75 مليار دولار خسائر لبنان من الطائفية

26 يناير 2015
المواطن يدفع ثمن الطائفية في لبنان (صلاح ملكاوي/فرانس برس)
+ الخط -
نعم عدد كبير من اللبنانيين طائفيون، لا بل مذهبيون وأكثر. فلا عجب أن يخضعوا جميعاً منذ الولادة وحتى الوفاة الى نظام لا يكترث بحياتهم، وإنما همه رهن الاقتصاد والسياسة لمصالح قلة من زعماء الطوائف ولو على حساب المصلحة العامة للمواطنين. هكذا يستمر النظام الطائفي على أساس التنفيعات الاقتصادية والاجتماعية، مولداً التخلف الاقتصادي وتوسع دائرة الفساد.

الطائفية المتحكمة
إذ لا يوجد شك أن الطائفية المتحكمة بمفاصل الحياة في لبنان، لها ارتدادات على الأوضاع المعيشية. ويقول الخبير الاقتصادي اللبناني جاد شعبان لـ "العربي الجديد": "يتكلف لبنان سنوياً ما يقدر بثلاثة مليارات دولار لاستمرار النظام الطائفي، أي ما يعني أكثر من 9% من الناتج المحلي الإجمالي، يمكن الاستفادة منها لتحسين الخدمات العامة، وتنمية المناطق النائية". وفي عملية حسابية بسيطة، يمكن الاستنتاج أن لبنان سيخسر منذ العام 1990 حتى نهاية هذا العام حوالي 75 مليار دولار نتيجة تغلغل الطائفية في بنية الاقتصاد اللبناني.
ويوضح شعبان، أن النهج الطائفي والمذهبي يساهم في إعاقة عملية التنمية بشكل رئيسي. إذ إن جميع القرارات المتعلقة بإقامة أي مشروع اقتصادي أو اجتماعي أو تنموي يخضع للمحاصصة المذهبية. وتشرح دراسة لشعبان، أن كل مواطن يدفع بالمتوسط دولارين يومياً نتيجة النظام الطائفي.
وتقول الدراسة إن الاقتصاد اللبناني يخسر 460 ألف دولار سنوياً في بيروت وحدها لنقل شهادة الميلاد من مكان الولادة إلى دائرة السكن، وهذه الكلفة يفرضها النظام الطائفي الذي لا يعترف بمكان الإقامة. ويخسر 800 مليون دولار نتيجة تركز السكن في مناطق صافية مذهبياً. و396 مليون دولار سنوياً نتيجة التوظيفات المذهبية في القطاع العام.
في المقابل، تشير دراسة للخبير الاقتصادي سمير مقدسي وماركوس ماركتانر تحت عنوان «لبنان في فخ التوافقية»، أن كل لبناني مقيم في لبنان يخسر سنوياً أكثر من 23500 دولار من دخله بسبب سياسات التقاسم الطائفي، أي إن دخل الفرد في لبنان كان يمكن أن يكون أعلى بنحو 2000 دولار شهرياً لو أن النظام السياسي بُني على أساس ديمقراطي.
من جهته، يعتبر أستاذ علم الاقتصاد والاجتماع في الجامعة الأميركية ساري الحنفي أن النظام الطائفي شرع الحروب المذهبية، ومكن أمراء الحروب من السيطرة على موارد الدولة. ويقول الحنفي لـ "العربي الجديد": "منذ العام 2005 ونحن نشهد سلسلة معارك وحروب تتخذ الطابع الطائفي. في شمال لبنان حروب لأكثر من ثلاث سنوات بين جبل محسن وباب التبانة، في الجنوب بين صيدا وجوارها، في البقاع بين عرسال وبعلبك، حتى أن الحروب المذهبية، اشتعلت أكثر من مرة في العاصمة بيروت، وقد ساهمت هذه المعارك في تكبد الاقتصاد خسائر بالغة .
ويفند القطاعات التي منيت بخسائر جراء الحروب المذهبية، منها القطاع التجاري، إذ وبالرغم من عدم وجود دراسات أو أرقام واضحة حول نسب إقفال المؤسسات التجارية إلا أن الخسائر جراء إقفال المحلات والمؤسسات تقدر بملايين الدولارات. ناهيك عن الآثار الاجتماعية للحروب المذهبية في لبنان، خاصة وأن العديد من العائلات التي تسكن مناطق حزبية مغايرة لطائفتها، اضطرت لترك مساكنها.
كما يؤكد الحنفي أن السنوات العشر الماضية، أثبت تراجع الإدارة العامة بشكل لافت، خاصة في ظل شغور المراكز الأولى في الوظائف العامة، نظراً لعدم توافق السياسيين وانقسام البلاد بين مؤيد ومعارض. كما أن المطالبات العمالية سواء لناحية إقرار سلسلة الرتب والرواتب، بالإضافة إلى زيادة الأجور لم يتم تلبيتها بسبب المحاصصات الطائفية. ويمكن احتساب الخسائر جراء الغياب عن أداء الوظيفة العامة بنحو مليون دولار على أساس احتساب غياب الإنتاجية اليومية للموظف، والتغيب عن تحصيل الضرائب والتأخير في سداد الفواتير.
المساهمون