اعتصمت عائلات أردنيين متهمين بـ"الإرهاب"، وموقوفين ومحكومين بتهم الانتماء أو الترويج أو تمويل تنظيمات إرهابية، اليوم السبت، وسط العاصمة عمّان، للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم، ووقف ما يقولون إنه "تعذيب ممنهج" يتعرضون له.
الاعتصام الأول من نوعه، دعت إليه اللجنة الشعبية للدفاع عن معتقلي الرأي (غير مرخصة)، ونفذ أمام الجامع الحسيني (وسط عمّان).
وأعقبت الاعتصام سلسلة اجتماعات عقدتها العائلات خلال الأشهر الماضية، لمناشدة الملك عبد الله الثاني التدخل في القضية، ووقف ما يصفونه بـ"الظلم الذي يتعرض له أبناؤهم، من ناحية الاعتقالات العشوائية، والاعترافات المنتزعة تحت التعذيب".
وفي هذا الصدد، وصف الأربعيني محمد الجعافرة، ما تعرض له إبنه سامر بـ"الظلم"، وحمل لافتة تحث الملك على إنصاف ابنه الذي حكم عليه في إبريل/نيسان الماضي بالسجن 6 سنوات بتهمة الترويج لتنظيم "داعش"، وقال "أيمكن لشخص غير ملتزم وغير متدين أن يروج لتنظيم إرهابي؟".
واعتقل سامر (27 عاماً)، في يوليو/تموز 2016 من قبل دائرة المخابرات، ومكث فيها 45 يوماً تحت التحقيق، قبل أن يُحال إلى المحكمة التي قضت بسجنه، على ما أفاد والده لـ"العربي الجديد".
وتابع "سامر بطل في رياضة الكارتيه، حصل على بطولة المملكة مرتين، وفي العام 2015 ساهم في إنقاذ عائلة من حريق منزل، ووجه له الدفاع المدني كتاب شكر. لا يعقل أن يكون إنسان مثله إرهابياً. ابني كان يهتم فقط بالرياضة ويفضلها على كل شيء".
وشنت الأجهزة الأمنية الأردنية حملات اعتقال واسعة على المنتمين للتيار السلفي، طاولت، في كثير من الأحيان، أشخاصاً لمجرد الاشتباه بهم، وذلك في أعقاب الهجوم الإرهابي على مدينة الكرك الجنوبية، في 18 ديسمبر/كانون الأول 2016.
وتبنى تنظيم "داعش" هجوم الكرك، الذي ذهب ضحيته 11 من عناصر الأمن والمدنيين وسائحة كندية، وانتهى بالقضاء على 6 إرهابيين نعاهم التنظيم.
وأحيطت حملات الاعتقال بسرية وتكتم كبيرين، وحتى اللحظة لم يعلن رسمياً عن عدد المعتقلين، وسط تقديرات حقوقية تشير إلى تجاوزهم الألف معتقل، حتى أن المركز الوطني لحقوق الإنسان (شبه حكومي) انتقد "توقيف أشخاص بأعداد غير مسبوقة على خلفية العملية الإرهابية في الكرك"، مشيراً إلى أن "كثيرين تم توقيفهم من دون أن يعلن عن ارتكابهم أي جرم محدد، ولم توجه لهم تهم، ولم تتم إحالتهم إلى القضاء".
وشدّدت محكمة أمن الدولة (عسكرية)، المختصة بقضايا الإرهاب، منذ مطلع العام الجاري أحكامها، لتراوح بين 6 سنوات و10 سنوات، في قضايا الانتماء أو الترويج أو تمويل جماعات إرهابية.
كذلك شارك في الاعتصام حسام شحادة، والد أحمد، الذي صدر أيضاً بحقه حكم بالسجن 6 سنوات لإدانته بتهمة الترويج لتنظيم "داعش".
وفي السياق، قال شحادة "اعتقل ابني داخل الحرم الجامعي، وهو في مرحلة التخرج من تخصص الكيمياء. الحكم على ابني دمر مستقبله ودمرنا".
وأمل الوالد خلال حديثة لـ"العربي الجديد"، بتدخل ملكي ينهي قضية ابنه، وفي انتظار أن يتحقق ذلك، تقدم باستئناف للحكم، متمنياً إلغاءه.
وتخشى عائلات معتقلين لم تصدر للآن أحكام بحقهم، أن يلاقوا مصير من صدرت بحقهم أحكام "قاسية"، على ما يصفون.
من جهته، قال عبد الجبار حسن، والد المعتقل أحمد: "بدأت محاكمة ابني قبل أيام، هو يواجه تهمة الترويج لداعش، أنا خائف أن يصدر ضده حكم ظالم".
واعتقلت دائرة المخابرات أحمد في مارس/آذار الماضي، قبل شهرين من تخرجه من الجامعة تخصص فيزياء، وحسب ما قال والده: "ابني فقد عقله خلال التحقيق معه في المخابرات. استمر التحقيق معه 45 يوماً، وعندما نقل إلى السجن تبين أنه لا يتذكر أي شيء، حتى أنه لا يتذكر أن له عائلة ويرفض لقاءنا خلال الزيارات".
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، بين أن ابنه أخرج من السجن للعلاج لمدة 20 يوماً قبل عرضه على المحكمة، وأكّد "هم الآن يحاكمون إنساناً غير متزن نفسياً وعقلياً".
وخلال الاعتصام الذي هدّد الأمن بفضه بالقوة واعتقال المشاركين فيه، رفع المشاركون صوراً للمعتقلين وعبارات تناشد الملك التدخل لحل القضية. وفيما ترفض الجهات الرسمية التعليق على القضية، تكتفي المصادر الأمنية بنفي تعرض أي من المعتقلين للتعذيب.
وشهد الأردن في العام 2011 اعتصامات سلمية للتيار السلفي "الجهادي" للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، قبل أن تتوقف الاعتصامات بعدما شهد اعتصام نُفذ في مدينة الزرقاء (20 كيلومترا شمال شرق عمان)، مواجهات بين المعتصمين ورجال الأمن.
لكن المشاركين في اعتصام العائلات ينفون انتماءهم للتيار السلفي الجهادي، ويؤكدون أن هدفهم "إسماع صوتهم وعرض قضية أبنائهم المظلومين"، على حد قولهم.