعيدك هذه الأمور لكنني سأحاول أن أجعلك فخورة كل يوم. أحبك من كل قلبي".
Instagram Post |
ودان سياسيون "اقتحام الصحافة وتطفّلها"، مطالبين بمزيد من التنظيم لكل من وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية، حسبما قالت صحيفة "ذا غارديان".
وانتقد المنافس على قيادة حزب العمل كير ستارمر منافذ "تضخيم" منشورات وسائل التواصل الاجتماعي الضارة حول فلاك، وأشار إلى أنه سيتخذ إجراءً "لتنويع" الصحافة إذا فاز بالسباق ليخلف جيريمي كوربن. وقال إنّ وفاة فلاك "صدمت الكثير من الناس"، مضيفًا: "لم تكن مجرد ما يقال على وسائل التواصل الاجتماعي، بل كانت وسائل الإعلام التي تعمل على تضخيم ما يقال عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لقد كان هناك تأثير بشري".
وقالت ليزا ناندي، المنافسة أيضاً على قيادة حزب العمل، إنه لا يمكن ترك شركات الإعلام الاجتماعي لتراقب نفسها، ما يشير إلى أن الوضع الحالي يشبه "الغرب المتوحش".
وقد أطلقت عريضة عبر الإنترنت تدعو إلى إجراء تحقيق في دور الصحافة في وفاتها، وكذلك عن "سوء معاملة" الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل، حصلت على أكثر من 30 ألف توقيع حتى وقت مبكر من يوم الأحد.
وبرنامج "لوف آيلند" المثير للجدل يجلب متسابقين من الشبان والفتيات إلى جزيرة، حيث يجب أن يصبحوا أصدقاء وإلا سيتم استبعادهم. ويقول منتقدون إن البرنامج وضع الشباب تحت تمحيص وضغط شديدين. وتوفي متسابقان خلال البرنامج، وهما صوفي غرادون ومايك ثالاسيتيس، بعد انتحارهما عامي 2018 و2019.
وذكرت شبكة (آي تي في) البريطانية، التي تبث البرنامج، في بيان، أن فريق البرنامج يشعر بالصدمة والحزن بسبب "هذه الأنباء المحزنة للغاية"، حسبما قالت وكالة "أسوشييتد برس". يتم بث الموسم السادس من البرنامج حالياً. وألغت الشبكة إذاعة حلقة مساء السبت، بعد إعلان وفاة فلاك، على أن تعود لعرض حلقة جديدة اليوم الإثنين.
Instagram Post |