المرأة الإيرانية تنتظر القوانين والتوعية لإنهاء تعنيفها

25 نوفمبر 2016
غياب قانون يحمي المرأة الإيرانية من العنف (سكوت بيترسون/Getty)
+ الخط -
تتضارب الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالعنف ضد الإيرانيات، إلا أن بعض المؤسسات الاجتماعية والمراكز الرسمية تؤكد وجود حالات كثيرة للعنف ضد النساء قد لا تبدو واضحة للعيان للوهلة الأولى.

تتعلق الأسباب بحسب الخبراء الاجتماعيين، لتفضيل المرأة الإيرانية الصمت على العنف بمختلف أشكاله وتشجيع من حولها على ذلك، وهذا راجع بالأساس لغياب قانون واضح ومفصّل يجعلها أكثر قوة لمواجهة العنف الممارس ضدّها.

وبحسب مواقع رسمية إيرانية، فكل تسع ثوانٍ تمر في إيران يقع عمل غير قانوني يصنف تحت عنوان "العنف والتعنيف"، للمرأة نصيب كبير منه، ونشرت صحيفة "وقايع" اتفاقية في وقت سابق، كشفت أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، راجع ما يقارب مليونين ونصف مليون شخص مراكز الطب الشرعي، 500 ألف منهم كانوا ضحايا العنف المنزلي.

كما نقلت الصحيفة عن مستشارين اجتماعيين ومسؤولين، أنّ 19.9 في المائة من حالات العنف المنزلي عبارة عن تعنيف جسدي، و52.2 في المائة عنف نفسي، نسب النساء والأطفال منها هي الأعلى دائماً.

وكشفت تصريحات سابقة لمسؤولين حقوقيين في البرلمان الإيراني، أن 45 في المائة من الحالات التي تتعرض فيها المرأة للعنف هي التي يتم التبليغ عنها للشرطة والتعامل معها قضائياً، وبأن 9 في المائة من النساء المقيمات في العاصمة طهران معرّضات للعنف الجسدي، وبأنه كلما زادت سنوات الزواج ارتفعت نسبة العنف التي تتعرض لها المرأة من زوجها.

وأشارت إلى أن 52 في المائة من الإيرانيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و44 يتعرضن للعنف،37 في المائة للعنف الجسدي، 27 في المائة للعنف اللفظي، و10 في المائة للعنف الجنسي.


وفي السياق، نشر موقع "عصر إيران" تقريراً جاء فيه أن 66 في المائة من النساء في إيران يتعرضن خلال حياتهن للعنف، وفي الوقت الذي يقول فيه كثيرون استناداً إلى الشرع إنه لا يجوز للمرأة أن تترك منزل زوجها حتى لو تعرضت لوسائل تعنيفه، فإن في القانون المدني للبلاد مادة رقمها 1115، تنص على أنه "بحال تعرض المرأة لضرر جسدي أو نفسي وحتى مادي وهو ما يعرضها لخطر حتى لو كان نفسياً، فتستطيع ترك المنزل والتقدم بشكوى".

ونقل المصدر نفسه عن أستاذ الحقوق والجرائم الجنائية، حسين مير صادقي، قوله إنّ ارتفاع مستوى الجرائم من أهم التحديات التي تواجه المجتمعات في العالم بأسره، حتى أن هذه النسبة تفوق معدلات النمو الاقتصادي وحتى التزايد السكاني، لافتاً إلى أن العنف ضد المرأة قضية تعاني منها كل المجتمعات في الوقت الراهن.

وأكد صادقي أن السبب في عدم مكافحة العنف حتى الآن بشكل جدّي هو غياب شكايات رسمية من المتضررات، بالإضافة إلى ضرورة تعديل المنظومة القضائية وصرامة القوانين التي يجب أن تساند السيدات، فضلاً عن أهمية التوعية لتتعرف كل واحدة على معنى العنف وأنواعه، وهي الخطوة الأولى للوقوف ضده.

وأورد المتحدث عدداً من القصص التي كانت المرأة تدافع فيها عن نفسها، وصدر بحقها حكم قضائي قد يجعل كثيرات يتردّدن حين يدور الحديث عن اللجوء للقضاء، فلم ينس الإيرانيون بعد قصة " أفسانه نوروزي" التي تعرضت لاعتداء من قبل صديق زوجها فدافعت عن نفسها بطعنه بسكين أدت لقتله، وحكم عليها بالإعدام، كون القوانين الشرعية تفرض أن "القاتل يقتل"، وهو الحكم الذي ألغي لاحقاً بعد الطعن به عدة مرات، فنالت نوروزي حريتها، معتبراً أن هذا النوع من القضايا أيضاً يصنف ضمن العنف، فالعنف فعل يمارس من الزوج والأب وحتى من الزملاء في العمل، بحق المرأة، ناهيك عن وجود حالات عنف نفسي كثيرة جداً.

من جهتها، تعي بعض المؤسسات الحكومية خطورة العنف ضد المرأة، وتدرك أنه كما توجد عوامل في المجتمع تمنع المرأة من تحصيل حقوقها، فإن في القوانين ثغرات كذلك، وقد عملت مؤسسة المرأة الحكومية، ومستشارة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة شهيندخت مولاوردي على صياغة قانون من المفترض أن يقدم مستقبلاً للبرلمان لدراسته والتصويت عليه، بما يقلّل من حالات العنف ضد المرأة.

وفي هذا الصدد، قالت النائبة فاطمة ذو القدر خلال جلسة استقبلتها جامعة طهران مؤخراً، إنّ "القانون في مرحلة الصياغة في الوقت الحالي".

فيما نفى عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني، حسن لطفي، علمه بهذا القانون، وقال لـ "العربي الجديد"، "لم تصل أي تفاصيل عن هذا الموضوع حتى الآن للبرلمان"، مضيفاً أن الحاجة لقانون لا تعني أن الأمر وحده كافٍ، بل دور المجتمع هام".

بدورها، قالت أستاذة العلوم الاجتماعية والمتخصصة بشؤون المرأة، افسانه توسلي، في اجتماع المتخصصين في جامعة طهران الذي عقد حول العنف ضد النساء، إنّه "على الناشطات أن يبدين حساسية أكبر تجاه هذا الموضوع، فبات من الضروري معرفة الأسباب التي تؤدي للعنف ضد المرأة أياً كانت أنواعه"، لافتة إلى أن العنف يرتبط أحياناً بعوامل ثانية، في إشارة منها للبطالة والإدمان وحتى الفقر.

وركّز المتخصص الاجتماعي، حسين باهر، في تصريح لـ"العربي الجديد" على "أهمية التفاهم بين الزوجين، الذي ينعكس على تربية الأبناء، فالأطفال حين يكبرون وهم يشاهدون والدهم يمارس العنف الجسدي أو اللفظي وحتى النفسي ضدّ أمهم ستصبح هذه التصرفات طبيعية بالنسبة لهم".

يذكر أن مؤسسة الرعاية الاجتماعية لجأت لاتخاذ إجراء أكثر جدية في هذا الصدد، فأسست مراكز أطلقت عليها اسم "بيوت آمنة"، افتتح منها 18 حتى الآن، وهي خطوة تهدف لحماية النساء والفتيات المعرضات للعنف، من خلال تقديم استشارات، وحتى مأوى في بعض الأحيان، وتم تخصيص رقم خاص لحالات الطوارئ الاجتماعية، ما يسمح بتقديم الشكاوى.

 

المساهمون