أعلنت سلطات النظام السوري السيطرة بشكل كامل على أغلب الحرائق التي شبّت في الأحراج الجبلية، شمالي غرب البلاد، منذ بداية الشهر الجاري، وتسبّبت في التهام آلاف الهكتارات من الأراضي الحرجية.
ونقلت وكالة "سانا" الرسمية عن مدير الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، أوفى وسوف، قوله إنّ "غابات وحراج منطقة الغاب أصبحت شبه خالية من الحرائق التي تمّت السيطرة عليها بجهود فرق الإطفاء، من مختلف المحافظات، ومؤازرة عناصر قوى الأمن وحفظ النظام والدفاع المدني، مع انضمام طائرة إيرانية وعدد من حوامات الجيش في عمليات الإخماد خلال اليومين الماضيين". وأضاف أنه جرى حالياً تبريد بؤر نيران محدودة النطاق، في أعالي جبال منطقتي الغاب ومصياف.
من جهته، قال مدير زراعة حماة، عبد المنعم الصباغ، في تصريح مماثل إنه تمّ إخماد جميع الحرائق في منطقة مصياف، باستثناء بعض بؤر النيران التي لا تزال ساخنة في حراج عين شمس، متوقعاً إخمادها نهائيا خلال الساعات المقبلة.
وشهد ريف حماة الغربي منذ بداية الشهر الجاري، عدّة حرائق كبيرة في الجبال والأحراج، التهمت مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية والحرجية، وغابات السنديان والصنوبريات والسرو المعمّرة مع ارتفاع درجات الحرارة، وسط عجز واضح من جانب السلطات في التعامل معها، وانتقادات للسلطات التي تسخّر كل إمكاناتها للمجهود الحربي، بينما لا توجد لديها طائرة واحدة مهيّأة لإطفاء الحرائق.
وكان اندلع مساء أمس الخميس، حريق جديد في حراج جبل بيت شلهوم، ببلدة وادي العيون في ريف مصياف الغربي، وما زالت فرق الإنقاذ تحاول إخماده. كما اندلع أمس حريق آخر، في أحراج قرية الجويبات بريف مدينة بانياس، حيث تواجه فرق الإطفاء صعوبة في إخماده بسبب طبيعة المنطقة وانحدارها الشديد وصعوبة وصول سيارات الإطفاء إليها، وفق ما صرح به المناوب في غرفة العمليات التابعة لدائرة الأحراج، بمديرية زراعة طرطوس، بسام حسن لوكالة "سانا". وأضاف أنّ مناطق زراعية وحرجية أخرى، شهدت أمس حرائق عدّة، منها حدودية مع محافظتي حمص وحماة، إضافة إلى حرائق أخرى بمحافظة طرطوس في قرى بدوقة وقرقفتي ودير الجرد والقدموس.
وبدأت سلسلة من الحرائق المتنقلة، بحريق ضخم اندلع في أحراج عين الكروم بسهل الغاب في حماة، أتى على مئات الهكتارات من الغابات المعمّرة، وتلا ذلك حريق في غابات بيرة الجرد بريف مصياف، في الثالث من الشهر الجاري، التهم مساحات واسعة من الغابات المعمّرة والتي قدّرها رئيس الجمعية الفلاحية في قرية بيرة الجرد، غياث الراشد، بأكثر من 200 هكتار. وفي الخامس من الشهر نفسه، شبّ حريق آخر في قرى الفريكة وسليمو وجورين ونبل الخطيب، والذي اعتبره الأهالي الحريق الأضخم، إذ لم تشهد له المنطقة مثيلاً منذ عشرات السنين. وشكّل الحريق خطراً على سكان قرية الفريكة، قبل أن تتمكّن فرق الإطفاء من تطويقه عقب جهود مضنية، استغرقت ثلاثة أيام، فيما قدّر وزير الزراعة والإصلاح الزراعي مساحة الأحراج التي أتلفها الحريق بنحو 200 هكتار.
وخلال عمليات إخماد حريق الفريكة اندلع حريق ضخم في خراج بلدة عين حلاقيم وعين شمس، حيث قدّرت مساحة الحراج المتضررة في المنطقة وفق الأهالي بأكثر من 300 هكتار، واستمرّت عمليات إخماده أكثر من يومين، لكن لم يتم إخماده بشكل نهائي حتى الآن، وفق مصادر محلية.
وتزامن ذلك مع نشوب حريق في الغابات الواقعة بين الحيلونة واللقبة، التهم آلاف الدونمات من أشجار الصنوبريات والسرو والسنديان التي تشكّلت عبر مئات السنين.
وقدّر محافظ حماة، محمد حزوري، في حديث مع قناة (السورية) أمس الخميس، خسائر الغابات والأحراج خلال سلسلة الحرائق التي طاولت المنطقة منذ أكثر من أسبوع، بنحو 800 هكتار من ضمنها نحو 100 هكتار أملاك خاصة، وما تبقى أراض حرجية، أملاك عامة.
وتسبّبت الحرائق في نزوح آلاف السكان، إذ إنّ الغبار والدخان تسبّبا بمشاكل لمرضى الربو والمسنين والأطفال، إضافة إلى إخلاء المناطق التي كانت على تماس مع الحرائق في قريتي عين حلاقيم وحزور.
وذكرت وزارة الزراعة التابعة للنظام أمس أنّ التحقيقات الأولية في حرائق الغاب ومصياف في ريف حماة أظهرت أنّ بعضها مفتعل، مشيرة إلى توقيف عدد من الأشخاص وتحرير غرامات بحقهم.
وأشارت الوزارة في بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك إلى أنه تبين أنّ الحريق الأول الذي حدث في ناحية عين الكروم، كان بفعل فاعل وتمّ توقيف ثلاثة أشخاص مشتبه بهم على ذمة التحقيق. كما تمّت مصادرة خمس سيارات تنقل الأخشاب في ناحية عين الكروم، قادمة من مناطق أخرى وفيها سبعة أشخاص، وتم تنظيم الضبوط بحقهم وتوقيفهم. أما الحريق الثاني وهو حريق محمية الشوح في اللاذقية، الذي انتقل إلى المناطق الحرجية من جهة الغاب ووصل إلى قرى أخرى عديدة في شمال غرب سهل الغاب فقد حدث، وفق الوزارة، نتيجة إهمال من أحد الأشخاص في متنزه المحمية، إذ قام بإشعال نار ولم يستطع السيطرة عليها فانتقلت إلى الأحراج وتم تنظيم ضبط بحقه وتوقيفه.
أما الحريق الذي حدث في موقع الشيخ زيتون وامتد إلى بيرة الجرد والمجوي والمشرفة في منطقة مصياف، فقد أظهرت التحقيقات وفق الوزارة، أنّ سببه قيام أحد الأشخاص بحرق بقايا مخلّفات زراعية في أرضه، ما تسبّب بانتقال النار إلى الأحراج، وتمّ تنظيم ضبط بحقه وتوقيفه.