أعلن 939 باحثاً وأكاديمياً من مجموعة دول الشمال (فنلندا والسويد والنرويج وأيسلندا والدنمارك)، تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ورفضهم للعدوان الإسرائيلي على غزة، ومطالبتهم بوقف إطلاق النار، مؤكدين في بيانهم أنه "لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي، بينما تقتل الدولة الإسرائيلية آلاف المدنيين الفلسطينيين".
وجاء في مقدمة بيانهم، الذي نشر اليوم الأربعاء في عدد من الصحف الإسكندنافية: "نحن، الباحثين وأعضاءَ هيئة التدريس في دول الشمال، نكتب إعلان التضامن هذا رداً على الرسالة المفتوحة التي وجهتها جامعة بيرزيت في فلسطين إلى المؤسسات الأكاديمية الدولية بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر".
وأشاروا إلى أن رسالة جامعة بيرزيت تضمنت مطالبتهم بـ"القيام بواجبنا الأكاديمي في البحث عن الحقيقة، والابتعاد عن الدعاية التي ترعاها الدولة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية المستمرة ومن يدعم ارتكابها"، وانتقد الموقعون على البيان جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
ورفض الموقعون على البيان نظام الفصل العنصري للاحتلال الإسرائيلي، قائلين: "على مدى 75 عاماً تمّ توثيق كيف قامت إسرائيل، باعتبارها قوة استعمارية استيطانية، بتنفيذ أعمال العنف، التي صنفتها الأمم المتحدة على أنها جرائم حرب، تماماً كما تمّ توثيق فرض إسرائيل للفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني بشكل جيد. وهو نظام يتعارض إلى حد كبير مع اتفاقية جنيف والقانون الإنساني الدولي".
وشدد أكاديميو وباحثو الشمال على أنهم يدركون كذلك أن المجتمع الغربي يساهم في دعم جرائم الاحتلال، قائلين إن "الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني الذي طال أمده وجرائمه ضد الإنسانية قد تمّ الترويج له من خلال دعم المجتمع الدولي الغربي وقادته ومؤسساته والجهات المالية الفاعلة فيه؛ وفي الوقت الحالي نرى كيف تمنع القوى الغربية محاولات وقف إطلاق النار".
ويعتبر البيان مؤثراً ومهماً في الوقت الذي تتزايد فيه حالة التعاطف مع الفلسطينيين، مقابل مواقف بعض الحكومات، مثل حكومة الدنمارك برئاسة ميتا فريدركسن ووزير خارجيتها ورئيس حكومة يمين الوسط السابقة، لارس لوكا راسموسن الذي "تناسى تماماً ما سمّاه سياسة خارجية براغماتية في العالمين العربي والإسلامي"، كما يتهمه النشطاء والمتظاهرون.
فذهب الأكاديميون بلغة واضحة إلى القول: "نعلن تضامننا مع الشعب الفلسطيني في دعوتنا إلى إنهاء الإبادة الجماعية والاحتلال. لا يمكننا أن نسمح لإسرائيل بمواصلة الحرب الحالية على غزة، ولا يمكننا أن نسمح بالعودة إلى الوضع الراهن".
ماذا يعني "الوضع الراهن للشعب الفلسطيني؟
وشرح البيان طبيعة الوضع الراهن، قائلاً: "الوضع الراهن بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني يعني: العيش في ظل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والحصار المفروض على غزة منذ 16 عاماً مع حصار بري وجوي وبحري، والعنف المستمر الذي يمارسه الجيش (الاحتلال) الإسرائيلي والمستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 6,000 شخص وإصابة 150,000 آخرين في الفترة ما بين عام 2008 و7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحده؛ استمرار إسرائيل في ضم الأراضي الفلسطينية بشكل غير قانوني من خلال المستوطنات منذ عام 1967، التي يبلغ عددها اليوم أكثر من 100 ألف هكتار؛ واستمرار إسرائيل في تدمير البنية التحتية الفلسطينية، بما في ذلك إمدادات المياه وأشجار الزيتون والقرى، وغيرها من الأجزاء الأساسية للحياة الفلسطينية".
ودعا الموقعون على البيان حكومات دول الشمال والمجتمع الدولي إلى "دعم وقف فوري لإطلاق النار وحرية مرور المساعدات إلى غزة، والاعتراف بفلسطين كدولة قومية ذات سيادة، ودعم إنهاء الاستعمار في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، وإنهاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي".
وشدد الموقعون على أهمية العلم قائلين: "كأكاديميين وباحثين، نحن ندرك قوة العلم في إضفاء الشرعية على العنف ونزع الشرعية عنه. نعتقد أن مسؤوليتنا هي بناء المعرفة التاريخية والعلمية السليمة التي يمكن أن تساهم في عالم أكثر عدلاً، واستخدام مواردنا ومنابرنا للعمل والتحدث علناً ضد الوحشية الناتجة من الإمبريالية والاستعمار والإبادة الجماعية".
ودعا الموقعون جميع الجامعات في إسكندنافيا ومجموعة دول الشمال إلى تشجيع الجامعات الأوروبية والمؤسسات الأكاديمية كباحثين من دول الشمال لاتخاذ الخطوات العملية التالية، التي تشمل المطالبة بوقف إطلاق النار الفوري، والسماح بدفن الشهداء بشكل كريم ومنع تفشي الأمراض، والاستعادة الضرورية لإمدادات المياه والغذاء والوقود والأدوية والمساعدات الإنسانية، والحماية الفورية للمستشفيات والمراكز الصحية وإلغاء أوامر الإخلاء غير القانونية واللاإنسانية المفروضة على المستشفيات، وتسهيل المرور الآمن للأشخاص المصابين والمصابين بأمراض خطيرة والذين يحتاجون إلى العلاج الطبي.
سحب الاستثمارات من المستوطنات
ويطالب هؤلاء كل المؤسسات الجامعية السابقة "بالانضمام إلى مقاطعة التعاون مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، حتى تنهي (دولة الاحتلال) إسرائيل حربها على غزة، وتضع حداً لاحتلالها غير القانوني وحكم الفصل العنصري في فلسطين".
ووجهوا اتهاماً صريحاً للمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية بأنها "منخرطة في الهياكل العسكرية للدولة، وصناعة الأسلحة، وفي تطوير تكنولوجيات الأسلحة، وأنها تقوض بشكل منهجي حرية التعبير للأكاديميين الفلسطينيين وحق الطلاب الفلسطينيين في التعليم". وبناءً على ما سبق، يؤكد الموقعون أن "المقاطعة لا تتعلق بالتعاون مع الباحثين الإسرائيليين الأفراد الذين ينأون بأنفسهم عن الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي والفصل العنصري والقتل الجماعي المتصاعد الحالي للمدنيين الفلسطينيين".
كذلك دعا الأكاديميون الموقعون على البيان، مختلف الجامعات إلى العمل من أجل "سحب جميع الاستثمارات المالية في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الفور. كباحثين، نشعر بقلق بالغ إزاء حقيقة أن العديد من الجامعات الإسكندنافية لديها استثمارات مالية في كل من الشركات الإسرائيلية الموجودة في المستوطنات غير القانونية وفي الشركات التي تنتج تقنيات للحفاظ على نظام الفصل العنصري".
ووجهوا مطالبهم نحو "تعزيز التعاون مع الباحثين الفلسطينيين ودعمهم، وكذلك الزملاء والطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين يعانون من عواقب التحدث علناً ضد انتهاكات الدولة الإسرائيلية للقانون الدولي".
وأشاروا في السياق إلى ضرورة "تعزيز البحث وإنتاج المعرفة والتدريس في مجالات مثل إنهاء الاستعمار والتاريخ الاستعماري في الشرق الأوسط وأوروبا والإمبريالية والعنصرية والقانون الدولي ودراسات حقوق الإنسان ودراسات السلام والصراع وغيرها من المجالات التي تدعم أساساً قوياً للمعرفة المستنيرة والواقعية".