ثروة السودان

20 أكتوبر 2014
السودان الغارق بالحرمان (أشرف شاذلي/فرانس برس/getty)
+ الخط -
غالباً ما يتم تهميش السودان حين يجري الحديث عن الأزمات التي تعانيها دول ‏العالم العربي. وذلك رغم أن السودان لا يشذ عن قاعدة الفساد ‏المستفحل في المنطقة، وعلى رغم أن هذا البلد يمتلك قدرات طبيعية ‏ضخمة، وفيه حوالي 39 مليون مواطن عربي يعانون في كل لحظة جور ‏السياسات الاجتماعية والاقتصادية المتبعة.‏

إذ يتصدر السودان قائمة الدول الاكثر فساداً في العالم، حيث حل في نهاية ‏‏2013، وفق مؤشر الفساد الصادر عن منظمة الشفافية، كرابع أكثر دولة ‏فاسدة عالمياً.‏‎ ‎
طبعاً، لا يأتي هذا التصنيف من فراغ، فالاقتصاد السوداني يعاني الكثير ‏من الأزمات المرتبطة بالفساد، لتضاف الى تدهور مريع جراء انفصال ‏جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة وخسارة أكثر من 50% من ‏ايرادات البترول.‏

وقد تزامن تزايد معدلات الفساد مع انعدام الطبقة الوسطى بالبلاد، ليقبع ‏غالبية المواطنين في فقر مدقع. إذ يؤكد خبراء الاقتصاد ان معدلات الفقر ‏تجاوز الـ 90% بينما تخفض الحكومة الرقم الى 46%.‏‎ ‎
وترفض حكومة الخرطوم الاعتراف أصلاً بوجود فساد، وخصوصاً الفساد ‏المحمي من السلطة. في حين تتصدر فضائح السياسيين عناوين الصحف ‏المحلية، والتقارير القضائية، التي تؤكد كلها الترابط الحاصل ما بين ‏السلطة والثروة في البلاد.‏

وقد برزت بقوة أسماء كبيرة في عالم الاعمال والتجارة لشخصيات ذات ‏علاقة وثيقة بالحزب الحاكم، ارتبطت بصفقات مشبوهة، وطالت عدد من ‏المسؤولين السياسيين. فقد تم رصد العديد من الاستثمارات لوزراء بعضهم ‏يديرها عبر أسرته لتجاوز الفقرة الدستورية التي تمنع اصحاب المناصب ‏الدستورية من ادارة الأعمال التجارية‎ .‎

‎ ‎ويعد وزير الزراعة السابق عبدالحليم المتعافي، من اكثر الوزراء الذين ‏طالتهم الملفات، ابان توليه الوزارة. خاصة أن الرجل كان يجاهر بدخوله ‏شريكاً في استثمارات خاصة باشقائه، ويؤكد في الوقت نفسه أنه لم يعمد ‏اطلاقاً على استخدام نفوذة لتنميتها.‏

‏ لكن الواقع كان يكشف الحقيقة. إذ ينشط في السودان جهاز رقابي رسمي ‏اسمه "ديوان المراجعة القومي بجمهورية السودان". وقد كشف تقرير ‏‏"المراجع العام" وجود حساب مصرفي مفتوح باسم وزير الزراعة ‏السابق، يتم الصرف منه بموجب تصديق من الوزير نفسه او مدير مكتبه. ‏
وكشف عن حساب مماثل لوزير الدفاع السابق. وفي آخر تقرير طرحه ‏المراجع العام امام البرلمان رصد جملة من التجاوزات الخاصة باستغلال ‏المسؤولين في مؤسسات الدولة او التي تساهم فيها بنسب معينة، لنفوذهم ‏لصالح اعمالهم الخاصة او لأطراف ذات علاقة بهم عبر إرساء عطاءات ‏بمميزات تفضيلية، والتمويل بربح يكاد لا يذكر وبأقساط يصل مهلة ‏بعضها إلى 15 عاماً. كما أورد التقرير ديوناً لعضو مجلس إدارة أحد ‏المصارف مثلت 44% من المبالغ المتعثرة لدى ذات المصرف. ‏

وفي مايو /ايار انفجرت قضية شبهة فساد ترتبط بوكيل وزراة العدل، ‏متعلقة بامتلاك الرجل لاراض تقدر قيمتها بثلايين مليون جنيه سوداني‎.‎ وينظر القضاء السوداني حالياً في قضية فساد شركة الاقطان السودانية ‏التي يواجه مديرها وموظفان آخران تهماً بالاختلاس... والتي توسعت لتشمل أسماء شخصيات ووزراء ‏كثر.‏
المساهمون