أفضل عائد على الاستثمار في التاريخ

16 يناير 2019
ماكينزي ستحصل على 68 مليار دولار من بيزوس(Getty)
+ الخط -

قبل أقل من عام، أعلنت شركة تويز آر أس Toys R Us الشهيرة للعب الأطفال أن خطتها لإعادة هيكلة الشركة، ومنعها من إشهار إفلاسها، فشلت، بعد أن تجاوزت مديونيتها خمسة مليارات من الدولارات، نتيجة لعدم تحقيق الشركة أية أرباح طوال السنوات الأربع الأخيرة.

وقالت الشركة إن توجه العملاء نحو التسوق الإلكتروني، من خلال شركات مثل أمازون، كما توجههم نحو الشركات التي تبيع لعب الأطفال زهيدة الثمن، تسبب في خسائر فادحة للشركة، واضطرها إلى اتخاذ قرار بالخروج من السوق.

لم تكن "تويز آر أس" الشركة الوحيدة التي حدث معها ذلك، ولم تكن أمازون هي السبب الوحيد لخسارتها، إلا أنها بالتأكيد كانت عاملاً مهماً ساهم في هدم العديد من الشركات التي تأسست وعملت لسنوات وحققت أرباحاً ضخمة، قبل أن تتسبب أمازون مؤخراً في خروجها من السوق، أو في أحسن الأحوال حرمانها من أرباحٍ طائلة.

ولشركات مثل سيرز، وماسيز، واتسي وبارنز آند نوبل قصص مشابهة مع أمازون، وإن لم يصل بعضها إلى حالة الإفلاس التام.

أسس جيف بيزوس شركة أمازون قبل 25 عاماً كمكتبة يمكن الشراء منها على الإنترنت، قبل أن تتجه إلى عرض مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات، ومنها ما لم يكن معروفاً من قبل. وأخذت الشركة منذ ذلك الوقت في التوسع وتقديم الخدمات المتعددة، حتى أصبحت حالياً أكبر شركة تبيع منتجاتها على الإنترنت في العالم، كما تعد أكبر شركة تقدم خدمات الحوسبة السحابية cloud computing.

وخلال أشهر الصيف الماضي، ارتفعت قيمة سهم أمازون بصورة كبيرة، ضمن أغلب أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، حتى تجاوزت القيمة السوقية للشركة مبلغ تريليون دولار (ألف مليار أو مليون مليون) دولار، قبل أن تنخفض مؤخراً بفعل توترات الحرب التجارية الأميركية مع شركائها التجاريين، كما ظهور علامات تباطؤ الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الصيني بصفة خاصة، لتستقر عند مستوى يتجاوز قليلاً ثمانمائة مليار دولار، وليكون بيزوس أغنى رجل في العالم، نتيجة لامتلاكه 16% من الشركة، بحجم ثروة يتجاوز 137 مليار دولار، وفقاً لتقديرات يناير/ كانون الأول 2019.

وبعد أكثر من 25 سنة من الزواج، وأربعة من الأبناء، أحدهم بالتبني، أعلن بيزوس وزوجته ماكينزي نيتهما الانفصال مطلع العام الحالي، وقالا في "بيان" مشترك على منصة تويتر للتواصل الاجتماعي إنهما اتفقا على الطلاق "بعد فترة طويلة من استكشاف الحياة في حب والانفصال التجريبي"، ليستكملا حياتهما المشتركة في العديد من النواحي كأصدقاء.

والتقى الصديقان لأول مرة قبل زواجهما عندما كان بيزوس يعمل في أحد صناديق التحوط بنيويورك، وجاءت ماكينزي لإجراء مقابلات بحثاً عن وظيفة في الصندوق، فكان بيزوس أول من قابلها، الأمر الذي أتاح له أن يطلع على سيرتها الذاتية قبل أن يتعارفا، ومهد في النهاية إلى زواجهما، بعد ثلاثة أشهر من أول لقاء جمع بينهما، والذي أعلنا أنهما رغم نهايته الحزينة، لم يكونا ليترددا في إتمامه حتى بعد علمهما بما سيؤول إليه بعد ربع قرنٍ من الزمان.

وتفرض ولاية واشنطن، التي يعيش فيها الزوجان اللذان أصبحا مجرد صديقين، أن يتم اقتسام أي ثروات يتم تحقيقها خلال الزواج بين الطرفين حال طلاقهما، وهو ما يعني أن ماكينزي ستحصل على أكثر من 68 مليار دولار، تمثل حوالي 8% من قيمة شركة أمازون، التي شاركت ماكينزي في أولى خطوات مسيرتها الرائعة، ولتكون ثروتها مساوية لعشرة أضعاف ثروة الملكة إليزابيث ملكة إنكلترا.

وفي محاولة ربما لتأكيد استحقاقها كل ذلك المبلغ، تقول ماكينزي التي تشتغل بالكتابة حالياً إنها كانت موجودة عندما خطَّ بيزوس خطة العمل ودراسات الجدوى لإنشاء أمازون قبل 25 عاماً، وإنها عملت معه في مراحل الشركة الأولى في جراج منزلهما، وإنها شهدت استخدام "بدروم" منزلهما مخزناً للبضائع التي كانا يبيعانها، وإنها كانت تشم رائحة الشواء في المكاتب، بعد أن كانا يضطران للبقاء فيها لساعات طويلة، وإنها ما زالت تتذكر ضغط العمل خلال ساعات الذروة في أيام عطلات أعياد الميلاد التي كانت الطلبات فيها من الشركة لا تتوقف للحظة، كما تؤكد أنها حضرت المؤتمرات الصحافية للشركة في مراحلها الأولى، والتي كانت تشهد تكدس الصحافيين المبهورين بأداء ونمو أعمال الشركة. 

ورصد بعض الخبثاء ما حققته ماكينزي خلال رحلة الخمسة وعشرين عاماً، من خلال تطور سعر سهم أمازون من اللحظة التي تزوجت فيها جيف بيزوس، قبل تأسيس الشركة، إلى لحظة اتخاذ قرار الطلاق، التي جاءت مع وصول سعر السهم إلى مستوى 1652 دولاراً، الأمر الذي جعل قرار زواجها من بيزوس أحد أفضل القرارات التي اتُخذت على المستوى الفردي من أي شخص في العالم، بعد أن حققت أعلى عائد على استثمارها خلال الخمس وعشرين سنة الماضية.
وكنتيجة طبيعية لاقتسام حصته في الشركة مع طليقته، تنخفض حصة بيزوس إلى 8% من رأسمال الشركة، إلا أنهما يظلان مشتركين في امتلاك الحصة الكبرى في الشركة، كلٌ على حدة، إذ لا تتجاوز حصة أقرب منافس لهما نسبة 5% من قيمة الشركة، لكن من المرجح أن يؤثر ذلك الانخفاض على دور جيف بيزوس، الذي يشغل حالياً وظيفة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي، في الشركة.

لا يعرف أحد حتى الآن على وجه اليقين إذا كان ذلك ما سيحدث عند إتمام الطلاق، أو إن كان الزوجان قد اتفقا على شيءٍ آخر، خاصةً أن لهما بيوتاً في أكثر من ولاية أخرى، قد تكون لها تشريعات مخالفة، لكن الحقيقة المؤكدة هنا هي ما سبق وأخبرنا به أحدهم، ومن فرط سذاجتنا اعتبرناه مخطئاً واتخذناه سخرياً، وهو أنه لا جدوى من دراسات الجدوى، وأن الأقدار تمنح البعض أحياناً أكثر كثيراً مما نتصور أنهم يستحقون.
دلالات
المساهمون