"صلاة" الإعلام الإسرائيلي لنجاح محاولة الانقلاب في تركيا

18 يوليو 2016
خيبة أمل سادت الكيان الصهيوني (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -


تدل اتجاهات التغطية في وسائل الإعلام الإسرائيلية لأحداث ومآلات المحاولة الانقلابية في تركيا على أن معظم الكتاب والمعلقين الصهاينة قد خاب أملهم بسبب فشل المحاولة، في حين أن كثيراً منهم انشغل بتبرير وقوعها.

وقد وقع الإعلاميون الإسرائيليون، الذين علّقوا على فشل المحاولة في تناقضات موضوعية، حيث إنهم سوّغوا لأنفسهم تبرير المحاولة الانقلابية بسبب "ديكتاتورية (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان"، بحسب زعمهم. لكنهم أجمعوا، في الوقت نفسه، على أن الالتفاف الجماهيري الواسع حول أردوغان، والشعبية الكبيرة التي يحظى بها هما من أحبط المحاولة الانقلابية.

وعلى الرغم من أن أحد أبرز كتاب الأعمدة في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، بن دورون يميني، يؤكد أن أردوغان انتخب بشكل ديمقراطي، لكن ذلك لا يمنعه من تسويغ الانقلاب عليه بسبب "قمعه" وسائل الإعلام في تركيا.

وفي مقال نشرته الصحيفة أمس، شبه بن يميني الانتخابات الديمقراطية التي أفضت إلى انتخاب أردوغان وصعود حزبه، بالانتخابات التي أفضت إلى انتصار النازية في ثلاثينيات القرن الماضي وتتويج أدولف هتلر زعيماً لألمانيا.

المفارقة أن بن يميني نفسه كتب عشية وبعد الانقلاب الذي قاده عبدالفتاح السيسي في مصر عدة مقالات في صحيفة "معاريف" لم يدافع فيها فقط عن عمليات القمع والقتل الواسعة التي أقدم عليها السيسي، بل إنه كان من أوائل الصحافيين الذين حثّوا قيادة حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل على الاستنفار لمساعدة النظام الجديد في القاهرة للحصول على شرعية دولية.

ولا حاجة للتذكير أن حكومة بنيامين نتنياهو لم تكن في ذلك الوقت لتنتظر "نصائح" بن يميني، حيث تبين أنها كانت في ذروة استنفارها لتأمين هذه الشرعية.

لكن هناك من المعلقين من تنازل عن التذرع بـ "ديكتاتورية" أردوغان لتبرير الانقلاب عليه، وأقر أن مصلحة إسرائيل تقتضي خروجه من مسرح الأحداث.

ويجاهر كبير المعلقين في صحيفة "يسرائيل هيوم"، دان مرغليت، أنه سهر طوال ليلة المحاولة الانقلابية وكان يتمنى نجاحها للتخلص من أردوغان بسبب موقفه المعادي من إسرائيل.

وفي مقال، نشرته الصحيفة، أول من أمس، نوّه مرغليت إلى أنه عندما يتذكر أردوغان يتبادر إلى ذهنه أحداث سفينة مرمرة وما أعقبها من صدام غير مسبوق بين إسرائيل وتركيا. وكان مرغليت قد برر حماسه لانقلاب السيسي في حينه بعدم رغبته في وجود "أردوغان آخر" في القاهرة.

وكان هناك كثير من المعلقين الصهاينة ممن أكّدوا أن إسرائيل الرسمية كانت تراهن على نجاح المحاولة الانقلابية لفتح صفحة جديدة مع تركيا لاستعادة عُرى التحالف الاستراتيجي معها، التي كانت قائمة قبل وصول أردوغان للحكم، إلاّ أن الصحافي بن كاسبيت كان الأكثر دقة في تصوير الحماس الإسرائيلي الرسمي والخفي للمحاولة الانقلابية.

وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" أمس، قال كاسبيت أن إسرائيل كلها "صلّت" من أجل نجاح الانقلاب؛ منوهاً إلى أن جميع أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن ظلوا يتلقون تقارير طوال الليل حول مجريات الأمور في تركيا.

لكن المعلّق في "يديعوت أحرنوت"، أليكس فيشمان، يرى أن "الصلاة" من أجل نجاح المحاولة الانقلابية لم تقم فقط في إسرائيل؛ منوّهاً إلى أن عدداً كبيراً من قادة الدول "صلوا في قلوبهم من أجل نجاح المحاولة وبعدما فشلت رحبوا علنا بالديمقراطية التركية"، على حد تعبيره.
وفي مقال نشرته الصحيفة أمس، أوضح فيشمان أن سياسات أردوغان أغضبت كثيراً من الدول مما يفسر الرغبة الكبيرة في التخلص من حكمه.

وشأن كثير من وسائل الإعلام والنخب السياسية والثقافية في الغرب، فإن الإعلام الإسرائيلي لم يبد اهتماماً إلا بـ"الحقوق الدستورية والقانونية" للمشاركين في الانقلاب وأخذ يحذر من "قسوة انتقام" أردوغان، فمعلق الشؤون الخارجية في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، اليساري عراد نير، رأى أن النخب العسكرية والعلمانية باتت "تحتاج إلى رحمة السماء لكي تنجو من بطش أردوغان الذي بات يعيش سُكر القوة".

وفي مقال نشره، اليوم، موقع القناة، زعم نير أن أردوغان، مثله مثل بقية "الإسلاميين يوظف الديمقراطية للقضاء على العلمانية، وعندما تنجز المهمة، يعمل على التخلص من الديمقراطية ذاتها".

وعلى خُطى نير، سار وزير القضاء الأسبق اليساري، يوسي بيلين، الذي هاجم في مقال نشرته اليوم صحيفة "يسرائيل هيوم" "قمع وديكتاتورية" أردوغان. لكنه في المقابل أقرّ، ليس فقط بالشعبية "الكبيرة والواسعة" التي يحظى بها، بل أكد أن البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في تركيا لم تعد تسمح بنجاح محاولات الانقلاب.

لكن بيلين الذي يبدي امتعاضاً من "ديكتاتورية" أردوغان، تجاهل قبل ثلاث سنوات حقيقة أن الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، كان رئيساً منتخباً. ودعا في عدة مقالات نشرتها "يسرائيل هيوم" الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات على مصر من أجل عدم إنجاح حكم الرئيس المعزول محمد مرسي؛ ناهيك عن حماسه للانقلاب الذي قاده السيسي.

وفي سياق متصل، كانت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية أول من كشف النقاب عن أن قائد المحاولة الانقلابية الجنرال، أكين أوزتورك، كان يعمل ملحقاً عسكرياً في تل أبيب.

المساهمون