يبدو أنّ الإغلاق المفاجئ لصحيفة "الصريح" اليومية لن يكون النهاية الختامية للأزمة التي تتخبط فيها الصحافة الورقية التونسية، بل إنّ الأمر قد يزيد استفحالاً، مع تعبير عددٍ من مالكي الصحف عن تذمرهم من الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها القطاع، والمهدد أصلاً بالتلاشي إذا لم تقم الحكومة التونسية بخطوات عمليّة من أجل إنقاذه وإنقاذ العاملين فيه.
فالكلّ بات يعلم أن الصحافة الورقية في تونس شهدت تراجعاً مفزعاً منذ سنة 2010. إذ انخفض عدد المطبوعات من 255 نشرية إلى 50 سنة 2018، والرقم مرجح تراجعه.
أسباب إغلاق الصحف الورقية لأبوابها مثل "الصريح" و"المجهر" و"التونسية" و"الأولى التونسية"، أو مراجعة دورية الصدور، مثلما فعلت صحيفة "أخبار الجمهورية" التي تحولت من أسبوعية إلى مجلة شهرية، لخصها البيان الذي أصدرته إدارة صحيفة "الصريح" يوم الاثنين 2 نيسان/ أبريل، بالقول إنّها اضطرَّت إلى إغلاق الصحيفة "جراء المصاعب الكبرى التي تعرفها الصحافة المكتوبة في تونس والعالم، بسبب الغلاء المشط في أسعار المواد الأولية لصناعة الصحيفة من ورق وحبر وألواح طباعة، بالإضافة إلى تدهور سعر الدينار والأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها بلادنا، الأمر الذي عمّق أزمة كل الصحف التونسية بشكل خطير وغير مسبوق، ودفع بالعديد منها إلى التوقف عن الصدور".
وترى جمعية مديري الصحف تلك الأسباب "معقولةً"، إذ سبق وصرح رئيس الجمعية ومالك مجلة "حقائق"، الطيب الزهار، بأنّ قطاع الصحافة الورقية يعاني من صعوبات مالية كبرى نتيجة تراجع المبيعات، إذ لا يتجاوز عدد النسخ التي تباع يومياً في السوق التونسية 100 ألف نسخة، وهو رقم ضعيف جداً، نتيجة منافسة المواقع الإلكترونية وعزوف التونسيين عن القراءة الورقية. الأمر الذي أدى إلى تراجع الإعلانات التجارية. وقدر مكتب "سيغما كونساي" المختص في سبر الآراء وقيس نسب الاستماع والمشاهدة أنّ الحجم المالي للإعلانات التجارية في الصحف الورقية سنة 2017 لم يتجاوز 16.2 مليون دينار تونسي (6.75 ملايين دولار أميركي)، وهو رقم ضعيف جداً يمثل أقل من 7 بالمائة من حجم الحقيبة المالية المخصصة للإعلانات التجارية في وسائل الإعلام التونسية والمقدرة بنحو 241.1 مليون دينار تونسي (100 مليون دولار أميركي).
اقــرأ أيضاً
ودفع هذا الوضع المتدخلين في قطاع الصحافة الورقية، من عاملين ونقابات إلى دعوة الحكومة التونسية إلى التدخل والمساعدة في إخراج الصحافة الورقية من أزمتها، وهو ما تعهّدت به حكومة الحبيب الصيد ومن بعدها حكومة يوسف الشاهد الحالية. لكنّ كلّ تلك الوعود بقيت دون تحقيق أيّ تقدم ملموس في سبيل إنقاذ القطاع، خصوصاً أمام استفحال أزمته وإمكانية سقوط مؤسسات كبرى من قبيل "دار الصباح" و"لا برس" في أزمة قد تعصف بكيانهما، رغم ما يمثلانه من ثقل في الواقع الإعلامي التونسي.
هذه الأرقام والمعطيات المفزعة لا تحجب سعي بعض مالكي الصحف إلى التخلص من مؤسساتهم التي لا تحقق أرباحاً كبرى مثلما يتوقعون، لكنها في المقابل لا تتسبب في خسائر هائلة لهم، كما يصرحون. وهو ما أشار إليه الإعلامي طارق الغديري العامل بصحيفة "الصريح" الذي استغرب أن المؤسسة ادعت الإغلاق بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها، في حين بمجرد تصفحها تجدّ أكثر من خمس مؤسسات مالية وتجارية كبرى تدفع الإعلانات التجارية للصحيفة، مشككاً بذلك في مصداقية الحجج التي يسوقها مالكو الصحيفة والمتمثلة في الأزمة المالية الخانقة.
الصحافة الورقية في تونس قطاع مشغّل، وهو ما تؤكّده النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام. وهو ما يوجب أيضاً البحث عن حلول عملية لإنقاذ هذه المؤسسات وإنقاذ العاملين فيها، خصوصاً في ظل ارتفاع عدد العاطلين عن العمل من خريجي معهد الصحافة وعلوم الأخبار في تونس. ولكن في انتظار هذه الحلول المنقذة، يسير القطاع في طريق الانهيار بخطواتٍ سريعة.
أسباب إغلاق الصحف الورقية لأبوابها مثل "الصريح" و"المجهر" و"التونسية" و"الأولى التونسية"، أو مراجعة دورية الصدور، مثلما فعلت صحيفة "أخبار الجمهورية" التي تحولت من أسبوعية إلى مجلة شهرية، لخصها البيان الذي أصدرته إدارة صحيفة "الصريح" يوم الاثنين 2 نيسان/ أبريل، بالقول إنّها اضطرَّت إلى إغلاق الصحيفة "جراء المصاعب الكبرى التي تعرفها الصحافة المكتوبة في تونس والعالم، بسبب الغلاء المشط في أسعار المواد الأولية لصناعة الصحيفة من ورق وحبر وألواح طباعة، بالإضافة إلى تدهور سعر الدينار والأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها بلادنا، الأمر الذي عمّق أزمة كل الصحف التونسية بشكل خطير وغير مسبوق، ودفع بالعديد منها إلى التوقف عن الصدور".
وترى جمعية مديري الصحف تلك الأسباب "معقولةً"، إذ سبق وصرح رئيس الجمعية ومالك مجلة "حقائق"، الطيب الزهار، بأنّ قطاع الصحافة الورقية يعاني من صعوبات مالية كبرى نتيجة تراجع المبيعات، إذ لا يتجاوز عدد النسخ التي تباع يومياً في السوق التونسية 100 ألف نسخة، وهو رقم ضعيف جداً، نتيجة منافسة المواقع الإلكترونية وعزوف التونسيين عن القراءة الورقية. الأمر الذي أدى إلى تراجع الإعلانات التجارية. وقدر مكتب "سيغما كونساي" المختص في سبر الآراء وقيس نسب الاستماع والمشاهدة أنّ الحجم المالي للإعلانات التجارية في الصحف الورقية سنة 2017 لم يتجاوز 16.2 مليون دينار تونسي (6.75 ملايين دولار أميركي)، وهو رقم ضعيف جداً يمثل أقل من 7 بالمائة من حجم الحقيبة المالية المخصصة للإعلانات التجارية في وسائل الإعلام التونسية والمقدرة بنحو 241.1 مليون دينار تونسي (100 مليون دولار أميركي).
ودفع هذا الوضع المتدخلين في قطاع الصحافة الورقية، من عاملين ونقابات إلى دعوة الحكومة التونسية إلى التدخل والمساعدة في إخراج الصحافة الورقية من أزمتها، وهو ما تعهّدت به حكومة الحبيب الصيد ومن بعدها حكومة يوسف الشاهد الحالية. لكنّ كلّ تلك الوعود بقيت دون تحقيق أيّ تقدم ملموس في سبيل إنقاذ القطاع، خصوصاً أمام استفحال أزمته وإمكانية سقوط مؤسسات كبرى من قبيل "دار الصباح" و"لا برس" في أزمة قد تعصف بكيانهما، رغم ما يمثلانه من ثقل في الواقع الإعلامي التونسي.
هذه الأرقام والمعطيات المفزعة لا تحجب سعي بعض مالكي الصحف إلى التخلص من مؤسساتهم التي لا تحقق أرباحاً كبرى مثلما يتوقعون، لكنها في المقابل لا تتسبب في خسائر هائلة لهم، كما يصرحون. وهو ما أشار إليه الإعلامي طارق الغديري العامل بصحيفة "الصريح" الذي استغرب أن المؤسسة ادعت الإغلاق بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها، في حين بمجرد تصفحها تجدّ أكثر من خمس مؤسسات مالية وتجارية كبرى تدفع الإعلانات التجارية للصحيفة، مشككاً بذلك في مصداقية الحجج التي يسوقها مالكو الصحيفة والمتمثلة في الأزمة المالية الخانقة.
الصحافة الورقية في تونس قطاع مشغّل، وهو ما تؤكّده النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام. وهو ما يوجب أيضاً البحث عن حلول عملية لإنقاذ هذه المؤسسات وإنقاذ العاملين فيها، خصوصاً في ظل ارتفاع عدد العاطلين عن العمل من خريجي معهد الصحافة وعلوم الأخبار في تونس. ولكن في انتظار هذه الحلول المنقذة، يسير القطاع في طريق الانهيار بخطواتٍ سريعة.