"انتبهي". قالت العرافة: "لا أقول يحبها إنما يوليها عناية، أعني اهتمامًا، إنني أحاول أن أقرأ بدقة. الدقة والتحديد هما ما أسعى إليهما في قراءة هذه الأشكال والخطوط المتداخلة في قعر فنجانك".
سأنهض فزعة وأنا أتملّى جثّتك مشبوحة على عمود إضاءة برأس مقطوع، في تدمر مدينتك التي عشقتها تراباً وآثاراً وبشراً وطرقات وعمراً. حقاً! هل هذه هي جثتك؟ وهذا الرأس هل يعود لك؟ هل أصدّق أن هذا ما زعمه المنادي؟
تمضي قدماً دون أن تلتفت إلى الوراء، ودون أن يرف لها جفن، وبلا أغطية يتناسلون من العتمة الكثيفة، والخفيفة، ليس ثمة فرق سوى بأعداد بسيطة لا تعد من الضحايا، معلنين بدء حفلة موت لا تنتهي بكومة أجساد محترقة.
هل يستحق الأمر ولو كان بأسوأ صورة، هل يستحق القتل؟ كيف أقدمت أنا الفتاة الطيبة الجميلة المسالمة على فعل كالقتل؟ وهل كنت أنا نفسي ذاتها حينما أقدمت على قتل هؤلاء الأوغاد؟ أكانوا يستحقون القتل...؟
لم يخطر في بال أبو عفيف يوما أن يتحوّل من فنيّ مختبرات إلى صانع قطايف شهيرة تُعدّ الأولى بالمدينة التي يسكنها منذ عشرينيات القرن الماضي، ولا أن يتحوّل محله الصغير إلى أبرز معالم شارع "الحمام " العتيق بمدينة السلط الأردنية.
نافذة للروح، وأخرى للقلب، ونافذتان متلاصقتان أو متقابلتان، وثلاث نوافذ للعائلة الكبيرة، وهي تستمع إلى تكبيرات صلاة العيد الكبير، أو وهي تودّع مسافراً أو تنتظر من غاب طويلاً... وعاد. أو ليجتمع "الشباب" حولها ذات سهرة عامرة "بالأراجيل".