جرائم عائلية... مصريون يخشون الأسوأ

23 يناير 2019
حزن (علاء أحمد/ الأناضول)
+ الخط -
خلال الآونة الأخيرة، ارتفعت نسبة الجرائم الأسريّة في مصر، التي باتت تتناولها وسائل الإعلام المصرية بكثرة، وخصوصاً أنها قد تؤدي إلى القتل. فيكون مصير مرتكب الجريمة إما الإعدام أو السجن مع الأشغال الشاقّة، الأمر الذي لم تعتده العائلات المصرية.

ويشعر المصريّون بالقلق من جراء تكرار هذه الحوادث التي لم يعتادوها، حتى إنّ البعض بات يفضّل العزوف عن متابعة أي مستجدات، تجنباً لمزيد من الإحباط. ويعزو خبراء مصريّون الأمر إلى حالة الانفلات الأخلاقي في المجتمع، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهد العنف في الأفلام والمسلسلات، والتفكك الأسري، وانتشار المخدرات، إضافة إلى الضغوط النفسية. ووصل الأمر إلى مطالبة بعض أعضاء مجلس النواب بإقرار قوانين تتضمّن موادّ رادعة بهدف الحدّ من هذه الكارثة التي تهدّد استقرار المجتمع.

وخلال الأسبوع الثالث من شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، وصل عدد الجرائم في مصر إلى 16، واحتلّت القاهرة الكبرى (القاهرة – الجيزة – القليوبية) المرتبة الأولى؛ إذ وقع فيها نصف عدد الجرائم، ما ينذر بكارثة اجتماعية. وفي القاهرة، وتحديداً في منطقة المطرية، ذبح شاب في العقد الثالث من عمره زوجته بسكين وهي تحتضن طفلها الرضيع الذي لم يتجاوز السنة من العمر، بسبب خلافات بينهما على الشقة. وعلى الرغم من توسلاتها وبكاء صغيرها، قتلها وتركها في المرحاض غارقة في دمائها وفرّ هارباً. وفي الشرابية، قتل جزار شقيقه بساطور، بسبب خلاف مالي بينهما.




وفي منطقة عين شمس (شرق القاهرة)، عمد أب إلى تعذيب ابنته حتى الموت، بعد تقييدها بالحبال. وفي منطقة السلام، قتل شاب والده (65 عاماً) الذي يعمل منجداً بطعنتين بآلة حادّة بالصدر والبطن، وتركه غارقاً في دمائه على سرير في غرفة النوم، لأنه عايره لكونه عاطلاً من العمل.

وفي محافظة الجيزة، تحديداً في منطقة كرداسة، اتهمت فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً والدها بالاعتداء الجنسي عليها، مستغلاً وجودهما بمفردهما في المنزل بعد انفصال والدتها عنه. وفي الهرم، قتل زوج زوجته بعد خنقها لشكّه في سلوكها. وفي إمبابة، اعترفت ربة منزل بقتل ابنها (13 عاماً) في إمبابة بسبب عدم تفوقه في الدراسة. وفي مدينة الشيخ زايد، قتلت أم ابنها البالغ من العمر 4 سنوات، بعدما ضربته بسبب بكائه الشديد. وفي الهرم، قتل شابٌ والده في الهرم نتيجة خلافات أسرية.

وفي القليوبية الواقعة في نطاق القاهرة الكبرى، قتل شاب والدته المسنّة بحجة سوء معاملتها له في منطقة شبرا الخيمة، فيما قتل صاحب محلّ في العقد الثالث من عمره زوجته (19 عاماً) خنقاً في منطقة قليوب. وأدّت مشادّة كلامية إلى اعتدائه عليها بالضرب وخنقها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.

وفي مدينة المحلة في محافظة الغربية في دلتا مصر، قتل أحد الأشخاص ابن شقيقته (25 سنة) بسبب طعنة في الصدر أودت بحياته، لأنه حاول التدخّل بين المتهم وزوجته لحلّ مشكلة عالقة بينهما. وفي محافظة الدقهلية، طعن أب ابنه لرفضه العمل معه وإبداء رغبته بالاستقلالية. وفي محافظة الشرقية، أنهت ربة منزل في مركز منيا القمح حياة ابنها (7 سنوات)، أثناء تأديبه بآلة حادّة أدت إلى نزف في الرأس.



ولا ينتمي مرتكبو هذه الجرائم إلى طبقة معيّنة بالضرورة. على سبيل المثال، إحدى الجرائم التي هزّت الرأي العام في مصر والعالم العربي، تمثّلت في قتل طبيب شاب في محافظة كفر الشيخ زوجته، وهي طبيبة أيضاً، وأطفاله الثلاثة في منزلهما.

وفي صعيد مصر، أقدم عامل على قتل ابنته التي تبلغ من العمر ثلاثة أيام، في مركز نجع حمادي في محافظة قنا، من جرّاء معاناته النفسية. وفي المحافظة نفسها في مركز أبو تشت، أقدم شاب (28 عاماً) على طعن ابنة عمه التي تبلغ من العمر 27 عاماً بـ 17 طعنة بالسكين في منزلها، بسبب إصرارها على التمثيل في أفلام سينمائية. أما القضية الأخرى التي هزت الرأي العام، فهي قيام ربة منزل بذبح طفليها (6 سنوات) و(4 سنوات) بسكين.

وتؤكّد أستاذة علم الاجتماع سامية خضر، أن الظاهرة ازدادت بقوة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأرجعت أسباب الظاهرة إلى انتشار المخدرات بين الشباب، مؤكدة أن 80 في المئة من جرائم القتل والسرقة وهتك الأعراض هي بسبب تناول المخدرات، التي تؤدي إلى اختلال في وظائف التفكير والإدراك، إضافة إلى الأعمال الدرامية التي تشجع على العنف. وتوضح أن جرائم الشرف تنتشر بين الأزواج بسبب الرغبة في الانتقام، بعيداً عن أي خلافات مادّية.

من جهته، يحذّر أستاذ الطبّ النفسي في جامعة الأزهر عادل يونس، من ارتفاع نسب الجرائم في المجتمع، مطالباً بضرورة عودة الودّ والرحمة والتفاهم بين طرفي المعادلة داخل الأسرة أي الزوج والزوجة، كما كان يحدث سابقاً، والتصدّي للمشاكل الأسرية التي تحولت إلى ظاهرة خطيرة، من بينها ارتفاع نسب الطلاق والجرائم التي تصل إلى حد القتل. ويشير إلى أنه في حال استحالت العشرة بين طرفين يكون الطلاق، أما جرائم القتل فهي بشعة ومحرمة دينياً، موضحاً أن المشاكل المادّية وما يترتب عليها من شعور بالعجز والوقوع فريسة نوبات اكتئاب حادّة، تدفع بصاحبها في النهاية إلى ارتكاب الجرائم حتى لو كان الضحية أقرب المقربين إليه.

بدوره، يشدد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري النائب جمال عبد العال، على ضرورة قيام الجميع بدوره، بدءاً من رب البيت، مروراً بمؤسسات الدولة، وصولاً إلى المجتمع المدني ودور العبادة، لأن المسألة في حاجة إلى التكاتف، ولن يقضى عليها من دون أن يعمل الجميع معاً. ويطالب بتشريع قانون من مجلس النواب لمواجهة جرائم القتل التي ازدادت حدتها مؤخراً.




ويرى الناشط الحقوقي والمحامي فتحي عبد العزيز، أن غياب التربية والقيم والأخلاق وتفاقم الأزمات الاقتصادية، كلّها عوامل تؤدي دوراً كبيراً في انتشار مثل هذه الجرائم، مشيراً إلى أن التنشئة الدينية تعدّ عاملاً ضرورياً لتقويم سلوك المجتمع. يضيف أن القوانين المنظّمة للأسرة يجب أن تلبّي دوماً حاجات العائلة لتحقيق الاستقرار، لافتاً إلى أن التشريعات المتعلقة بالأسر تحتاج إلى تعديلات. ويرى أنّ قانون "الخلع" أدّى إلى حدوث مشاكل اجتماعية في كافة المحافظات المصرية، وزيادة الخلافات، ووضع سلاح في يد كل من الرجل والمرأة.
المساهمون