تستقبل الإسكندرية شهر رمضان، وقد اكتست شوارع هذه المحافظة الواقعة شمال مصر وشرفات منازلها وواجهات محالها بالزينة المتنوعة لا سيّما الفوانيس. هكذا اعتاد المواطنون هنا الاحتفاء بهذا الشهر الكريم، والتعبير عن فرحتهم بحلوله.
وكما في كل عام، راح أهالي كل حيّ، خصوصاً الأطفال وأصحاب المحلات، يتسابقون في ابتكار أفكار وطرق لتعليق الزينة الرمضانية والرسوم المزخرفة، بمختلف أشكالها وألوانها وأحجامها على النوافذ وفي الطرقات والساحات العامة.
وبالرغم من تأكيد مواطنين وتجار زينة على أن الإقبال على شراء الزينة الكهربائية المصرية أو تلك الصينية تراجع كثيراً مقارنة بالسنوات الماضية نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، فإن كثيرين يحرصون على تعليقها متحدّين قرارات الحكومة التي تحظرها تحت طائلة مصادرتها. فهذه العادات التي تتوارثها الأجيال، تضفي جواً من البهجة في قلوب الصغار والكبار على حد سواء.
وكان المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة قد أشار في تصريحات صحافية، إلى أن ثمة تعليمات مشددة أعطتها الوزارة لشرطة الكهرباء، بهدف محاربة ظاهرة الزينة والأنوار التي تعلّق في الشوارع في شهر رمضان وتوصل بأعمدة الإنارة العامة. أضاف إن أي مخالف يضبط، سوف تفرض عليه شرطة الكهرباء غرامة مالية، وفي حال عدم الدفع يُحبس.
بالنسبة إلى الحاج عبد العال مصطفى من سكان حي القباري (غرب الإسكندرية)، فإن "زينة رمضان جزء لا يتجزأ من الاحتفال بالشهر الكريم. هي عادة أصيلة لا يخلو بيت ولا شارع منها، وقد تطوّرت مع الوقت من مواد بسيطة إلى أشكال ومجسمات مستحدثة من قبيل الزينة الصينية المشهورة بإضاءتها المبهرة". ويلفت إلى أن "المظاهر الاحتفالية للترحيب بالضيف العزيز لا تُحصر بالصغار. وزينة رمضان أصبحت مصدر رزق لعدد كبير من التجار الذين تخصصوا في بيع المجسمات والأشكال الهندسية والإسلامية المضيئة، إلى جانب الفوانيس واللوحات الملونة التي خطت عليها آيات قرآنية، وغيرها".
اقرأ أيضاً: شهر حزين في اليمن
منال حمدي مدرّسة في مديرية التربية والتعليم، تقول: "أحرص في كل عام على شراء بعض الأدوات والأوراق الملونة التي تستخدم في تصنيع زينة رمضان من محلات الجملة، وأساعد أولادي على ابتكار أشكال تضفي جواً من الفرح. هكذا يشعرون بروحانية هذا الشهر". وتشير إلى أنه "بالرغم من الاستعدادات في الشوارع والأسواق، إلا أن رمضان هذا العام يحلّ أقل بهجة من الأعوام الماضية بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية. كأن الفرحة أصبحت صعبة على مصريين كثيرين". وتشدّد على أنها مثل غيرها من المصريين، يستحيل أن تبخل على أبنائها بالتقليد السنوي، بالتالي لا بدّ من تعليق الزينة الرمضانية هذا العام مهما كانت الأعباء.
ويتّفق معها مروان سعيد وهو موظف، فيقول إن "زينة رمضان التي اعتاد الأطفال والشباب شراءها في الأسبوع الأخير من شهر شعبان، تحوّلت من فرحة إلى عبء جديد يضاف إلى كاهل رب الأسرة الذي أرهقته مصاريف الحياة بشكل عام ومصاريف الاستعداد لشهر رمضان من مواد غذائية وغيرها". ويلفت إلى أن أسراً مصرية كثيرة اعتادت تعليق فروع من زينة رمضان على الشرفات والنوافذ والطرقات وفي وسط الشوارع قبل حلول الشهر الفضيل، في طقس مجتمعي يثير البهجة والسرور في قلوب مختلف الأجيال. لكن مع الغلاء، خلت شوارع كثيرة منها".
من جهته، يرى حامد عطيه وهو محامٍ أن "الحالة المزرية التي تعيشها معظم البيوت المصرية من الناحية الاقتصادية، جعلت من الزينة والفوانيس وغيرها رفاهية". يضيف أن أكثر ما يشغل باله حالياً هو كيفية توفير مستلزمات البيت الرمضانية من مأكل ومشرب وخلافه.
أما الحاج عمر عبد الدايم أحد بائعي الزينة في وسط الإسكندرية، فيقول إن "زينة رمضان تعدّ بمثابة العلامة التي تدلنا على اقترابه. ونحن نستعدّ له قبل فترة طويلة لمواكبة التغيّرات وتحضير كل ما هو جديد". ويوضح أن "الزينة تغيرت كثيراً. فبعدما كنا نصنعها من الورق أو المواد المستعملة، فهي تستورد حاليا من الصين جاهزة مصنعة من مواد بلاستيكية أو أخشاب أو معادن متعددة الأشكال والألوان وبأسعار متفاوتة. ويقبل عليها عدد كبير من ذوي الدخل المحدود وكذلك الأغنياء. لكن السوق يبقى راكداً". يضيف أنه كان يبيع قبل سنوات كميات كبيرة من الزينة في الأسبوعين الأخيرين من شعبان والأسبوع الأول من رمضان، "إلا أنني في الوقت الحالي لا أعرف إذا كانت ستباع أو أنني سأمنى بخسارة مالية جديدة تزيد من تراجع تجارتي".
اقرأ أيضاً: العراقيّون يتمسّكون بالمحلبي