في أول تصريح رسمي حكومي عن ملف الانتهاكات داخل السجون العراقية، كشف مكتب مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، تلقيه قرابة 3 آلاف شكوى بهذا الشأن، مؤكداً أنه يبحث عن آلية قانونية لتحريك شكاوى ضدّ منفذي الانتهاكات.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب مائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
وذكر المكتب الإعلامي لمستشار شؤون حقوق الإنسان، أن الأخير "عقد اجتماعاً مع رئيس جهاز الادعاء العام لبحث آليات التعاون المشترك وإمكانية تحريك الشكاوى بحق منتهكي حقوق الإنسان في السجون والمواقف، في ما يخص حالات ادعاءات التعذيب التي جرى تسلّمها عبر البريد الإلكتروني لمكتب المستشار".
وأضاف البيان الذي نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أمس الثلاثاء، أن "تلك الشكاوى بلغت ما يقرب من 3000 شكوى". وتابع: "كذلك بُحث توفير جميع الضمانات القانونية للمتهمين"، مؤكداً أنه "ستُعلَن جميع الإجراءات وستُصنَّف الشكاوى خلال المدة القادمة".
وحتى الآن لم يكشف رئيس الحكومة الجديد محمد شياع السوداني عن اسم مستشاره المكلف قضايا حقوق الإنسان، والذي عُيِّن الشهر الثاني، وتكتفي البيانات بالإشارة إلى صفته فقط.
ويُعَدّ التصريح، الأول من نوعه من قبل حكومة السوداني، وهو يؤكد وجود حالات الانتهاكات والتعذيب داخل السجون، فيما يشكك مسؤولون في إمكانية محاسبة الجهات والأشخاص المتورطين بتلك الانتهاكات.
وقال عضو في لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، إن "الإقرار الحكومي بتلك الانتهاكات خطوة جيدة لإنهائها"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، ومشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "الحكومة مطالبة اليوم بوضع حد لتلك الانتهاكات وكشفها، وأن الملف يقع ضمن مسؤوليتها، باعتبار أن السجون مرتبطة بوزارة العدل".
وقلّل المتحدث من "إمكانية محاسبة منفذي تلك الانتهاكات، خاصة أنهم مرتبطون بجهات متنفذة. الحكومة لا يمكنها أن تتعامل قانونياً مع تلك الجهات لاعتبارات كثيرة، لكن يمكن إيقافها أو الحد منها"، مشدداً على "أهمية أن تدعم الحكومة الدور الرقابي، وأن تفتح السجون أمام الجهات المختصة بحقوق الإنسان لمتابعة الملف وكشف الحقائق عن تلك الانتهاكات الخطيرة، لأجل إنهائها".
وكانت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي قد أثارت، الشهر الماضي، ملف اكتظاظ السجون وما يرافقه من انتهاكات، داعية إلى تشريع قانون الأحكام البديلة للتخفيف من أعداد السجناء.
وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له رصد وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة "عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد"، وأضاف أنّه في المدّة المراوحة ما بين يناير/ كانون الثاني الماضي وأغسطس/ آب الجاري توفّي 49 معتقلًا، 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شماليّ بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.
كذلك، كشف المركز عن "احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً لسنوات عدّة بدوافع انتقامية وطائفية"، موضحاً أنّ "الظروف الصحية معدومة في معتقلاتهم، وأنّها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ما يؤثّر مباشرةً بصحتهم".
وأشار إلى وفيات أخرى في السجون الحكومية التابعة لوزارات العدل والداخلية والدفاع في حكومة بغداد، فضلاً عن السجون السرية التابعة للمليشيات، إلا أنّه لم يتمكّن من الحصول على معلومات مؤكّدة بشأنها.