لماذا تُنفق أندية "البريميرليغ" فقط بسخاء؟

02 فبراير 2023
الأندية الإنكليزية عقدت صفقات مدوية (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -

أكدت أرقام الميركاتو الشتوي، في الدوريات الأوروبية، أنّ "البريميرليغ" يُنافس نفسه، في سباق تحطيم الأرقام القياسية بحجم الإنفاق على الصفقات والتعاقدات، ذلك أنّ الأندية القوية في إنكلترا واصلت الإنفاق بأرقام قياسية وخيالية في الآن نفسه، قياساً بحجم إنفاق بقية الأندية الأخرى في "القارة العجوز"، خاصة تلك التي عادة ما تنجز صفقات قوية، مثل باريس سان جيرمان الفرنسي وريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين.

وحطمت الأندية في الدوريات الأوروبية الكبرى، الرقم القياسي القديم في الإنفاق على الصفقات، حيث تُشير أرقام نشرها موقع "آر إم سي" الفرنسي، أمس الأربعاء، إلى أنّ الأندية أنفقت قرابة 1.1 مليار يورو من أجل عقد الصفقات، لتتجاوز الرقم السابق، وهو 1.03 مليار يورو، الذي سجل في الميركاتو الشتوي لعام 2018. ورغم أنّ التحسّن لم يبلغ نسبة كبيرة، وتبدو محدودة، إلا أنّ هذا الأمر يُؤكد سعي الأندية الأوروبية لدعم صفوفها باستمرار، وكذلك ارتفاع أسعار اللاعبين بشكل غريب.

وكان من المرشح أن يرتفع هذا الرقم أكثر، لو أن أندية قوية مثل باريس سان جيرمان أو ريال مدريد أو برشلونة ويوفنتوس الإيطالي، عقدت صفقات في الميركاتو الشتوي، بل إن مانشستر سيتي الإنكليزي تابع الميركاتو الشتوي دون أن يُبادر بعقد صفقات، ولم يضم لاعبين جدداً إلى صفوفه، حيث فضّل مدربه الإسباني بيب غوارديولا الذي يُعرف بإنجاز الصفقات الكبيرة في كل موسم، التخلّي عن بعض اللاعبين وعدم دخول سوق الانتقالات، مكتفياً بالرصيد الحالي. كذلك، لم يدخل نادي باريس سان جيرمان الميركاتو الشتوي، رغم أنه كان قريباً من ضمّ لاعبين اثنين.

وهذا الرقم الجديد لا يعني توزيعاً عادلاً بين الدوريات الأوروبية المختلفة، ذلك أنّ الأرقام التي رافقت الصفقات التي أنجزتها الأندية الإنكليزية، تجاوزت بقية أندية الدوريات الأخرى مجتمعة؛ أي إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، بل لا يُمكن مقارنة الإنفاق في إنكلترا ببقية الدوريات الأوروبية، وخاصة إيطاليا وإسبانيا، حيث بلغ حجم إنفاق 20 نادياً في "البريميرليغ" 828 مليون يورو، أي قرابة 80٪ من حجم الإنفاق المُسجل في الميركاتو الشتوي لعام 2023.

وكان تشلسي مساهماً بقوة في هذه الصفقات، والأرقام القياسية في سوق الانتقالات بعد أن أنفق وحده قرابة 400 مليون يورو في الميركاتو الشتوي، محطماً الرقم القياسي في إنكلترا، المُسجل سابقاً باسم الإنكليزي جاك غريليش عندما انتقل في 2021 إلى مانشستر سيتي قادماً من أستون فيلا، عقب تعاقد النادي مع الأرجنتيني إنزو فيرنانديز، قادماً من بنفيكا البرتغالي برقم قياسي قارب 130 مليون يورو.

وإنفاق الأندية الإنكليزية بسخاء كبير، يعكس بلا شك وضعها المالي الممتاز، قياساً ببقية الدوريات الأخرى، وخاصة إسبانيا وإيطاليا، في وقت يبدو فيه أنّ باريس سان جيرمان اختار عدم عقد صفقات قوية في الميركاتو الشتوي، بما أنّ مدربه الفرنسي كريستوف غالتييه يثق بالمجموعة التي يملكها، بينما يعلم الجميع الصعوبات التي تُحاصر الأندية الإسبانية بسبب قوانين الرابطة وتحديد سقف الإنفاق وقوانين اللعب المالي النظيف. أما الأندية الإيطالية، فلم تعد قادرة على المنافسة في الميركاتو، بل هي تخسر نجومها سنوياً.

وتستمد الأندية الإنكليزية قوتها من الموارد المالية القياسية التي تحصل عليها، وخاصة من حقوق بثّ المباريات في العالم، حيث أبرمت رابطة "البريميرليغ" عقوداً بأرقام قياسية تضمن لها الحصول على عائدات مالية كبيرة للغاية تُساعد الأندية على دعم ميزانياتها، والدخول في صفقات قوية لانتداب نجوم أندية من الصف الأول في أوروبا.

ولم تشهد الأرقام الخاصة بحقوق البث التلفزيوني تطوراً مهماً في بقية الدوريات، رغم التحسّن المُسجل في فرنسا منذ انضمام الأرجنتيني ليونيل ميسي في 2021 إلى باريس سان جيرمان، وهذا التحسّن لا يضمن منافسة الأندية الإنكليزية التي تملك موارد تضمن لها تفادي عقوبات الاتحاد الأوروبي بخصوص اللعب المالي النظيف، حيث جرت في السنوات الماضية مُراقبة حجم مصاريف بعض الأندية مثل تشلسي ومانشستر سيتي، ولكن دون فرض قيود على التعاقدات في وجود موارد مالية ثابتة.

وخلال موسم 2020ـ2021، حصلت أندية الدوري الإنكليزي على 3.5 مليارات يورو من حقوق بيع مباريات الدوريات إلى حدود عام 2024، بفارق مُهم وكبير عن الدوري الإسباني الذي حل في المركز الثاني بمبلغ قدّر بـ2 مليار يورو، واحتلت ألمانيا المركز الثالث بمبلغ قارب 1.5 مليار يورو، ثم إيطاليا بـ1.1 مليار يورو، بينما حصلت أندية الدوري الفرنسي، على مبلغ أقل من مليار يورو، وفق تقرير نشره موقع صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية. وهذه الأرقام تعني أنّ الأندية الإنكليزية تتمتع بأفضلية قياسية عن بقية الأندية الأخرى، وبالتالي يستحيل منافستها في الميركاتو.

كذلك إنّ الأندية الإنكليزية، على ملك شركات عالمية متعددة الجنسيات، بعد القوانين التي اعتُمِدَت في السنوات الماضية، التي تسمح للشركات أو صناديق الاستثمار المالي بامتلاك الأندية في إنكلترا، ما يضمن للأندية الاستفادة من ضخ موارد إضافية، حيث تصرف الأندية بسخاء كبير وباتت تنافس نفسها، وهو ما تؤكده النتائج في المسابقات الأوروبية المختلفة، إضافة إلى ما تحققه الأندية من مكاسب إضافية من عائدات بيع تذاكر المباريات والمتاجر الرسمية.

وأسهم تطوير كل الملاعب في إنكلترا، وتحسينها في السنوات الأخيرة، وجعلها تحت تصرّف الأندية، بتحقيق مكاسب مالية إضافية وتوفير موارد جديدة، ولا سيما أنّ نسبة الإقبال على حضور المباريات ظلت مرتفعة قياساً بكل الدوريات الأخرى، ولهذا لم يعد من الممكن في السنوات الأخيرة مواجهة القوة المالية لهذه الأندية، التي تصرف دون حساب، معتمدة على الإقبال الكبير على شراء حقوق البث التي قد تشهد ارتفاعاً قياسياً جديداً في السنوات المقبلة مع قوة المنافسة، عكس بقية الدوريات الأخرى التي تشهد رتابة كبيرة قياساً بإنكلترا.

المساهمون