التجربة الأردنية لم تترجم زيادة في التنمية

08 فبراير 2016
الترهل والفساد ينخران القطاع العام الأردني (جمال نصرالله/ Getty)
+ الخط -
تبنى الأردن خيار الخصخصة قبل 20 عاماً تقريباً، كسياسة مشجعة وداعمة للقطاع الخاص، حيث كان من المنتظر أن ينتعش الاقتصاد، في إطار حزمة خططت لها الحكومة مسبقاً، عرفت ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، والتي تهدف إلى رفع كفاءة المشروعات، وتحسين الإنتاجية والتنافسية، من خلال تفعيل قوى السوق، وإزالة الاختلالات والتشوهات الاقتصادية، وتحفيز الادخارات المحلية، وجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة المحلية والعربية والأجنبية، ووقف نزف المال العام، والحد من الحاجة إلى الاقتراض الخارجي.
ورغم تباين الأداء على صعيد الإدارة والتنفيذ، بين قطاع وآخر، فقد بدا واضحاً، خلال السنوات الأولى من عمر برنامج الخصخصة، التزام بعض العمليات بالشفافية. وتبدو التجربة التي خضعت لها 15 شركة، تخلت الدولة فيها عن ملكيتها بشكل كامل أو جزئي أو شاركت القطاع الخاص في إدارتها وتشغيلها، تجربة ناجحة، بحسب الحكومة. حيث امتلكت هذه التجربة، وفق الخبير الاقتصادي خالد جبر، ما يدعمها. ويقول: "لم يقتصر نجاح التجربة على زيادة إيرادات الخزينة العامة، وإنما نجح في تشكيل أرباح وضرائب ورسوم مختلفة تساهم في رفد الخزينة بالأموال".

عائدات مقبولة

وفق الأرقام والبيانات، فقد حققت الخصخصة إيرادات بلغت 3.5 مليارات دينار، وعوائد بلغت نحو 1.7 مليار دينار، صرف معظمها لسداد الديون الخارجية. وعلاوة على ذلك، يشير جبر إلى أن الخصخصة ساهمت في تخلص الدولة من مشكلة قطاعات خدمية كانت تشكل عبئاً استثمارياً عليها، مثل الاتصالات، والنقل الجوي واللوجستي، وتوليد الكهرباء.

غير أن ما تم إنجازه على هذه الأصعدة، كما يقول الخبير الاقتصادي محمد ملكاوي، لم يرتق عملياً إلى المؤشرات المفترضة، باستثناء النجاح الذي حققته بعض الشركات على مستوى التمويل والتنفيذ والإدارة في قطاعات الاتصالات والتعدين والنقل البحري، الذي خفف، نوعاً ما، أوجه القصور ونقاط الضعف التي شابت التجربة.
ويقول ملكاوي، لـ"العربي الجديد": "لم يكن القطاع العام في الواقع خارج سيطرة الدولة، وكان من الممكن أن تفعّل أدوات الرقابة عليه بصورة أفضل، لكن القطاع الخاص بقي خارج هذه المظلة". ويضيف: "بخلاف التوقعات الرسمية، فقد أنتج الاعتماد على قطاع خاص غير مؤهل ومدرب، مسارات خاطئة لم تساعد في تحقيق النتائج المرجوة. ففي أعقاب الأزمة المالية التي تعرضت لها المملكة في عام 2008، أصيب القطاع الخاص بانتكاسة واضحة، انعكست على القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة". ويضيف: "لو قارنا معدلات المشاركة الاقتصادية المنقحة للسكان خلال السنوات العشر الماضية، لتبين وجود تراجع في حجم المشاركة، بحيث ينسحب هذا التراجع على معدلات النمو، في وقت ارتفعت فيه نسبة الديون الحكومية وعجز الموازنات العامة ونسب التضخم".
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الشريف أن عدم استخدام عائدات الخصخصة، في إنجاز نمو مستدام من خلال دعم النشاطات الصناعية وتعزيز القطاعات ذات القيمة المضافة والإنتاجية العالية، فوّت على الأردن الاستفادة من إيجابيات هذه التجربة. لأن إنفاق معظم العوائد على سداد الديون وخدمات البنية التحتية، جعلنا نخسر أصولاً ومشاريع إنتاجية، مولدة للدخل والعمالة في آن معاً.
ويضيف: "لقد أخطأنا عندما اعتقدنا أن الخصخصة سوف تغلق ملف الفساد، لأن الفساد ليس حكراً على القطاع العام بمفرده، وكل من يعتقد بذلك واهم. وكلنا يدرك ما يترتب على الفساد من تكاليف اقتصادية واجتماعية تنعكس بشكل سلبي على التنمية الاقتصادية الشاملة والمتوازنة".

أقرأ أيضاً:فواتير الخدمات العامة والضرائب تجفف جيوب الأردنيين
المساهمون