تتجه مفاوضات تشكيل الحكومة المغربية العتيدة إلى طريق مسدود، مع تمسك الأطراف المعنية بمواقفها وعدم استعدادها للتنازل عنها، بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على بدء مشاورات تشكيل الحكومة، وتعثرها بسبب التناقض بين رئيس الحكومة المكلف، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، عبدالإله بنكيران، وزعيم حزب "الأحرار"، عزيز أخنوش، بشأن القوى المطروحة للمشاركة في الائتلاف الحكومي. وفي ظل استمرار التعطيل في عملية تشكيل الحكومة، باتت هناك سيناريوهات عدة لتجاوز الأزمة. ولم يعد مستبعداً سيناريو اللجوء إلى التحكيم الملكي، لحسم الموقف، أو الإقدام على حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة.
وفي ما يتعلق بسيناريو التحكيم الملكي، يوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، الدكتور أحمد مفيد، أن الفصل 42 من الدستور المغربي لعام 2011، ينص على أن الملك هو "رئيس الدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر عل احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات". ويضيف مفيد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه "اعتماداً على هذه المقتضيات الدستورية، فالملك له كل الصلاحيات الدستورية للتدخل، بهدف وضع حد لما وصلت إليه المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة، والتي لم تسفر عن نتائج ملموسة، كما يمكن أن يضع حداً للهدر الكبير للزمن السياسي الذي رافقه تعطيل عمل مؤسستين دستوريتين هامتين، هما الحكومة والبرلمان"، وفق تعبيره.
ويعتبر مفيد أن "التحكيم الملكي مطروح بقوة، لأن الأمر لم يعد يقتصر على صراع وتنافس بين أحزاب سياسية، وإنما نتج عنه تعطيل عمل مؤسسات دستورية في ظل وضعية تتميز بالكثير من الرهانات والتحديات الوطنية والدولية"، على حد قوله. ورأى أن "الملك سيعمل على ممارسة التحكيم في إطار مقتضيات الدستور، إذ بإمكانه أن يطلب من رئيس الحكومة المكلف ورؤساء الأحزاب السياسية المعنية بالمشاورات الحكومية الرجوع للمفاوضات والخروج بصيغة متفق حولها".
ويبيّن زياني أنه "بدأت تلوح في الأفق عدة خيارات"، وسط تساؤلات حول "مدى إمكانية لجوء الملك إلى التحكيم". ويعتبر أن "إحداث أي تأويل يتجاوز النص الدستوري، ممثلاً في الفصل 47 (الذي ينص على أن الملك يعيّن رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدّر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها) من خلال اللجوء إلى الفصل 42، هو مسألة غير ممكنة ويجب استبعادها، طالما أن التحكيم ينطبق فقط على حالات وجود نزاع بين المؤسسات الدستورية وليس الأحزاب"، على حد تعبيره. ويلفت زياني إلى أنه "كانت هناك حالات سابقة لم يلجأ فيها الملك إلى التحكيم، بفعل غياب شروط تطبيقه"، مبرزاً أن السيناريو الممكن هو حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها، أو العمل على معالجة الخلافات بين مختلف الأحزاب، من أجل الوصول إلى حل وسط يرضي مختلف الأطراف، دون الدخول في سيناريو إجراء الانتخابات المكلفة مالياً وسياسياً، بحسب قوله.