مع انعقاد المؤتمرات حول المواقع الأثرية التي تتهدّدها الحروب في المنطقة العربية، والتي لا تفضي إلى تغيّرات ملموسة على الأرض رغم كثرتها، فإننا لا نشهد سوى الإعلان عن مزيد من الحقائق التي تخيّب الآمال.
في اجتماع المانحين لـ"الصندوق الدولي لحماية التراث الثقافي العالمي في مناطق الصراع"، والذي اختتم أمس في باريس، قدّم وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي فرياد رواندزي أحدث المسوحات التي تؤشّر على خسارات جديدة يقابلها بطء شديد في مواجهتها رسمياً.
أشار الوزير إلى فقدان أكثر من 15 ألف قطعة أثرية منذ احتلال العراق عام 2003، لكن قضية نهب الآثار وتهريبها أخذت منحى آخر مع استيلاء داعش على 4000 موقع أثري ومتحفين منذ حزيران/ يونيو 2014، حيث غدا الاتجار غير القانوني بمحتوياتها من أهم مصادر تمويل التنظيم.
وبيّن رواندزي أن هذه المواقع قد جرى تدميرها بنسبة 80%، حيث جرى تفجير تماثيل ومعابد مدينة الحضر المدرجة على لائحة التراث العالمي، وطال التدمير القصر الملكي ومعبد عشتار في مدينة نمرود، وشهدت أسوار وبوابات مدينة نينوى الآشورية تجريف وتهديم أغلب معالمها.
يُضاف إلى ذلك سرقة محتويات متحفَي الأنبار والموصل، وإحراق مكتبة الأخير التي تضمّ قرابة 2800 كتاباً ودورية متخصّصة في الآثار والتاريخ واللغات القديمة، كما أُحرقت مكتبة الأوقاف المركزية التي تحتوي 4479 مخطوطة، وثلاثة عشر مكتبة خاصة تتضمّن 1284 مخطوطة.
مقابل ذلك، لا تزال الإجراءات الرسمية بطيئة في المناطق التي تمّت استعادتها، بسبب ضعف الإمكانيات والخبرات حيث لم ينجز بعد المسح الشامل لتوثيق الأضرار وتقييمها، وكذلك تحليل ودراسة الوثائق والصور والمنشورات الخاصة بكل موقع لتأسيس منهج وقواعد للعمل في تأهيله، للبدء في أعمال الترميم والصيانة.
خطوات يكرّرها جميع المسؤولين الذين يمثّلون العراق في المؤتمرات الدولية، حيث الشكوى من قلّة المخصّصات المالية والحاجة إلى تدريب الكوادر المتخصّصة، والعمل السياسي والحقوقي من أجل استرداد القطع المنهوبة إلى خارج البلاد، لكن يبدو أنها مجرّد أمنيات ليست على رأس أولويات الحكومة.