ازدياد الضغوط على بريطانيا لاستقبال اللاجئين

03 سبتمبر 2015
انتقادات واسعة لرفض كاميرون استقبال اللاجئين (Getty)
+ الخط -
يواجه ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، انتقادات لاذعة من سياسيين ومن عامّة الشعب، نتيجة رفضه فتح أبواب البلاد ‏‏لآلاف اللاجئين الهاربين من الحرب والاضطهاد في منطقة الشرق الأوسط. ‏وتزامن ذلك مع انتشار صورة الرضيع السوري ‏الذي مات غرقاً في تركيا، ما أجج غضب الرأي العام العالمي، وأدى إلى تزايد الأصوات المطالبة باستقبال دول ‏أوروبا ‏المزيد من ‏اللاجئين السوريين.

على الصعيد الرسمي، طالب زعماء الأحزاب السياسية من كاميرون، التراجع عن موقفه المتشدّد، والموافقة على أن تأخذ بريطانيا ‏‏حصّتها العادلة من اللاجئين. وبرزت حملة شعبية تنظّم مظاهرات وعرائض، تطالب الحكومة البريطانية بمعالجة مسألة أكبر ‏‏هجرة جماعية للبشر، منذ الحرب العالمية الثانية.‏

أمّا إيفيت كوبر، وزيرة داخلية الظل، والمرشّحة لزعامة حزب العمّال فاتّهمت كاميرون بإدارة ظهره لأسوأ أزمة هجرة. وقالت إنّ ‏‏الأمّهات يسعين بمحاولات يائسة إلى إنقاذ أطفالهنّ من الغرق حين تنقلب القوارب بهنّ، ولا يمكن تجاهل ذلك وترك الناس ليختنقوا ‏‏داخل الشاحنات على أيدي عصابات شريرة، ومشاهدة جثث الأطفال على الشواطئ.

وأضافت: "ينبغي أن تتحرّك بريطانيا، لأنّ ما ‏‏يحدث يفطر القلوب، وينبغي القيام بالمزيد". وفي محاولة منها لإيجاد حلّ للأزمة، دعت إلى استقبال كلّ منطقة في بريطانيا ‏‏عشر عائلات على الأقل، ما يعني قبول نحو 10 آلاف لاجئ. ‏

في المقابل، ردّ كاميرون، أمس الأربعاء، بأنّ استقبال المزيد من اللاجئين لا يمثّل الجواب أو الحلّ. وأكمل أنّه من المهم إحلال ‏‏السلام والاستقرار في مناطق النزاع عوضاً عن أخذ المزيد من اللاجئين.‏

إلى ذلك، أيّد عدد من نوّاب حزب المحافظين استقبال بريطانيا آلاف اللاجئين، وليس المئات فقط. ومنهم جوني ميرسر، نائب في ‏‏حزب المحافظين، الذي قال إنّ الأمهات اللواتي يحاولن إنقاذ أطفالهن من الغرق لا ينبغي أن يعتقدن أنّ بريطانيا مكان لا يرحّب ‏‏بهن.‏

من جهتها، دعت الكنيسة الكاثوليكية وشخصيتين من المتنافسين على زعامة حزب العمّال، كاميرون إلى بذل المزيد من ‏‏الجهود في قضيّة المهاجرين.‏

وعبّر الكاردينال فنسنت نيكولاس، رئيس الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز، عن استيائه، واصفاً مشاهد اللاجئين بوصمة ‏عار، ‏حين تترك الناس لتموت وتشاهد الجثث على الشواطئ، في وقت تتمتّع فيه أوروبا بالثراء والقدرة على إيجاد حل للأزمة. ‏‏وأضاف أنّ هؤلاء اللاجئين هم أشخاص يسعون جاهدين من أجل إنقاذ أسرهم من كبار السن والشباب والأطفال. وأكمل أنّها ‏مأساة ‏إنسانية صارخة ينبغي أن نكون فيها أكثر سخاء.‏

اقرأ أيضا: أكثر من مئة ألف طالب لجوء دخلوا ألمانيا بأغسطس

وفي السياق نفسه، توقّع بعض كبار حزب المحافظين، أن يبدّل كاميرون موقفه بعد مشاهدته صور الطفل المؤلمة الذي جرفته ‏‏الأمواج إلى شواطئ تركيا. ولا يخفى على كاميرون وتيريزا ماي وزيرة الداخلية مواجهتهما المزيد من الضغوط المتعلّقة ‏بمسألة ‏الهجرة حين ينعقد البرلمان في الأسبوع المقبل. ‏

على الرغم من ازدياد الضغوط على حكومة كاميرون وارتفاع حدّة التوتر السياسي بشأن مسألة اللاجئين، ونعته بعديم الشفقة ‏‏وغيرها من الصفات اللاإنسانية، لا زال يرفض الانضمام إلى أي برنامج إعادة توطين للاجئين على نطاق أوروبا، لاعتقاده أنّ ‏‏انخراط بريطانيا في مخطّط واسع النطاق سيشكّل نقطة جذب لمهاجرين آخرين، وسيصبح من المستحيل التمييز بين المهاجرين ‏‏لأسباب اقتصادية واللاجئين هرباً من الحروب. ‏

وقالت مصادر حكومية لـ"بي بي سي" إنّ الدعوات لاستقبال المزيد من اللاجئين في بريطانيا لن تلقى آذاناً صاغية، كما كشفت ‏‏أنّ بريطانيا قبلت، في العام الماضي، 216 شخصا في إطار خطة لنقل اللاجئين الأكثر ضعفاً، ومنحت حق اللجوء إلى نحو خمسة ‏‏آلاف سوري خلال السنوات الأربع الماضية، وأنفقت 900 مليون جنيه إسترليني على مساعدات في سورية ودول الجوار. ‏

من جانبه، قال بيتر ساذرلاند، الممثل الخاص للأمم المتحدة حول الهجرة الدولية، إنّ بعض الدول الأوروبية باستطاعتها تحمّل ‏‏عبء اللاجئين على نطاق أوسع. ولفت إلى أنّ بريطانيا هي إحدى تلك الدول التي بإمكانها بذل المزيد من الجهود التي تتناسب ‏‏وحجمها، في وقت استقبلت فيه ألمانيا والسويد وفرنسا وإيطاليا أعداداً أكبر من اللاجئين. وأشار إلى أنّ الحلّ الوحيد لتلك المسألة ‏‏الإنسانية يكمن في تعاون أوروبي موحّد تتشارك فيه المسؤوليات. ‏

في المقابل، ردّ أندرو ميتشيل، سياسي من حزب المحافظين ووزير سابق، أنّ بريطانيا قدّمت مساعدات إنسانية طائلة إلى ‏‏سورية وغيرها، والمبالغ المادية التي قدّمتها بريطانيا تفوق جميع مساعدات دول أوروبا المالية.‏

اقرأ أيضا: تحذيرات أوروبية من انهيار الحدود وتحميل اللاجئين المسؤولية

المساهمون