13 نوفمبر 2024
الحرب العربية الإيرانية المقبلة
تدل كل المؤشرات في المنطقة على أن طبول حرب عربية إيرانية قادمة أصبحت ترتفع أكثر من ذي قبل، ودول مؤثرة في المنطقة، خصوصاً السعودية والإمارات العربية المتحدة، تدفع في هذا الاتجاه بدعم وتشجيع من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وبترحيب من إسرائيل التي تسعى دائماً إلى ربح حروبها الجديدة ضد خصومها وأعدائها في المنطقة بدون حرب وبأقل تكلفة. جربت هذه الوصفة مع سورية ومع حزب الله الغارق في المستنقع السوري، وقبل ذلك مع عراق صدام حسين، وتسعى إلى تجريبها مع آخر أعدائها في المنطقة: إيران.
المؤشرات على دنو وقوع حرب إيرانية عربية جديدة لا يجب البحث عنها فقط في التصريحات النارية المتبادلة بين طهران والرياض، وإنما في الوقائع التي تتفاعل بسرعة فوق الأرض، أو تلك التي يتم التخطيط لها في غرف مظلمة، ولعل أبرزها هي فكرة إرسال قوات تحالف عربي إلى سورية، وهو الاقتراح الذي أعلنت عنه السعودية، وتخطط له أميركا وتدفع به إسرائيل، ولكل واحد من هؤلاء غاياته وأهدافه التي ليست بالضرورة متشابهة، لكنها كلها تلتقي عند غاية واحدة، كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، حتى لو أدى ذلك إلى نشوب حرب مع إيران.
الحرب ضد إيران، هي ما تسعى إليه الدول الثلاث علانية، لكن أياً منها لا تريدها مباشرة، وإنما حرباً بالوكالة، وعلى أرض أخرى غير أرضها، ولا يوجد اليوم مكان مناسب، وأكثر
ملاءمة لتجريب هذه الحرب من الحلبة السورية التي تحولت إلى أكبر مختبر مفتوح لتجريب الأسلحة الفتاكة، وخوض الحروب المستقبلية. فكما تم تجريب كل خرائط الحرب العالمية على الإرهاب فوق أراض عربية، يتم التخطيط اليوم لتجريب خرائط الحروب الجديدة والمستقبلية مع إيران وفوق أراض عربية، وقد بدت فعلاً إحدى فصول هذه الحرب في اليمن، لكن الواقعة الكبرى هي المنتظرة في سورية.
الحرب العربية الإيرانية الجديدة تريدها كل من أميركا وإسرائيل والسعودية حرباً بالوكالة، تخوضها بجيوش غير جيوشها، وعلى أرض غير أراضيها، وضحاياها لن يكون بالضرورة من رعاياها. وما فكرة إرسال جيوش عربية إلى سورية سوى بداية إعلان هذه الحرب ضد إيران، ونفوذها المتعاظم في المنطقة وفوق الأرض السورية. بالأمس القريب، خاضت الدول الثلاث نفسها حرباً بالوكالة ضد إيران، بذريعة وقف تصدير ثورتها، وتحت شعارات قومية عروبية وفوق أرض العراق وبجيوشه. واليوم، يُراد لهذه الحرب التي تدقّ طبولها أن تجري فوق الأرض السورية، وبجيوش عربية، وبذريعة محاربة الإرهاب، وتحت شعارات دينية إسلامية. بالأمس، شرعنوا الحرب على أنها بين العرب والفرس المجوس، واليوم يريدون شرعنتها على أنها بين السنة والشيعة الروافض.
مع الأسف، ذاكرة بعض العرب قصيرة، وإلا تذكّروا الحرب العراقية الإيرانية، فمن شجع صدام حسين على غزو إيران عام 1980 هي الولايات المتحدة التي كانت تريد الانتقام من الثورة الإيرانية التي أسقطت حليفهم الأساسي في المنطقة، شاه إيران، واحتجزت الدبلوماسيين الأميركيين رهائن عندها. وقبيل اندلاع تلك الحرب، تلقى صدام حسين ضوءاً أخضر من دول الخليج، وخصوصاً السعودية التي زارها أياماً قبل الدخول في الحرب التي خاضها تحت
شعارات قومية عروبية لمواجهة المد الفارسي الإيراني. والنتيجة يعرفها الجميع مقتل مليون عراقي في تلك الحرب العبثية، ومثلهم من الإيرانيين، وهدر مليارات الدولارات من المال العربي في حربٍ مجنونة، انتهت بانقلاب صدام حسين على حلفائه العرب، واحتلاله الكويت. وما زالت التداعيات السلبية لكل تلك الكوارث تتفاعل حتى يوم الناس هذا.
كانت الحرب العراقية الإيرانية في الواقع حرباً عربية إيرانية، لأن أغلب الدول العربية ساندت فيها العراق، ودعمته بالمال والعتاد والرجال. وعلى الرغم من بشاعة تلك الحرب التي دامت أكثر من ثماني سنوات، وجربت فيها كل الخطط الحربية المجنونة، ومختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، بما فيها المحظورة دولياً، فإنها لن تكون سوى نزهة قصيرة أمام الحرب العربية الإيرانية المقبلة في حال اندلاعها.
من المستفيد من الحرب العربية الإيرانية الجديدة في حال نشوبها؟ طبعاً، لكل دولة من الدول الثلاث المتحمسة لوقوع هذه الحرب أغراضها السياسية والإستراتيجية، فإسرائيل تعتبر الخطر الإيراني استراتيجياً يهدد وجودها، وهي تسعى بكل طاقاتها إلى تدميره قبل أن يدمرها. وأميركا تعتبر أن الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وضمان استمرارها يكمن في تحييد كل دور إيراني مؤثر في المنطقة، خصوصاً لو ظلت إيران تحت حكم عقيدة ثورتها الإسلامية القائمة على معاداة أميركا. أما في السعودية، فإن الهدف يكاد يكون شخصياً، مرتبطاً بطموح شخص واحد مندفع، يريد أن يشرعن وراثته الحكم عن والده، وهو مستعد لخوض كل المغامرات المجنونة من أجل تحقيق هدفه. إنه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي زج بلاده في أتون الحرب اليمنية، ويريد اليوم أن يزج العرب في مستنقع حرب عربية إيرانية جديدة، لو اندلعت لأتت على ما تبقى من أخضر ويابس في المنطقة.
العرب وبلادهم لن يكونوا، في نهاية المطاف، سوى حطب نار هذه الحرب وساحتها، أما المستفيد الوحيد منها فلن تكون سوى دولة واحدة في الشرق الأوسط، هي بكل تأكيد إسرائيل.
المؤشرات على دنو وقوع حرب إيرانية عربية جديدة لا يجب البحث عنها فقط في التصريحات النارية المتبادلة بين طهران والرياض، وإنما في الوقائع التي تتفاعل بسرعة فوق الأرض، أو تلك التي يتم التخطيط لها في غرف مظلمة، ولعل أبرزها هي فكرة إرسال قوات تحالف عربي إلى سورية، وهو الاقتراح الذي أعلنت عنه السعودية، وتخطط له أميركا وتدفع به إسرائيل، ولكل واحد من هؤلاء غاياته وأهدافه التي ليست بالضرورة متشابهة، لكنها كلها تلتقي عند غاية واحدة، كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، حتى لو أدى ذلك إلى نشوب حرب مع إيران.
الحرب ضد إيران، هي ما تسعى إليه الدول الثلاث علانية، لكن أياً منها لا تريدها مباشرة، وإنما حرباً بالوكالة، وعلى أرض أخرى غير أرضها، ولا يوجد اليوم مكان مناسب، وأكثر
الحرب العربية الإيرانية الجديدة تريدها كل من أميركا وإسرائيل والسعودية حرباً بالوكالة، تخوضها بجيوش غير جيوشها، وعلى أرض غير أراضيها، وضحاياها لن يكون بالضرورة من رعاياها. وما فكرة إرسال جيوش عربية إلى سورية سوى بداية إعلان هذه الحرب ضد إيران، ونفوذها المتعاظم في المنطقة وفوق الأرض السورية. بالأمس القريب، خاضت الدول الثلاث نفسها حرباً بالوكالة ضد إيران، بذريعة وقف تصدير ثورتها، وتحت شعارات قومية عروبية وفوق أرض العراق وبجيوشه. واليوم، يُراد لهذه الحرب التي تدقّ طبولها أن تجري فوق الأرض السورية، وبجيوش عربية، وبذريعة محاربة الإرهاب، وتحت شعارات دينية إسلامية. بالأمس، شرعنوا الحرب على أنها بين العرب والفرس المجوس، واليوم يريدون شرعنتها على أنها بين السنة والشيعة الروافض.
مع الأسف، ذاكرة بعض العرب قصيرة، وإلا تذكّروا الحرب العراقية الإيرانية، فمن شجع صدام حسين على غزو إيران عام 1980 هي الولايات المتحدة التي كانت تريد الانتقام من الثورة الإيرانية التي أسقطت حليفهم الأساسي في المنطقة، شاه إيران، واحتجزت الدبلوماسيين الأميركيين رهائن عندها. وقبيل اندلاع تلك الحرب، تلقى صدام حسين ضوءاً أخضر من دول الخليج، وخصوصاً السعودية التي زارها أياماً قبل الدخول في الحرب التي خاضها تحت
كانت الحرب العراقية الإيرانية في الواقع حرباً عربية إيرانية، لأن أغلب الدول العربية ساندت فيها العراق، ودعمته بالمال والعتاد والرجال. وعلى الرغم من بشاعة تلك الحرب التي دامت أكثر من ثماني سنوات، وجربت فيها كل الخطط الحربية المجنونة، ومختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، بما فيها المحظورة دولياً، فإنها لن تكون سوى نزهة قصيرة أمام الحرب العربية الإيرانية المقبلة في حال اندلاعها.
من المستفيد من الحرب العربية الإيرانية الجديدة في حال نشوبها؟ طبعاً، لكل دولة من الدول الثلاث المتحمسة لوقوع هذه الحرب أغراضها السياسية والإستراتيجية، فإسرائيل تعتبر الخطر الإيراني استراتيجياً يهدد وجودها، وهي تسعى بكل طاقاتها إلى تدميره قبل أن يدمرها. وأميركا تعتبر أن الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وضمان استمرارها يكمن في تحييد كل دور إيراني مؤثر في المنطقة، خصوصاً لو ظلت إيران تحت حكم عقيدة ثورتها الإسلامية القائمة على معاداة أميركا. أما في السعودية، فإن الهدف يكاد يكون شخصياً، مرتبطاً بطموح شخص واحد مندفع، يريد أن يشرعن وراثته الحكم عن والده، وهو مستعد لخوض كل المغامرات المجنونة من أجل تحقيق هدفه. إنه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي زج بلاده في أتون الحرب اليمنية، ويريد اليوم أن يزج العرب في مستنقع حرب عربية إيرانية جديدة، لو اندلعت لأتت على ما تبقى من أخضر ويابس في المنطقة.
العرب وبلادهم لن يكونوا، في نهاية المطاف، سوى حطب نار هذه الحرب وساحتها، أما المستفيد الوحيد منها فلن تكون سوى دولة واحدة في الشرق الأوسط، هي بكل تأكيد إسرائيل.