أنشيلوتي وأليجري ومورينيو وجوارديولا..الصراع التكتيكي مستمر

11 نوفمبر 2014
المدربون الأبرز في مباريات الأسبوع الماضي (العربي الجديد)
+ الخط -


انتهى فصل آخر من فصول الموسم الكروي الطويل، وجاء توقف كروي طويل، سيجعلنا نبتعد قليلاً عن مباريات الفرق والدوريات، ونتجه جميعاً إلى أيام "الفيفا" حيث مواجهات المنتخبات ومشوار التصفيات المشتعل حتى نهايته. وقبل أن نغلق الصفحة الماضية، علينا أن نلقي الضوء على أبرز السمات التكتيكية واللقطات الفنية، التي رسمت ملامح الفترة الأخيرة من عمر المواجهات في مختلف البطولات الأوروبية، سواء القارية أو المحلية.

الارتكاز الوهميّ
قدم ريال مدريد رفقة الإيطالي كارلو أنشيلوتي مستوى ممتازاً خلال المباريات الأخيرة حتى فترة التوقف الحالية، واستحق عن جدارة أن يكون ضمن أفضل الفرق الأوروبية في الفترة الماضية، وذلك بسبب القراءة الرائعة للمدرب أنشيلوتي الذي أجاد وضع النوتة التكتيكية الخاصة بالفريق الملكي، خصوصاً في المواجهات الكبيرة أمام ليفربول وبرشلونة، سواء بدوري الأبطال أو بطولة "الليجا" الإسبانية، حتى أصبح الفريق متصدراً مجموعته الأوروبية ويعتلي سلم الترتيب المحلي.

كرة القدم لاعب ارتكاز، ذلك المركز الذي يستند عليه معظم الفرق العريقة، والذي يعتبر بمثابة صمام الأمان وخط الدفاع الأول في أي مقابلة، وتلعب بعض الفرق بثنائي محوري جنباً لجنب أسفل دائرة المنتصف، مع وجود مجموعة أخرى تفضل وجود لاعب واحد أمام الدفاع، وخلف ثنائي متقدم بعض الشيء، لكن ريال مدريد هذا العام يقدم فكرة جديدة خاصة بالارتكاز الوهمي، أي تواجد خط وسط لا يضم أيّ ارتكاز حقيقي.

ويكمن السر في الشمولية الفنية لكل من لوكا مودريتش وتوني كروس، فالكرواتي بمثابة صانع اللعب غير التقليدي، القادر على بناء الهجمة في أي مكان بالملعب، بينما يعتبر الألماني لاعب وسط صريح دون أي إضافات أخرى، لذلك يقوم الثنائي رفقة لاعبي الأطراف بشغل مركز الارتكاز ومحاولة قطع الكرات قبل وصولها إلى الدفاع، مع الدعم الواضح من قلبي الدفاع خصوصاً بيبي الذي لعب في هذا المركز من قبل مع مورينيو، وبالتالي يعتمد كارلو على أكثر من لاعب في هذا المكان، دون تركيز على اسم بعينه.

التغيير قادم
"اعرف لاعبيك، قيّم مستواهم، نقاط ضعفهم ومصادر قوتهم، ثم ضع التكتيك الذي يناسبك والطريقة التي تفوز بها"، قاعدة مهمة يتبعها العديد من المدربين في كرة القدم هذه الأيام، وهي فكرة منبثقة من المقولة الشهيرة، "الغاية تبرر الوسيلة". لذلك غيّر كونتي طريقة اللعب 4-3-3 إلى 3-5-2 مع يوفنتوس، ثم قرر أليجري الاستمرار بنفس الأدوات خلال بدايته مع السيدة العجوز، لكن الأخطاء الفنية تكررت واستمر اليوفي دون شخصية حقيقية بالمواجهات الكبيرة خصوصاً بالأبطال.

وأخيراً، قرر أليجري التخلص من عباءة كونتي وقام بتجربة الخطة 4-3-1-2 خلال المباريات الماضية، ورغم أن الحكم مبكر وغير منطقي، إلا أن هناك تغييرات ملموسة على صعيد الانتشار الهجومي والتوازن بين الطرف والعمق، وفتح الملعب أكثر عن طريق الأجنحة، مع الاستفادة القصوى من الثنائي الهجومي بالأمام، سواء المتحرك تيفيز أو الثابت يورينتي.

يبدأ اليوفي بثلاثة لاعبين بالوسط، لكن مع الأرجنتيني المتحرك بيريرا، يصبح العدد أربعة بدون الكرة أثناء هجوم الفريق الآخر، ويصنع اللاعب الشاب ثنائية قوية مع ماركيزيو رفقة ثنائي الوسط الآخر، أما في الهجوم فيستخدم أليجري أكثر من تركيبة، سواء بوجود صانع لعب واحد خلف ثنائي أمامي، أو عودة تيفيز رفقة بيريرا بالثلث الأخير، وتصبح الطريقة 4-3-2-1، وكلما زادت المرونة الفنية، ساهم التنوع التكتيكي في إضافة لمسة جمالية تخص بطل الكرة الإيطالية.

صانع اللعب الدفاعيّ
رغم قدوم سيسك فابريجاس إلا أن مورينيو يصر على وضع البرازيلي أوسكار في المركز 10 كصانع لعب خلف الهجوم، ويعود الإسباني المميز كثيراً إلى منطقة الوسط لمعاونه محور الارتكاز الصربي ماتيتش، وذلك لأن سيسك يمتاز بقدرة على التمرير والتصرف بالكرة وهذا ما افتقده البلوز في الموسم الماضي، بعد أن واجهوا صعوبات بالغة في خروج الكرة من منطقة الدفاع إلى الثلث الهجومي الأخير.

ورهان مورينيو في وضع أوسكار كرقم 10 في طريقة 4-2-3-1، له كامل التقدير والاحترام، لأن البرازيلي بمثابة صانع اللعب الدفاعي الأقرب لفكر المدرب البرتغالي. هجومياً، أوسكار يصنع مشاكل لمدافعي الخصوم ويجد نفسه في وبين الخطوط، أي في المساحات الشاغرة بين خط الدفاع ومنطقة الارتكاز. يستطيع أن يتحول إلى المنتصف لكي يشغل دور لاعب الوسط الثالث مع ثنائي المحور لتتحول 4-2-3-1 إلى 4-3-3 المتأخرة.

دفاعياً، يضغط بشدة على لاعب ارتكاز الخصم لكي يحرمه من بناء هجمة منظمة، يعود قليلاً إلى الخلف لكي يتمركز في وضع يساعده على غلق زوايا التمرير للمنافسين. ويشارك دفاعياً في تركيبة مورينيو الخلفية، لاعب منظم يقوم بعمل العرقلة وافتكاك الكرة دون مخالفة.

وبالطبع، يستطيع المراوغة بخفة ومهارة، ويجيد التمريرات القصيرة، مع صنع الأهداف وتسجيلها، بالإضافة الي مجهوده البدني الكبير ولياقته العالية، لذلك أوسكار هو الابن الشرعي لجوزيه مورينيو في هذا المركز المهم داخل الملعب، لأنه يدافع أثناء الهجوم، ويستطيع الهجوم أثناء الهروب من الدفاع.

المدافع الوهميّ
بعد تكتيك المهاجم الوهمي الذي بدأ مع هيديكوتي في المجر خلال حقبة الخمسينيات، ثم توتي وروما، وأخيراً ميسي وجوارديولا في برشلونة، أعاد جوارديولا اكتشاف مفهوم "الوهمي" هذا الموسم مع بايرن ولكن في مركز آخر غير الهجوم، بعد وضعه للظهير الأيسر ألابا في الخط الخلفي كمدافع صريح، ولاعب ثالث أمام حارس المرمى نوير، في معظم مواجهات الدوري وبطولة أوروبا لهذا الموسم.

يلعب بيب بكل من بواتينج، بن عطية في عمق الدفاع، والثنائي برنات ورافينيا/روبين على الخط، ويقوم ألابا بلعب همزة الوصل بين خطوط الفريق الثلاثة، لأنه يعود كمدافع ثالث أثناء هجوم الفريق الخصم، وتصبح طريقة اللعب أقرب إلى 3-4-1-2، ثم يتحرك قليلاً للطرف ويتحول إلى مركز الظهير الأيسر التقليدي ليسمح للإسباني برنات بالتقدم، وتتحول الخطة إلى 4-3-3، وأخيراً يتقدم أثناء الاستحواذ في أنصاف المسافات بالثلث الهجومي الأخير كجناح أيسر صريح.

أسلوب يوهان كرويف مع الدريم تيم، وجود لاعب رابع أثناء الدفاع، صعوده للأمام اثناء الهجوم مما يسمح بوجود عنصر فني مهم، الزيادة العددية في كل مكان بالملعب، وتغيير التكتيك المتبع وفقاً لظروف المباراة، وكيفية إجبار الخصم على اللعب كيفماتريد، وهذا ما يُعيده الآن بيب مع ديفيد ألابا الذي تعرض لإصابة ستبعده عن الملاعب حتى نهاية هذه السنة، وسيعود مرّة أخرى لمواصلة التحليق خارج السرب رفقة الفيلسوف الكاتلوني.

المساهمون