عودة أكثر من 52 ألف سوري من تركيا إلى وطنهم خلال شهر

09 يناير 2025
سوريون عائدون إلى بلادهم من معبر حدودي تركي، 27 ديسمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، عاد أكثر من 52 ألف لاجئ سوري من تركيا ضمن برنامج العودة الطوعية والآمنة، بينما لا يزال حوالي 2.9 مليون سوري يقيمون في تركيا.
- سمحت السلطات التركية للاجئين بزيارات مؤقتة إلى سوريا لتفقد ممتلكاتهم، مما يتيح لهم تقييم الوضع واتخاذ قرار العودة، مع إمكانية القيام بثلاث زيارات حتى يوليو 2025.
- رغم الجهود المبذولة، تبقى أعداد العائدين أقل من المتوقع بسبب التحديات الميدانية، لكن التحسن الأمني في بعض المناطق قد يشجع المزيد على العودة.

غادر أكثر من 52 ألف لاجئ سوري تركيا عائدين إلى بلادهم منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، إن 52 ألفاً و622 سورياً عادوا إلى وطنهم خلال الثلاثين يوماً الماضية، وذلك في إطار برنامج العودة الطوعية والآمنة والمنظمة الذي أطلقته تركيا. جاء ذلك في تصريح أدلى به للصحافيين خلال وجوده، الخميس، في معبر جلوة غوزو الحدودي مع سورية بولاية هاتاي جنوبي البلاد، وفق وكالة "الأناضول" التركية.

وأضاف يرلي كايا: "تركيا بكل مؤسساتها ومنظماتها المدنية مستمرة في توفير الظروف الملائمة لضمان عودة كريمة ومستدامة للراغبين في العودة، بما يساهم في تعزيز الاستقرار بالمنطقة". وأوضح أن عدد السوريين الذين ما زالوا يقيمون داخل الأراضي التركية يبلغ مليونين و888 ألفاً و876. ولفت إلى أن عدد العائدين إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن منذ عام 2017 بلغ 792 ألفاً و625. وأشار يرلي كايا إلى أن من بين العائدين 9,729 عائلة تضم 41,437 فرداً، بينما عاد 11,185 سورياً بمفردهم.

وتأتي هذه الخطوة عقب التطورات السياسية التي شهدتها سورية منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي 2024. وكانت السلطات التركية قد أفادت في وقت سابق بأن 30 ألفاً و663 سورياً غادروا تركيا عائدين إلى بلدهم بعد 17 يوماً من سقوط بشار الأسد، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وتستقبل تركيا، التي تتشارك حدوداً تمتدّ على أكثر من 900 كيلومتر مع سورية، حوالى 2,92 مليون سوري على أراضيها فرّوا من الحرب التي عصفت ببلدهم اعتباراً من 2011.

يقول أحمد الحبجي (40 عاماً)، أحد العائدين إلى سورية عبر بوابة "باب الهوى" بريف إدلب الشمالي، في حديث لـ "العربي الجديد": "شعرت بسعادة غامرة عندما عدت إلى وطني بعد سنوات طويلة من الغربة. العودة كانت خياري الشخصي لأنني أريد أن أعيش وسط أهلي وأصدقائي، وأن أبدأ من جديد هنا. الظروف أصبحت أكثر استقراراً، وأتمنى أن أساهم في بناء مستقبل أفضل لأسرتي".

من جانبه، عبّر خالد الأسعد (35 عاماً)، الذي عاد من ولاية غازي عنتاب إلى سورية عبر بوابة "الراعي" ضمن برنامج الزيارة الذي أعلنته إدارة الهجرة التركية، لـ "العربي الجديد" عن أمله في تحسين الأوضاع: "قررت العودة مؤقتاً لتفقد منزلي الذي دُمّر في أثناء الحرب. أريد أن أعرف إن كان بالإمكان إصلاحه والاستقرار فيه. نزولي إلى سورية اليوم الخميس خلال الإجازة كان مدروساً؛ فالأطفال ما زالوا في المدرسة، وسأعود إلى تركيا بعد انتهاء العام الدراسي. الوضع هنا يحتاج إلى المزيد من العمل، لكنني متفائل بالمستقبل".

فيما يقول سامر أبو محمد (42 عاماً)، لـ "العربي الجديد" المقيم في ولاية هاتاي، والذي قرر العودة إلى سورية عبر برنامج الزيارات المعلن من إدارة الهجرة: "لقد قررت زيارة سورية لتقييم الوضع من قرب. إذا وجدت أن الأوضاع في حلب، مدينتي ومسقط رأسي، أصبحت مستقرة وآمنة بما يكفي، فسأعود إلى تركيا مؤقتاً لنقل عائلتي وأثاث منزلي للعيش هناك دائماً. لا شيء يعادل العودة إلى جذوري، ولكن الاستقرار والأمان هما الأولوية بالنسبة إليّ وإلى أسرتي".

مع بداية يناير/ كانون الثاني الجاري، سمحت السلطات التركية للاجئين السوريين المقيمين على أراضيها بالقيام بزيارات مؤقتة لسورية، وذلك ضمن برنامج إجازات خاص أعلنته إدارة الهجرة التركية، ويهدف البرنامج إلى تمكين فرد واحد من كل عائلة من زيارة وطنه لتفقد ممتلكاته أو منزله في المناطق السورية، حيث تواجه العديد من الأسر تحديات مرتبطة بمعرفة حالة منازلهم بعد سنوات من النزوح.

وبحسب الإدارة، يحق للفرد القيام بثلاث زيارات خلال فترة محددة تمتد من بداية العام الجاري وحتى مطلع يوليو/ تموز 2025. يأتي هذا القرار في إطار دعم اللاجئين السوريين الذين يفكرون في العودة إلى بلادهم، حيث تتيح لهم هذه الإجازات الفرصة لتقييم الوضع الميداني في بلداتهم وقراهم واتخاذ القرار المناسب بشأن العودة أو البقاء في تركيا.

ويُشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق الجهود المشتركة بين تركيا والجهات الدولية لتسهيل العودة الطوعية والمنظمة للاجئين السوريين، مع التركيز على توفير ظروف آمنة ومستقرة في المناطق التي يخططون للعودة إليها.

وفي ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها المناطق السورية، يستمر السوريون في العودة إلى قراهم وبلداتهم بشكل دوري، إلا أن الأعداد لا تزال أقل من المتوقع نتيجةً للصعوبات التي تواجه العائدين، بحسب تقرير صادر عن فريق "منسقو استجابة سورية" في 31 ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي 2024. وأوضح التقرير حينها أن العديد من النازحين واللاجئين ما زالوا مترددين في العودة إلى مناطقهم، بانتظار تحسن الظروف المعيشية وعودة الخدمات الأساسية، التي يُتوقع أن تسهم كثيراً في تشجيع أعداد أكبر على العودة خلال الأشهر القادمة.

وبحسب التقرير، فإن عودة السوريين إلى قراهم ستزيد من الأعباء على السلطات السورية الجديدة، ما يتطلب تكاثفاً إنسانياً منسقاً بين جميع الأطراف الدولية والمحلية لدعم جهود إعادة الإعمار وإنهاء حقبة النزوح واللجوء في أقصر وقت ممكن. وتأتي هذه التطورات في ظل تحسن تدريجي للوضع الأمني في بعض المناطق السورية، حيث تعمل السلطات على استعادة الاستقرار نوعاً ما وتوفير احتياجات المواطنين الأساسية، إلا أن التحديات الميدانية، مثل تدهور البنية التحتية ونقص الموارد، ما زالت تمثل عائقاً أمام عودة مريحة ومستدامة للعائلات السورية النازحة.

المساهمون