إلى أين تتجه أسعار النفط بعد وصولها 65 دولاراً؟

16 يونيو 2015
مستقبل قاتم لسوق النفط (أرشيف/Getty)
+ الخط -

إلى أين تتجه أسعار النفط خلال ما تبقى من العام الجاري؟ وهل سيستمر هذا التحسن الذي شهدته أسعار الخام فوق 64 دولاراً لخام برنت وفوق 60 دولاراً لخام غرب تكساس؟.
 
أسئلة عديدة تشغل بال الأسواق العالمية وتجار النفط والشركات والدول المنتجة، ولكن لا توجد إجابات شافية تقابلها من معطيات أساسية للعرض والطلب أو حتى المضاربات التي تحكم الأسعار.

حتى الآن هنالك شبه قناعة بين خبراء النفط وممثلي الصناعة النفطية بأن التدهور الأسوأ في أسعار النفط أصبح في حكم الماضي، وأن أسعار النفط مقبلة على تحسن أكثر أو على الأقل الثبات فوق حاجز 65 دولاراً للبرميل.

ولكن هل مثل هذه التوقعات صحيحة؟ وهل تدعمها أسس العرض والطلب؟ وإلى أي مدى يمكن القول إن ما حدث من تحسن سعري مرتبط بالمضاربات في أسواق الطاقة، أكثر منه مرتبطا بأسس العرض والطلب؟.

في هذا التحليل تستعرض "العربي الجديد" مستقبل توجهات الأسعار في الفترة المقبلة، هنالك عوامل عديدة تحكم تحركات أسعار النفط.

الأول هو كميات الإنتاج والاستهلاك العالمي التي يطلق عليها أسس العرض والطلب.

والثاني مضاربات التجار على عقود النفط المستقبلية التي تجرى في الأسواق الرئيسية، وهي بورصة وول ستريت ولندن وسنغافورة وطوكيو.

أما العامل الثالث، والذي بات مهماً في الآونة الأخيرة، فهو عامل الجغرافيا السياسية في مناطق إمدادات الطاقة الرئيسية. ويمكن القول إن هناك عاملا رابعا، أصبح مهماً في الآونة الأخيرة، بعد تزايد الوعي العالمي بمخاطر التلوث البيئي والحاجة للمحروقات النظيفة في توليد الكهرباء والسيارات.

بناءً على هذه العوامل يسعى خبراء الطاقة لقراءة مستقبل أسعار النفط، حيث يقول البروفسور، ليونارد موغيري ، كبير خبراء الطاقة في جامعة هارفارد، في تعليقات بعثها لـ "العربي الجديد"، إن لديه شكوكا حول احتمال استمرار المستويات الحالية من الأسعار، لأن ما حدث من ارتفاع في الأسعار حدث بسبب المضاربات في السوق النفطية، ولا تدعمه أسس العرض والطلب.

ويشير موغيري في هذا الصدد إلى أنه "صحيح أن الطلب العالمي على النفط ارتفع خلال العام الجاري، ولكن ليس بمعدل كبير يبرر الارتفاع الحالي في الأسعار، كما أن العرض يواصل التمدد".

اقرأ أيضاً: مستقبل قاتم للنفط

على صعيد المعروض النفطي تلاحظ وكالة الطاقة الدولية أن الدول النفطية داخل وخارج منظمة البلدان المصدرة للنفط، "أوبك"، تنتج بأقصى طاقاتها. فالسعودية رفعت إنتاجها هذا العام إلى 10.3 ملايين برميل يومياً، مقارنة بإنتاج يقل عن 9.8 ملايين برميل يومياً في العام الماضي. كما أن هناك زيادة في إنتاج النفط العراقي والكويتي والإماراتي والليبي.

ورغم أن سقف إنتاج "أوبك" محدد بـ30 مليون برميل يومياً، فإن إحصاءات إنتاج المنظمة الأخيرة تشير إلى أنها تفوق 31 مليون برميل يومياً.

ولكن زيادة المعروض النفطي في العالم حالياً، لا يأتي للأسواق فقط من "أوبك"، فالدول والشركات خارج المنظمة تنتج بطاقتها القصوى، فهناك ارتفاع في إنتاج شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة، رغم الانخفاض المستمر في عدد المنصات النفطية التي تتوقف. وتشير البيانات الأميركية إلى زيادة في إنتاج النفط الكندي.

وأصبحت روسيا تنتج حالياً 10.8 ملايين برميل يومياً. وبالتالي، فإن التخمة النفطية التي أحدثت انهيار أسعار النفط لم تنته بعد، ولا يمكن القول إن التحسن الذي طرأ على الأسعار حدث لأسباب متعلقة بإنقاص المعروض.

وعلى صعيد الاستهلاك العالمي على النفط، ارتفع حجم الطلب العالمي وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية الصادرة الخميس الماضي، حيث قالت الوكالة إن الطلب العالمي على النفط سيزيد أكثر بكثير من المتوقع هذا العام في علامة جديدة على أن هبوط أسعار الخام يساهم في زيادة استهلاك الوقود.

ورفعت الوكالة في تقريرها الشهري توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2015 بواقع 280 ألف برميل يومياً إلى 1.40 مليون برميل يومياً ليصل حجم الطلب هذا العام إلى نحو 94 مليون برميل يومياً.

وفي الواقع، فإن هذه الزيادة في الطلب العالمي المقدرة بحوالي 1.4 مليون برميل يومياً تقل عن زيادة المعروض النفطي من إنتاج السعودية والعراق والنفط الصخري. وبالتالي، فإن التحسن الذي طرأ على الأسعار النفطية لا يمكن أن يعزى إلى التحسن في الطلب، الذي يقل عن الزيادة في المعروض. ويبقى العامل الثالث، الخاص بالمضاربة في أسواق الطاقة.

يقول البروفسور موغيري إن المضاربة على خامات النفط في العقود المستقبلية تقودها عادة نظرية القطيع، أكثر من كونها تحدث بسبب دراسات علمية.

وهذا صحيح إلى حد بعيد، لأن الشركات تقلد بعضها بعضاً في الدخول والخروج من السوق.
لكن يلاحظ أن التصريحات الإيجابية التي أدلى بها فاتح بيرول، كبير اقتصاديي وكالة الطاقة الدولية، كانت ذات أثر على نفسيات المضاربين وساهمت في رفع الأسعار. ولكن عامل المضاربات لا يمكن الركون إليه في تحديد الأسعار.

اقرأ أيضاً:
تدهور النفط يضرب اقتصادات العالم
تقرير كويتي يحذر من استمرار تهاوي أسعار النفط
السعودية تتوقع أن يفقد النفط أهميته قبل 2050

المساهمون