أهلاً رمضان

16 يونيو 2015
لكنّه استثمار ناجح في ما يبدو (Getty)
+ الخط -
غداً، وربما بعده، أو ما بعده، يحلّ شهر رمضان، بحسب الاختلافات المعتادة بين الطوائف حول تحديد رؤية الهلال، والتي ستتكرر مجدداً مع انتهاء الشهر، وتحرّي هلال العيد.

من جهة، فإنّ الشهر المعروف بأنه شهر الرحمة، لا يبدي فيه أحد رحمته. فعلى الصعيد السياسي العربي الوضع مأزوم تلفّه حروب أكثر من حروب رمضان الماضي. والقتل يأخذ أشكالاً أكثر إبداعاً، أو تستعيد بعض الأصول الغنية من التراث. وربما "يشفع" للمتحاربين ممن يتعمدون القتل والتنكيل والتعذيب أنّ رمضان ليس من الأشهر الحرم، وبذلك "لا ذنب" عليهم في القتال فيه ومتابعة القتل، مع إيمان كلّ منهم بقضيته واستناده إلى النصوص اللازمة التي تمنحه مفتاح الجنة وترسل ضحيته إلى النار.

ومن جهة أخرى، فإنّ شهر رمضان أيضاً درج الأقدمون والمعاصرون على إطلاق صفة الكريم عليه. هو يبدو كريماً فعلاً في بعض المناطق في الدول الإسلامية من دون سواها. بل يقتصر كرمه على بعض الفئات فقط في تلك المجتمعات، مع تركز رؤوس الأموال في يد نسبة قليلة من كلّ شعب.

وهو يبدو كريماً أيضاً على بعض الجمعيات التي تستغله من أجل تحقيق مآربها، و"شفط" التبرعات من جيوب قد تكون أكثر حاجة منها. تلك الجمعيات تنظم كلّ عام حملاتها وتنفق الكثير من الأموال في ذلك، لا سيما في الإعلانات التلفزيونية والاذاعية والصحافية، ورقية وإلكترونية. بالإضافة إلى اللافتات الإعلانية الحديدية والبلاستيكية وغير ذلك مما ينتشر في العواصم والمدن الكبرى من مجسمات. لكنّه استثمار ناجح في ما يبدو مع استمرار الحملات عاماً بعد عام وعودتها بحلل جديدة تزداد ألوانها وأضواؤها وأعداد سنواتها.

بعض تلك الجمعيات، وخصوصاً المعنية بالفئات المهمشة من أيتام وعجزة وأشخاص معوقين، لا تتوانى عن استغلال هؤلاء الأشخاص في حملاتها.. وغالباً ما يتعرض الأطفال خصوصاً لمثل هذا الاستغلال من دون أن تكون لهم حرية الاختيار. بل قد يظنها الطفل لعبة مسلية أو مكافأة، بصوره البريئة التي ستنتشر على الطرقات فوق كلمات تحث على العطاء والصدقة والزكاة. لكنّ الأغرب أنّ الطفل لن يتسنى له أن يرى صورته تلك مع ما تتسم به تلك الجمعيات من عزل لهؤلاء الأشخاص. فهم بذلك ليسوا أكثر من مصدر دعاية تستغلهم كلما أتيح لها ذلك.

وفي شهر رمضان الذي يغالب العطش بطقسه العربي الحار منذ سنوات، ولسنوات مقبلة أخرى، هناك صائمون من الكبار والصغار، يصعب عليهم الصيام إلى أقصى حد. هم أولئك اللاجئون والنازحون السوريون داخل بلادهم وخارجها. أولئك الذين لاقوا قسوة الشتاء وعواصفه، ويستعدون لقسوة الصيف الرمضاني.

إقرا أيضاً: دعوة للإسلام
المساهمون