استمع إلى الملخص
- ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمحروقات بشكل كبير، مع متوسط دخل شهري لا يتجاوز 300 ألف ليرة، مما أجبر السوريين على بيع ممتلكاتهم وحتى قبور ذويهم، حيث أصبحت تجارة القبور ظاهرة شائعة.
- تعاني سوريا من فجوة متزايدة بين الأجور وتكاليف المعيشة، مع توقعات بارتفاع الأسعار بسبب عودة السوريين من لبنان وتدفق اللاجئين اللبنانيين، مما يزيد الأعباء الاقتصادية.
تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، وطاولت الارتفاعات، بحسب مصادر من دمشق، جميع السلع والمنتجات، وإن ظهرت بشكل كبير على الزيت النباتي الذي قفز سعره إلى نحو 30 ألفا للتر والسكر الذي تعدى سعر الكيلو منه 12 ألف ليرة، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها، بعد أن تعدت نسبة الفقر 90% بحسب تقارير دولية.
وبلغ سعر شرحات الفروج نحو 85 ألف ليرة، وتجاوز سعر كيلو لحم الخروف 325 ألف ليرة سورية، كما ارتفعت أسعار المحروقات، الهاجس الدائم للسوريين، بواقع زحف فصل الشتاء وتأخر منح الوقود المدعوم، ليصل سعر لتر المازوت على الطرقات إلى نحو 20 ألف ليرة، ويتعدى البنزين 25 ألفاً، الأمر الذي عرّى قدرة السوريين على مواجهة الغلاء المتواصل وتراجع دخلهم الشهري، الذي لا يصل متوسطه إلى 300 ألف ليرة، فدفعهم، بعد بيع الحلي والممتلكات، لبيع قبور ذويهم.
ويقول الخبير الاقتصادي، عمار يوسف، إن الغلاء والفساد في سورية وصل إلى أسعار القبور، مؤكداً أن سبب انتشار تجارة بيع القبور يعود إلى المنعكس الاقتصادي للأزمة غير المسبوقة في البلاد. وأوضح يوسف، كما نقل موقع "هاشتاغ" السوري، أن كثيراً من الأشخاص اضطروا لبيع قبور ذويهم بقصد توفير الطعام والشراب، على مبدأ "الحي أبدى من الميت"، لافتاً إلى أن سعر القبر في دمشق وصل إلى نحو 150 مليون ليرة.
ويشير الخبير السوري من دمشق إلى أن هناك أشخاصا امتهنوا تجارة القبور بالتوكيلات وعقود بيع بمبالغ معينة، ليضيفوا هامش ربح، وذلك حسب الحالة الاضطرارية لأهل المتوفى، فيستغلون الحاجة إلى دفن الميت بالمنطقة الفلانية بالتحديد، وعليه ترتفع الأسعار بالشكل المرغوب "هذه التجارة يدخل فيها رأس المال، بالإضافة إلى نوع من الفساد إلى حد ما مع مراقب المقبرة". وتشهد سورية، منذ سنوات، حركة نشطة بـ"تجارة الموت" سواء بالنسبة لمستلزمات الدفن أو للقبور التي قفزت أسعارها رغم وجود 30 مقبرة موزعة في أنحاء دمشق، إضافة إلى بعض المدافن الخاصة.
ويقول المتقاعد غياث أبو دراع، إن الحد الأدنى لتكاليف الدفن، تزيد على 100 ألف ليرة، وتشمل إيجار سيارة وشراء "كفن وليف وقطن وصابون"، لكن المشكلة برأي أبو دراع، كما أوضح خلال اتصال مع "العربي الجديد" تكمن بسعر القبر الذي يصل لنحو 10 ملايين ليرة "بمقابر داخل دمشق".
وبخصوص تجارة القبور، يضيف أبو دراع من حي دمر الذي يضم كبرى مقابر دمشق: "فعلاً، لقد انتشر سماسرة القبور ودخلوا منذ أعوام السوق السوداء الخاصة بالأموات، عبر شراء عدد من القبور لاستغلال حاجة ذوي المتوفين، مبيناً أن أسعار القبور تتفاوت بالعاصمة السورية، على حسب المقبرة ومكانها. وتعتبر مقبرة "باب الصغير"، القريبة من حي الشاغور، ومقبرة "الدحداح" في شارع بغداد، من أغلى مقابر العاصمة.
وشهدت تكاليف المعيشة في سورية، قفزات متتالية، حيث ارتفع متوسط تكاليف معيشة الأسرة المكونة من خمسة أفراد إلى أكثر من 13.6 مليون ليرة سورية، في وقتٍ بقي الحد الأدنى للأجور ثابتًا عند 278,910 ليرات شهريًا. ووفقًا لمؤشر مركز "قاسيون" بدمشق، فقد بلغ الحد الأدنى لتكاليف المعيشة 8.5 ملايين ليرة سورية، ما يجعل الفجوة بين الأجور والتكاليف في ازدياد مستمر، ليزيد الأعباء الاقتصادية على المواطنين.
ويتوقع مراقبون استمرار زيادة الأسعار بسورية، بواقع عودة السوريين من لبنان وتدفق اللاجئين اللبنانيين إلى سورية، خاصة بعد إغلاق معبر المصنع الذي يعتبر رئة اقتصادية لكلا البلدين، والمنفذ الأهم لإدخال السلع والبضائع المستوردة لسورية، عبر مرفأي طرابلس وبيروت بلبنان.