تشتدّ حركة النزوح مع استمرار الحملة العسكرية، التي تشنّها قوات النظام السوري وحليفتها روسيا، على قرى وبلدات ريف حماة الشمالي والغربي وريف إدلب الجنوبي.
وأدى تقدم القوات المهاجمة في الأيام الماضية على حساب فصائل المعارضة المسلحة في ريف إدلب الجنوبي، إلى نزوح غير مسبوق من المناطق التي يسيطر عليها النظام أو يقصفها، باتجاه ريف إدلب الشمالي بعد أن سيطرت الأخيرة على بلدة الهبيط فجر عيد الأضحى، وواصلت تقدمها حتى باتت على مشارف مدينة خان شيخون، التي تعتبر من أهم وأكبر المدن في ريف إدلب الجنوبي.
ونزحت آلاف العائلات المقدر تعدادها بنحو 120 ألف نسمة باتجاه الشمال السوري، مع تقدم قوات النظام والمسلحين الموالين لها نحو مدينة خان شيخون، يوم الأحد الماضي، ليستقر النازحون في المخيمات المكتظة أساساً، ومع غياب أيّ توجه لمدّ يد المساعدة لهم من قبل المنظمات الإنسانية.
وتزامنت حركة النزوح الكبيرة مع اشتداد وتيرة التصعيد والقصف المكثف على عشرات القرى والبلدات من ريف إدلب الجنوبي، مثل خان شيخون والتمانعة وكفرسجنة وركايا ومعرة حرمة وكفرنبل ومعرة النعمان وكنصفرة وسفوهن وكفرعويد، بالإضافة لبلدات وقرى كفرزيتا واللطامنة ومورك ولطمين وقرى جبل شحشبو في ريف حماة.
ولا يزال جزء كبير من العائلات النازحة يفترش الأراضي الزراعية في بلدات عدة من ريف إدلب الشمالي، وجزء منها توجه للمخيمات على الحدود التركية السورية، دون أن يتمكن أغلبها من إيجاد مأوى في ظل الاكتظاظ السكاني في الشمال عموماً. في حين تستعد آلاف العائلات في مناطق ريف إدلب الجنوبي للنزوح بسبب اتساع رقعة القصف واشتداده.
وتغصّ مخيمات أطمة وكفرلوسين وحارم وسلقين ودركوش والكرامة والزوف وخربة الجوز ودير حسان بالعائلات النازحة، واستمرار وصول النازحين يومياً مع استمرار التصعيد والعمليات العسكرية منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وأكدت مصادر محلية من تجمع مخيمات كفرلوسين في ريف إدلب الشمالي، لـ "العربي الجديد"، توافد مئات العائلات من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي والغربي، إلى تلك المخيمات.
وأوضح ماجد خنسة، النازح في مخيم كفرلوسين أنه منذ يوم 14 أغسطس الجاري، بدأت العائلات بالنزوح نحو المخيم رغم عدم اتساعه، ويقيم النازحون مع أقارب لهم في المخيم، إذ أصبحت الخيمة الواحدة تضم عدداً كبيراً من الأشخاص، في حين بقيت عائلات كثيرة دون مأوى يقيهم، وافترشت الأراضي الزراعية وتحت الأشجار بانتظار وصول المساعدات من المنظمات الإنسانية.
وأضاف خنسة: "لا أحد يسأل عن أحوال العائلات المقيمة تحت الأشجار وفي العراء، أو يقدم لها أبسط أنواع الدعم كالموادّ الغذائية ومياه الشرب"، موضحاً أن الظروف أجبرت بعض العائلات في المخيم على استقبال عائلات أخرى لعدم وجود خيام كافية أو مساحة كافية للبناء، إضاف إلى الأوضاع المادّية الحرجة التي يعاني منها النازحون.
وأكدت مصادر أخرى في مخيمات خربة الجوز، والزوف في ريف إدلب الغربي، لـ"العربي الجديد"، أن تلك المخيمات استقبلت قرابة 400 عائلة يوم الأربعاء الماضي، ولم يتمكن جميعها من الحصول على خيام، ولا تملك إدارة المخيم الإمكانيات لاستيعابهم. وطالبت المصادر جميع المنظمات بالتوجه لزيارة المخيمات، والعائلات القابعة في العراء وتلك التي التجأت إلى الأقارب. وذكرت أن الجهة المسؤولة عن المخيم وهم مجموعة من أبناء المخيم، توجهوا بطلب الاستغاثة من المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، للقيام بزيارة للمخيم والاطلاع على أحوال العائلات التي نزحت، ولكن ما من مجيب لحدّ اللحظة.
وأوضح النازح حسين الرحيل، من أبناء قرية كفرعويد، في ريف إدلب الجنوبي، أنه ترك قريته صبيحة يوم عيد الأضحى باتجاه الشمال السوري بعد اشتداد القصف بشكل غير مسبوق، وتزامن مع تقدم قوات النظام في بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي. وأشار حسين إلى نزوحه وعائلته المكونة من 5 أفراد إلى بلدة أرمناز في ريف إدلب الشمالي، حيث يقيم الآن على أطراف البلدة في خيمة صنعها بنفسه.
وقال لـ "العربي الجديد": "بعد أكثر من 3 أشهر من القصف والتصعيد لم أخرج من منزلي في أطراف القرية الشمالية، إلا لمدة أسبوع ثم عدت من جديد، وفي صبيحة يوم العيد اشتد القصف بشكل لا يوصف على المنطقة وسيطرت قوات النظام على بلدة الهبيط، فخرجت وعائلتي باتجاه الشمال السوري، واستقر بي الحال على الأطراف الجنوبية من بلدة أرمناز أو ما يعرف ببيرة أرمناز، حيث يوجد عشرات الخيام للنازحين بشكل عشوائي، لم أتمكن من الحصول على خيمة ولم تصلنا أي مساعدات إنسانية من أي منظمة".
وأشار إلى أنه نصب خيمة باستخدام شادر وأكياس نايلون وأغطية، لافتاً إلى افتقار النازحين للأساسيات من مياه وطعام ودواء وصرف صحي. وحال حسين مثل آلاف النازحين الذين يعانون من شحّ الدعم، وضعف إمكانيات المخيمات عموماً.