قال مسؤول تركي رفيع المستوى، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الثلاثاء، إنّ المسؤولين الأمنيين الأتراك استنتجوا أنّ الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي، قد اغتيل في القنصلية السعودية بإسطنبول، بناء على أوامر من أعلى المستويات في الديوان الملكي السعودي.
وكشف المسؤول أنّ عملية الاغتيال كانت معقّدة لكن سريعة، قُتل فيها خاشقجي في غضون ساعتين من وصوله إلى القنصلية، على يد فريق من العملاء السعوديين، قاموا بتقطيع أوصال جسده بمنشار عظم جلبوه لهذا الغرض.
وقد نفى المسؤولون السعوديون، بمن فيهم ولي العهد محمد بن سلمان، مقتل خاشقجي، وأصرّوا على أنّه غادر القنصلية بحرية بعد وصوله بوقت قصير، بينما طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن يقدّم السعوديون أدلة تثبت ادعاءهم.
ورفض المسؤولون الأتراك الذين تحدّثوا، لـ"نيويورك تايمز" شريطة عدم ذكر أسمائهم، الكشف علناً عن أدلتهم، مشيرين في الوقت عينه إلى أنّ مثل هذه الاحتمالات لا يمكن استبعادها.
وكانت وسائل إعلام تركية موالية للحكومة، قد أفادت بأنّ الشرطة التركية لا تزال تحقق في احتمال اختطاف خاشقجي، وليس مقتله.
وذكرت "نيويورك تايمز"، أنّه مع مرور أكثر من أسبوع على آخر مرة شوهد فيها خاشقجي، يتضاءل احتمال أنّه على قيد الحياة.
— The New York Times (@nytimes) October 9, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— The New York Times (@nytimes) October 9, 2018
|
وخلُصت المؤسسة الأمنية إلى أنّ مقتل خاشقجي كان موجهاً بأمر من السلطات العليا في المملكة، على اعتبار أنّ كبار القادة السعوديين فقط هم الذين يمكنهم إصدار أمر بهذا الحجم والتعقيد، حسبما قال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"نيويورك تايمز".
وأشار المسؤول التركي، إلى أنّ 15 عميلاً سعودياً وصلوا على متن رحلتي استئجار، يوم الثلاثاء الماضي، إلى إسطبنول، وهو اليوم الذي اختفى فيه خاشقجي، موضحاً أنّ هؤلاء جميعاً غادروا، بعد ساعات قليلة فقط، وحدّدت تركيا الآن أنّ معظمهم أو جميعهم، مراكزهم في الحكومة السعودية، أو أجهزة الأمن.
وكشف أنّ أحد هؤلاء كان خبيراً في تشريح الجثث، مرجحاً أنّه جاء لتولّي تقطيع جثة خاشقجي.
ووفق ما نشرت جريدة "الصباح" التركية، في نسختها الورقية، اليوم الأربعاء، فإنّ السعوديين الـ15 هم: مشعل سعد البستاني، صلاح الطبيقي، نايف حسن العريفي، محمد سعد الزهراني، منصور عثمان البوحسين، خالد عائض العتيبي، عبدالعزيز الهوساوي، وليد عبدالله الشهري، تركي مشرف الشهري، ثائر غالب الحربي، ماهر مطرب، فهد شبيب البلوي، بدر لطيف العتيبي، مصطفى المدني، وسيف القحطاني.
الاستخبارات الأميركية رصدت اتصالات مسؤولين سعوديين
إلى ذلك، ذكرت "واشنطن بوست" أنه قبل اختفاء خاشقجي، اعترضت الاستخبارات الأميركية اتصالات لمسؤولين سعوديين يناقشون خلالها خطة لاعتقاله، بحسب ما أفاد شخص مطلع على المعلومات. وقال "إن السعوديين أرادوا استدراج خاشقجي إلى السعودية لاعتقاله هناك".
سناتور أميركي يرجّح مقتل خاشقجي
إلى ذلك، قال السناتور بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء، إنّ "كل شيء يشير اليوم إلى أنّ خاشقجي قد قُتل، الأسبوع الماضي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول".
وكشف كوكر، لموقع "ديلي بيست" الأميركي، أنّ رأيه هذا تأكد بعد اطلاعه على معلومات استخبارية سرية عن اختفاء خاشقجي، لدى الكونغرس.
وأضاف أنّه "أيا كان ما حدث له (خاشقجي)، على السعوديين، تقديم توضيحات".
وقال كوركر، إنّه تحدّث، مؤخراً، مع السفير السعودي في الولايات المتحدة، والذي أخبره أنّ كاميرات المراقبة خارج القنصلية تلتقط صوراً مباشرة لكن لا يتم تسجيلها.
وأضاف كوركر: "لم أسمع أبداً عن نظام أمني من هذا القبيل. كان من الصعب عليّ تصديق ذلك. وشاركت ذلك معه. وقال (السفير السعودي): حسناً، كانت الكاميرات تعمل بشكل خاطئ وكان بثاً مباشراً فقط".
ورجّح السناتور الأميركي حدوث "فعل شائن" من جانب السعوديين، قائلاً في الوقت عينه "لكنني لا أريد أن أتسرّع إلى الحكم. يجب عليهم الكشف عما لديهم إذا لم يكن الأمر صحيحاً... وأن يثبتوا أنّه (خاشقجي) غادر السفارة بعد دخوله".
رواية أخرى
من جهتها نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، عن مصدر مقرّب من العائلة المالكة في السعودية، قوله إنّ خاشقجي أُخرج من تركيا على متن طائرة خاصة واحتجز في المملكة، حيث لا يزال على قيد الحياة.
وقال المصدر إنّه بعد دخول السفارة تم نقل خاشقجي بسيارة "مرسيدس S-500" سوداء، ترافقها سيارة فان صغيرة بيضاء، مع أربعة مسؤولين سعوديين إلى مطار إسطنبول، حيث تم نقله على متن طائرة خاصة إلى دبي ثم الرياض، حيث يتم احتجازه الآن.
خطيبة خاشقجي تطلب مساعدة ترامب
من جهتها، طلبت خطيبة خاشقجي، مساعدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "من أجل تسليط الضوء" على هذه القضيّة.
وكتبت خطيبة خاشقجي التركية خديجة جنكيز، في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" التي يتعاون معها الصحافي خاشقجي "أناشد الرئيس ترامب والسيدة الأولى ميلانيا ترامب للمساعدة في تسليط الضوء على اختفاء جمال".
وانتقل خاشقجي للعيش في الولايات المتحدة عام 2017، خشية اعتقاله بعد انتقاده قرارات بن سلمان.
— Washington Post (@washingtonpost) October 10, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Washington Post (@washingtonpost) October 10, 2018
|
وفي مقالها، طلبت خطيبة خاشقجي من وليّ العهد أن ينشر تسجيلات كاميرات المراقبة الخاصة بالقنصلية السعودية في إسطنبول.
وكتبت "على الرغم من أنّ هذه الحادثة قد تُثير أزمة سياسيّة بين البلدين، دعونا لا نغفل الجانب الإنساني".
وروت جنكيز أنّها وجمال كانا يعدّان للزواج، ولهذا السبب توجّه الصحافي إلى القنصليّة. وكتبت "كلّ ما كنّا بحاجة إليه هو ورقة".
وتابعت في مقالها أنّه و"بعد لقاء أوّل إيجابي مع موظّفي القنصليّة" قبل أيام من حادثة اختفائه، عاد خاشقجي إلى مقرّ القنصلية في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر "بدون أدنى شكّ لديه بأنه سيكون آمناً هناك".
وكرّرت القول "إنّه دخل إلى القنصليّة، ولا دليل على أنّه خرج منها"، مشيرةً إلى أنّ أملها في رؤية خاشقجي مجدّداً "يتضاءل يوماً بعد يوم".