العيد وأحواله

14 يوليو 2015
الأرجوحة من أصول العيد (فرانس برس)
+ الخط -


جميلٌ العيد...

صحيح أنّ الاختلاف على رؤية هلاله يقسم الأهالي بين صائمين ومعيّدين ويربك احتفالهم، وينقص من العيد جماله. لكنّه مع ذلك يبقى جميلاً.

جميلٌ انتظاره في الأسبوع الأخير من الصيام بشغف المشتاق إلى فطور صباحي، ومعمول محشو بالجوز والفستق والتمر.

وجميلٌ الاستيقاظ عند السادسة صباحاً إلى صلاة العيد في المسجد الكبير. فكأنّ روزنامة المواعيد اختلّت لصالحه. فلا يشعر الصائم أنّه يريد استغلال يوم الإجازة الطارئ هذا في نوم أكثر. بل يهبّ نشيطاً إلى اغتسال وصلاة تجمع وجوهاً سعيدة لا تغيب عنها التبريكات.

يستعيد الناس في العيد بعضاً من سماحة مفقودة في باقي أيام السنة. حتى الأطفال المزعجون في باحة المسجد لا يثيرون غضب أحد، اللهم إلا منظم صفوف الصلاة الذي يحمل صندوق صدقات يجول به بين المصلّين.

جميلة خطبة العيد عندما لا يطغى عليها حديث سياسي فئوي ضيق. جميلة في جمعها كلّ الناس ومباركتها احتفالهم أينما أرادوا ذلك.

جميلٌ مشهد بائعي الكعك والقهوة والعصير المعلّب أمام المسجد، يتزيّنون وينتظرون من يكرّمهم بأكثر من الثمن المعتاد.

وجميلٌ أكثر انتعاش الأفران مجدداً، وازدحامها الصباحي بمن اشتاق لمناقيش الصعتر والجبنة والكشك واللحم بعجين وغيرها. فلا تتفوق عليها إلا محال الحلويات.. والمعمول سيّدها الذي لا يغيب عن زيارة تهنئة.

جميلة الزيارات العائلية، بالرغم من كلّ ما يشوبها من عتاب. والأجمل منها العيديّة تفرح قلوب الصغار. بينما يعدّ هؤلاء أوراقها النقدية، ويخططون لمشاريعها المتنوعة ما بين سينما، وبحر، وأراجيح، ومهرجان يمتطي فيه المحتفل حصاناً هرماً، أو دراجة نارية مهترئة. هي ليست جميلة ربّما لبعض من يدفعها من الكبار على مضض، لكنّها واجبة، وإلاّ رمي الممتنع عنها أو المقلّ من أوراقها بنظرة لوم قاسية. لوم من صغار انتظروا طويلاً ذلك العمّ المستهتر، أو ذهبوا بعيداً إلى تلك الخالة البخيلة، فلم يظفروا بأكثر من ورقتين أو ثلاث، لا تشتري سوى بعض المفرقعات. ويفضّل أن تشتري أحد تلك "الديوك" التي تصدر صوت انفجار ضخم، ليشعلوا فتيلته تحت بيت ذلك العم أو تلك الخالة.

هو العيد كذلك.. جميلٌ. فحتى ناظر المدرسة اللئيم إذا قابل أحد تلامذته فيه قابله بالمحبة والعطاء والسؤال عن الأهل.

لكن ما ليس جميلاً هو الفقر. وما أكثر الفقراء في العيد وغيره. كبار وصغار متشرّدون في الشوارع يتسوّلون ويبيعون السلع الرخيصة. وكادحون يعملون فيه. وعائلات بلا معيل. كلّهم ينتظرون فرجاً من سماء ما زالوا كلّ عام يؤدون أسباب الطاعة والعبادة لها، وليس الفرج بقريب.

اقرأ أيضاً: نصف ليرة

المساهمون