السودان يعيد فتح أبواب الاستيراد رغم أزمة النقد

27 نوفمبر 2018
سوق الخرطوم يعاني من المشترين(Getty)
+ الخط -
رغم أزمة النقد الأجنبي التي تمر بها البلاد، إلا أن الحكومة السودانية قررت إعادة فتح باب استيراد 19 سلعة كانت قد أوقفتها نهاية العام الماضي، ضمن محاولاتها للسيطرة على عجز الميزان التجاري.
وسمحت وزارة التجارة والصناعة باستيراد "منتجات اللحوم، الحيوانات الحية، منتجات الألبان، العصائر بجميع أنواعها، الأسماك، الفواكه والثمار، الخضروات، محضرات الكاكاو، المعكرونة والشعيرية، الزيوت النباتية، الزهور الصناعية، مصوغات ضفر، لعب وأصناف تسلية، طيور الزينة، أزهار وأغصان، المظلات، المنظفات ومراتب الإسفنج".
إلا أن محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير، قال في تصريحات صحافية إنهم بصدد إعادة النظر في الرسوم الجمركية على بعض السلع، وتسريع عملية الاستيراد مع مراعاة أولويات الاستيراد المتعلق بالوقود والقمح والسكر والأدوية ومدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي.
وأثار قرار إعادة فتح باب الاستيراد ردود فعل متباينة، حيث يرى بعضهم أنه يتيح فرصة واسعة لتلبية احتياجات المستهلكين، ويأتي تزامناً مع توجهات الدولة لتنشيط عمليات التبادل التجاري والتطلع نحو التكتلات العالمية، فيما ذهب آخرون إلى أن القرار يزيد فجوة الميزان التجاري والطلب على الدولار في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
في هذا الصدد، يقول حسب الرسول محمد أحمد، نائب رئيس الغرفة القومية للمستوردين لـ"العربي الجديد"، إن مبدأ الحظر السابق على استيرد السلع يتنافى كلياً مع سياسة التحرير التي تنتهجها الدولة ويقلل من فرص البلاد في الانضمام للتكتلات العالمية، مبيناً أن قيمة وتكلفة استيرادها لا تكادان تُذكران مقارنة بحجم استيراد السلع الأخرى، فهي لا تشكل عبئاً على النقد الأجنبي والميزان التجاري ولا تنافس سلعاً محلية، كما أنها ترفد الخزينة العامة وتعتبر مصدر رزق لكثير من المستوردين وتجار الجملة والتجزئة وتحريك للنشاط الاقتصاد.
من جانبه، قال أحمد الزين الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن فتح باب استيراد سلع وصفتها الحكومة "بالسلبية" يرجع إلى محاولتها مجدداً إيجاد مخرج جديد لمعالجة وضعية السودان في ما يتعلق بالنقد الأجنبي منذ انفصال الجنوب وفقدانه ثلاثة أرباع النفط، مؤكداً أن القرار لا مبرر له باعتبار أن السلع التي فتحت أبوابها "هامشية" تتسبب فى إغراق الأسواق.
ويأسف الخبير الاقتصادي ابراهيم أونور في حديثه لـ"العربي الجديد"، للقرار، وقال إنه يتسبب في زيادة فجوة الميزان التجاري ويزيد من الطلب على الدولار، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تبحث عن السيولة والنقد الأجنبي، مؤكداً أن القرار لا يستند إلى رؤية علمية، غير أن هنالك جهات لديها مصالح مشتركة من فك حظر السلع على حد تعبيره.
أما الخبير الاقتصادي محمد الفضل فقال لـ"العربي الجديد"، إن قرار حظر الاستيراد السابق جاء ضمن إجراء تقليل فاتورة الاستيراد، ولكنه لم يكن موفقاً لأسباب من بينها ضعف قيمة الاستيراد الكلية لهذه السلع، وأن من يستهلكون هذه السلع هم الطبقة المقتدرة فقط، وأقر الفضل بخطأ القرار لأنه تسبب في تلف سلع بملايين الدولارات لم تصادر ولم تتم لها تسويات، ووصف الرجوع عن القرار بالمطلوب والسليم .
ويقول إن قرار الحظر السابق لم يخدم الغرض وفق الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعيشها البلاد وما فيه من استهلاك، في ظل ندرة العملة الأجنبية. كما اتضح أن السلع لا تشكل ضغطاً على الميزان التجاري ولا تنافس سلعاً منتجة محلياً، ويمكنها أن ترفد خزينة الدولة بموارد جديدة.
إلا أن مختصين أكدوا أن زيادة استيراد السودان للسلع في الآونة الأخيرة يرجع إلى سياسة الحكومة التي تشجع الاستيراد وتحارب في ذات الوقت الإنتاج المحلي لاعتمادها الكبير على فاتورة الجمارك في تسيير نفقاتها المتزايدة، ويرى آخرون أهمية تنويع الصادرات من دول العالم المختلفة لأجل المنافسة ورخص الأسعار.
ويستورد السودان نحو 4500 سلعة ومنتج من دول مختلفة، معظمها من الصين التي تحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول الأكثر تصديرا للسودان بـ 3 آلاف سلعة.
ويقول الخبير الاستراتيجي محمد محمود لـ"العربي الجديد"، إن الاستيراد يتلقى امتيازات كبيرة والسبب في ذلك هو اعتماد الحكومة على الجمارك في تسيير نفقاتها المتزايدة، وأن الترهل زائداً الإنفاق الحكومي المتزايد من المال يغطى بتشجيع الاستيراد، ونفى حرص الحكومة على وضع قانون يمنع استيراد سلع غير أساسية، ولكنه لم ينفِ إمكانية تضاعف الرسوم الجمركية.
ويستورد السودان قمحاً ودقيقاً بقيمة مليار دولار سنوياً.

ورغم وجود ستة مصانع سكر، إلا أن استيراده يصل إلى 800 ألف طن سنوياً إضافة إلى استيراد لحوم وعصائر. كما يستورد 60 ألف طن من الألبان سنوياً بقيمة 160 مليون دولار وأسماكا بقيمة تتجاوز 100 مليون دولار، رغم وجود مخزون سمكي يتجاوز 100 طن ويستورد ثوما وبصلا وزيوتا وأجبانا والكركديه.
المساهمون