الشعب الذي لا يمكن أن يهزم

30 أكتوبر 2016
تظاهرة ضد النظام وروسيا بحلب أخيراً (مأمون أبو عمر/الأناضول)
+ الخط -
لا يمكن تخيل الحياة التي يعيشها السوريون، لا سيما في مناطق سيطرة المعارضة وبشكل خاص في المناطق المحاصرة، إلا لمن زار تلك المناطق أو عاش فيها، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات. تعمل العائلة بكل طاقتها من أجل تأمين الحد الأدنى من متطلبات البقاء على قيد الحياة، طبعاً مع احتمال فقدان وتهديم كل ما يتم العمل على بنائه في لحظة. أو حتى مفارقة تلك الحياة عبر قذيفة مدفعية أو برميل من طائرة أو صاروخ بعيد المدى.

استطاع السوريون الذين يعيشون في مناطق المعارضة خلال السنوات الماضية أن يتكيفوا مع كل الظروف. وحولوا روث الحيوانات لتوليد الغاز، وقاموا بتوليد الكهرباء من خلال حركة الدراجات الهوائية، والتي يتناوب عليها أطفال العائلة من أجل تدويرها ليقوم "الدينمو" المركّب عليها بتوليد بعض الكهرباء. وصنعوا من مخلفات الصواريخ مدافئ وأدوات منزلية. وصنعوا أدوات بدائية لاستخراج المياه من الآبار السطحية.

وأصبح قصف الطيران أمراً اعتيادياً في حياتهم على الرغم مما يحصده من أرواح يومياً، لدرجة أن عدداً ممن يعيشون بالداخل بدأوا يبثون مقاطع فيديو تظهرهم مع كل القنابل والصواريخ التي تلقى عليهم. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع لأشخاص لحظة سقوط أنواع من الأسلحة، مع تعليقات تسخر من تلك الأسلحة من نوع "سيلفي والفوسفور خلفي" أو "سيلفي والبرميل خلفي".

ويبدو أن الدول التي تحاول فرض إراداتها ومصالحها على الشعب السوري سواء بالترغيب أو بالترهيب، لم تتنبه إلى أن هذا الشعب الذي فضل خيار الحياة البدائية والتعرض اليومي للموت على أي خيار آخر قد ينتقص من كرامته، وأن الشعب الذي استطاع التأقلم مع أقسى أنواع الظروف المعيشية والأمنية التي لا يمكن حتى تخيلها هو بالتأكيد شعب لا يمكن لأي قوة احتلال في العالم أن تتغلب عليه ولا يمكن لأي قوة مهما عظمت أن تكسر إرادته.

كما أثبت السوريون أن ثورتهم، وعلى الرغم من كل ما حل بهم من كوارث وتآمر عليهم من معظم دول العالم، هي ثورة كرامة وحرية وعتق من الاستبداد وأنها ثورة منتصرة ولو بعد حين.