كلهم ملة واحدة وكلنا يوسف عطال..

25 نوفمبر 2023
يعيش عطال أزمة كبيرة حالياً في فرنسا (سيلفان لوفيفر/Getty)
+ الخط -

بعد العقوبة التي فرضتها عليه الرابطة الفرنسية لكرة القدم بحرمانه اللعب مع فريقه نيس 7 مباريات، وبمجرد عودته إلى فريقه نيس إثر مشاركته مع المنتخب الجزائري في فترة توقف "فيفا"، تفاجأ اللاعب الدولي، يوسف عطال، باعتقاله احتياطياً من النيابة العامة على ذمة التحقيق، قبل أن يُطلق سراحه مؤقتاً، بكفالة قدرها 80 ألف يورو، على أن يحاكم يوم 18 ديسمبر/كانون الثاني المقبل بتهمة التحريض على الكراهية فقط.

وكان عطال متهماً في البداية بمعاداة السامية والإشادة بالإرهاب والتحريض على العنف من خلال إعادة نشر تغريدة، سرعان ما حذفها، ما خلّف ردود فعل كبيرة في الأوساط الجماهيرية والكروية واحتقاناً وغلياناً كبيرين في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، ما شكل ضغطاً على القضاء الفرنسي الذي تدارك الموقف خوفاً من التصعيد، وليس إحقاقاً للحق.

وبدأ كل شيء مع تصاعد العدوان الاسرائيلي على غزة بتقتيل وتهجير الآلاف من الفلسطينيين، ما دفع الدولي الجزائري إلى التعبير عن تعاطفه من خلال إعادة نشر تغريدة داعمة للفلسطينيين، اعتبرتها إدارة نادي نيس الذي يلعب له تحريضية، فأوقفته مؤقتاً عن التدريب.

وبعد ذلك أصدرت في حقه الرابطة الفرنسية المحترفة عقوبة مجحفة، بالإيقاف عن اللعب مع فريقه سبع مباريات، بتهمة غير منصوص عليها في لائحة العقوبات، قبل إيقافه وإيداعه السجن المؤقت بأمر من المدعي العام، على ذمة التحقيق في تهم كانت ستعرّضه لعقوبة 7 سنوات سجن ودفع غرامة مالية مقدارها 100 ألف يورو، لكن ردود الفعل المستنكرة أدت إلى إعادة تكييف التهمة مع وضع اللاعب تحت الرقابة القضائية ومنعه من السفر خارج فرنسا.

يحدث كل هذا في بلد صدّع رؤوسنا بشعارات قيم الحرية والأخوة والمساواة، لكنه لا يتردد في التعامل بازدواجية المعايير والكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالعرب والغرب، والمسلمين والصهاينة، خصوصاً في ظل العدوان الهمجي على شعبنا في فلسطين، علماً أن المغني الشهير الفرانكو-إسرائيلي أنريكو ماسياس، دعا علناً في وسائل الإعلام قبل أيام إلى إبادة الشعب الفلسطيني، دون أن يتحرك القضاء الفرنسي الذي أطلق بالمقابل قبل أيام سراح الشرطي الذي قتل المراهق الجزائري نائل بدم بارد أمام كاميرات المراقبة، فيما لم يتردد في سجن لاعب كرة قدم جزائري عبّر عن تضامنه وتعاطفه مع شعب يُباد بدم بارد منذ السابع من أكتوبر، أمام أنظار وأسماع إعلام فرنسي ساهم بقسط كبير في إذكاء مشاعر الحقد والكراهية والعنصرية.

زملاء يوسف عطال في المنتخب الجزائري هبّوا للتضامن مع اللاعب على غرار رياض محرز، فيغولي، سليماني، وأحمد توبة، خصوصاً من خارج فرنسا، وانفجرت وسائط التواصل الاجتماعي، من جهتها، بمنشورات وتغريدات وتعليقات جماهيرية عبّرت عن غضبها وتعاطفها في الجزائر وخارجها، ودعت إلى دعم اللاعب والدفاع عنه وسط أجواء مشحونة ومعادية للعرب والمسلمين والمهاجرين الذين أصبحوا تحت رحمة قوانين جديدة تهددهم بالسجن أو الترحيل في بلد الحريات الذي كشف عن انحياز كبير لإسرائيل وحقد أكبر على كل من يدعم حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه واسترجاع حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة طبقاً للمواثيق والقرارات الدولية.

دعم الإرهاب الإسرائيلي والتحريض العلني على الكراهية من طرف السياسيين والمؤثرين والإعلاميين تهمة تلاحق فرنسا وأميركا والكثير من الدول الغربية بكل أشكالها، أما التعاطف والتضامن مع الأبرياء الذين يدافعون عن حقهم في الحياة، فواجب أخلاقي في عقيدتنا، يقوم به اللاعب والمواطن العادي بالصوت والصورة والقلم واللسان والقلب مع شعب يحظى بتضامن عالمي كبير من دول وشعوب تعتبر الحرية والأخوة والمساواة قيماً فعلية وليست مجرد شعارات جوفاء، كما وتعتبر القضاء وسيلة لتحقيق العدالة، وليس أداة للقمع والتضييق والتمييز الذي صار مفضوحاً، يقتضي اعتبار أن الرئيس الفرنسي ووزير الداخلية الفرنسي متهمان بارتكاب جرائم فعلية وليس افتراضية كتلك التي وجهت للاعب الجزائري، يوسف عطال.    

المساهمون