قطايف أبو عفيف أبرز معالم مدينة السلط

12 يوليو 2014
قطايف أبو عفيف يفضّلها الكثير من أهالي السلط
+ الخط -
لم يخطر في بال أبو عفيف يوماً، وإن لم يكن هذا الأمر بعيداً عنه، أن يتحوّل من فنيّ مختبرات إلى صانع قطايف شهيرة تُعدّ الأولى في المدينة التي يسكنها منذ عشرينيات القرن الماضي. إلى أن تقاعد من عمله في وزارة الأشغال ليتسلم المحل عن أبيه في ثمانينيّات القرن الماضي، ويصير عمله الجديد واقعاً يتعامل معه بإخلاص. تماما كما لو أنّه لا يزال يداوم في عمله الأصليّ.

لا يتوانَى الحاج أبو عفيف، بابتسامته الهادئة والعريضة، عن تلبية طلبات زبائنه الذين يقفون في طابور طويل أمام محله الصغير، منذ الصباح الباكر، ينتظرون الحلوى الرمضانية الشهيرة: "القطايف".

منذ الأوّل من رمضان يخرج إلى المحل بعد صلاة الفجر كلّ يوم ليعدّ قطايفه: "ورثت هذا المحل عن أبي، المهنة كذلك، وحين تقاعدت، بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، أعدت افتتاحه"، يروي لـ"العربي الجديد". 

ويرجع أبو عفيف سرّ تزاحم الناس أمام محله، الذي لا تتجاوز مساحته الأمتار القليلة، والمبني في أيّام "العصملّي"، أي العثمانيين، إلى "الجودة في العمل والصدقية. فهما العنصران الأساسيان في نجاح أيّ مشروع، صغيراً كان أم كبيراً".

يصنع أبو عفيف القطايف من "طحين زيرو والسميد والخميرة وكربونة بنكهة مميّزة لتختمر العجينة قليلا. وأصبّ الخلطة على صفيح ساخن بدرجة معتدلة، لأصنع منها أشكالا كبيرة أو صغيرة، بحسب الطلب. والشاري، وغالبا سيّدة البيت، تعبّئ العجينة بالجبنة أو الجوز أو جوز الهند أو القشطة أو التمر، ثم تضعها في الفرن لتقدّمها لاحقاً مع القطر".

نزح جدّه لأبيه في عشرينيات القرن الماضي من مدينة نابلس في الضفة الغربية. وأقامت العائلة في مدينة السلط الاردنية حين لم تكن هناك حدود أو قيود بين الدول: "كنّا نسمّيها بلاد الشام ولم نكن نتخيّل، حتّى في أسوأ كوابيسنا، أنّه بعد أقلّ من عقدين ستكون فلسطين تحت الاحتلال".

وقد أقاموا في مدينة السلط "لقربها من نابلس، وشبهها الكبير بها لجهة البيوت والعمارات التي كان أهلها يحضرون حجارتها من نابلس آنذاك، ولطبيعتها الجفرافية الجبلية القريبة من نابلس، ولتوفر فرص العمل".

يقع محل أبو عفيف في أعتق شوارع المدينة: "شارع الحمام"، حيث تزدحم محلات الأعشاب الطبيعية والأقمشة والأحذية: "أطلبو الرزق عند تزاحم الأقدام، جملة اعتاد أبي أن يردّدها على مسامعي".

يروي أنّه كان هناك حمامان يقعان في آخر الشارع منذ أيّام العثمانيين، واحد للنساء وآخر للرجال. وكان الزبائن حين ينهون الاستحمام يخرجون وهم يحملون الماء بعبوات كبيرة إلى بيوتهم، للشرب والتنظيف والغسيل. إذ كانت عين الماء قريبة من الحمامات. ولهذا سُمِّيَ "شارع الحمام".

بلدية المدينة، بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، وجهات دولية أخرى، بلّطت الشارع للمحافظة على خصوصيته الأثرية العتيقة. تلك الخصوصية التي يُعدّ أبو عفيف واحدا من المحافظين عليها أيضاً.
دلالات
المساهمون