الكوليرا يقلق المغرب العربي: تعرفوا على طرق انتقاله وعلاجه

28 اغسطس 2018
حصد الوباء أرواح الأطفال في اليمن (Getty)
+ الخط -
ما زالت الكوليرا تشكل تهديداً عالمياً للصحة العمومية ومؤشراً رئيسياً على انعدام التنمية الاجتماعية، وهي عدوى حادة تسبب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة بضمات بكتيريا الكوليرا. 

وعاودت الكوليرا الظهور في الآونة الأخيرة، بالتوازي مع الزيادة في عدد فئات السكان المعرضة لخطر الإصابة بها والتي تعيش في ظروف غير صحية، ولُوحِظ أن هذا الوباء ظهر في الجزائر وخلف صدمة وهلعاً بين المواطنين، امتد إلى بلدان مجاورة، منها المغرب الذي خرج ببيان رسمي ينفي تسجيل أي إصابات والإعلان عن إجراءات وقائية احترازية في هذا الصدد، وكذا تونس التي حذرت المواطنين من إمكانيات انتقال الوباء عن طريق المياه والأغذية والمحيط، مشددة على اتباع إجراءات السلامة والحماية.

متى ظهر وباء الكوليرا؟ 

انتشرت الكوليرا خلال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند. واندلعت بعد ذلك ست جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر عبر القارات كلها. أما الجائحة السابعة فقد اندلعت بجنوب آسيا في عام 1961 ووصلت إلى أفريقيا في عام 1971 ومن ثم إلى الأميركيتين في عام 1991. وتتوطن الكوليرا الآن العديد من البلدان.

وتشير تقديرات الباحثين إلى وقوع عدد يتراوح تقريباً بين 1.3 و4 ملايين حالة إصابة بالكوليرا سنوياً، وإلى تسبب الكوليرا في وفيات يتراوح عددها بين 21 ألفاً و 143 ألف وفاة بأنحاء العالم أجمع.

وفي اليمن تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا ما بين 27 أبريل/ نيسان 2017 و22 يوليو/ تموز 2018، بلغت مليوناً و125 ألفاً و189 حالة، في وقت بلغ عدد الوفيات بسبب المرض 2326 حالة، مشيرة إلى أن الحالات المشتبه بإصابتها في الحديدة بلغت 165 ألفاً و275، في وقت توفي 292 شخصاً. 

وفي الجزائر التي تم الكشف عن أول حالة في 7 من أغسطس/ آب الجاري، أعلنت وزارة الصحة أن عدد المصابين ارتفع إلى 56 حالة من بين 161 حالة استقبلتها المستشفيات، وغالبيتها انتقلت بسبب استهلاك مياه غير معالجة.

وتوزعت خريطة حالات الإصابة بالوباء على ست محافظات، أحدثها 30 حالة مؤكدة من بين 106 حالات مشتبه بها في محافظة البليدة، و12 حالة مؤكدة من بين 19 حالة مشتبهاً بها في محافظة تيبازة، وسجلت 3 حالات في ولاية البويرة، من مجموع ست حالات مشتبه بها، وحالتان في ولاية عين الدفلى.

وفي المغرب، أعلنت وزارة الصحة المغربية، اليوم الثلاثاء، أنها لم تسجل أي حالات إصابة بداء الكوليرا على خلفية ظهوره بالجزائر.

المناطق الفقيرة أكثر عرضة للوباء

تقول منظمة الصحة العالمية، إن هناك صلة وثيقة بين سريان الكوليرا وقصور إتاحة إمدادات المياه النظيفة والمرافق الصحية. وتشمل المناطق المعرضة للخطر الأحياء الفقيرة المتاخمة للمدن حيث تنعدم فيها البنية التحتية الأساسية، وكذلك مخيمات المشردين داخلياً أو اللاجئين التي لا تستوفي أدنى المتطلبات فيما يتعلق بتوفير إمدادات المياه النظيفة ومرافق الإصحاح.

ويمكن أن تسفر العواقب المترتبة على وقوع أية كارثة إنسانية - مثل تعطل شبكات المياه ومرافق الصحة أو نزوح السكان إلى مخيمات مكتظة وغير ملائمة – عن زيادة خطورة سريان الكوليرا إذا كانت بكتريا المرض موجودة فيها أو إذا وفدت إليها من مكان ما. ولم يسبق الإبلاغ عن أن الجثث غير المصابة بعدوى المرض قد شكلت مصدراً لانتشار الوباء.

ما هي وسائل الوقاية من الكوليرا؟

توفير إمدادات المياه والحرص على النظافة الشخصية والتعبئة الاجتماعية وإعطاء لقاحات الكوليرا الفموية، كما ينبغي أن يشكّل ترصّد الكوليرا جزءاً من نظام متكامل يشمل جمع التعليقات عليه على المستوى المحلي وتبادل المعلومات عنه على المستوى العالمي.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الحل طويل الأجل لمكافحة الكوليرا يكمن في تحقيق التنمية الاقتصادية وحصول الجميع على مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الملائمة، وهي تدابير تؤمن الوقاية من الكوليرا المتوطنة ووباء الكوليرا على حد سواء. 

ومن بين الإجراءات التي تقدمها، إقامة شبكات توزيع المياه بواسطة الأنابيب ومرافق لمعالجة المياه (بالكلور)، تنفيذ تدخلات على مستوى الأسر المعيشية (تنقية المياه بواسطة المرشحات أو تعقيمها بالمواد الكيميائية أو بالطاقة الشمسية، وتخزين المياه على نحو مأمون)، إنشاء شبكات لتصريف مياه المجارير على نحو مأمون، بما فيها مياه المراحيض. 

ما هو علاج وباء الكوليرا؟

إن الكوليرا مرض سهل العلاج، ويمكن أن يتكلّل علاج معظم المصابين به بالنجاح من خلال الإسراع في إعطائهم محاليل الإمهاء الفموي. وقد يحتاج المريض البالغ إلى كمية تصل إلى 6 لترات من هذا المحلول لعلاج الجفاف المعتدل في اليوم الأول من إصابته بالمرض.

تنتعش الكوليرا في المناطق الفقيرة (Getty)

أما المرضى الذين يعانون من جفاف شديد فهم معرضون لخطر الإصابة بالصدمة ويلزم الإسراع في حقنهم بالسوائل عن طريق الوريد. ويحتاج شخص بالغ وزنه 70 كيلوغراماً إلى حقنه بكمية من السوائل قدرها 7 لترات على الأقل عن طريق الوريد، علاوة على إعطائه سوائل الإمهاء الفموي أثناء علاجه. كما يُعطى هذا النوع من المرضى المضادات الحيوية المناسبة لتقليل مدة الإسهال، والحد من كمية المأخوذ من سوائل الإماهة اللازمة، وتقصير مدة إفراز ضمات الكوليرا في البراز.

علاج المرض سهل لكن ينبغي الانتباه للأعراض (Getty)

ولا يُوصى بإعطاء المضادات الحيوية على نحو جماعي لأنها لا تؤثر تأثيراً مُجرّباً على انتشار الكوليرا، وتسهم في زيادة مقاومتها لمضادات الميكروبات.

الإجراءات الوقائية والتدابير الاستباقية

ينبغي الحرص على اتباع أساليب النظافة الشخصية، مثل غسل اليدين بالماء والصابون وإعداد الطعام وتخزينه على نحو مأمون والتخلص من غائط الأطفال على نحو آمن. ويجب تكييف الممارسات المتبعة فيما يخص جنازات الأفراد الذين يقضون بسبب الكوليرا على نحو يؤمن وقاية الحاضرين في مراسم الجنازة من الإصابة بعدوى المرض، كما ينبغي الترويج للرضاعة الطبيعية.

وعلاوة على ذلك، ينبغي تنظيم حملات توعية أثناء اندلاع الفاشيات وتزويد المجتمع المحلي بالمعلومات عن المخاطر والأعراض المحتملة للكوليرا، والاحتياطات الواجب اتخاذها لتجنب الإصابة بها وزمن الإبلاغ عن حالات الإصابة بها ومكانه والسعي إلى طلب العلاج فوراً عند ظهور أعراضها. كما ينبغي تبادل مواقع مرافق العلاج المناسب. 

أهمية التوعية الصحية (Getty)

وفي سياق متصل، أعلنت الجزائر عن اتخاذ جملة من التدابير الوقائية الاستباقية لتأمين المؤسسات التعليمية من الوباء، ووجهت خلال اجتماعها مع مديري التربية في المحافظات، إلى ضرورة اتخاذ "الاحتياطات اللازمة لحماية التلاميذ والوسط التربوي من وباء الكوليرا، وتدعيم قواعد النظافة بصيانة وتطهير الخزانات والصهاريج ودورات المياه تحسبا للدخول المدرسي المقبل، حفاظاً على صحة التلاميذ والطاقم التربوي".

في السياق ذاته، حذرت عدة دول غربية وعربية رعاياها في الجزائر من خطر الإصابة بوباء الكوليرا، وأعلنت اتخاذ تدابير وقائية لمنع انتقال الوباء إليها، وأعلنت وزارة الصحة التونسية عن تكثيف تدابير وقائية لمنع وصول وباء الكوليرا من الجزائر، خاصة في ظل استمرار توافد عدد كبير من السياح الجزائريين.

وقررت إدارة الرصد والتقصي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض في وزارة الصحة الليبية "الرفع من درجة التأهب والاستعداد لمواجهة احتمال وصول وباء الكوليرا من الجزائر إلى ليبيا، خصوصاً عند المناطق الحدودية".

وفي المغرب، أكدت وزارة الصحة أنها اتخذت مجموعة من التدابير الاستباقية والاحترازية للوقاية من أي ظهور محتمل لحالات وبائية بالمغرب، أهمها: تعزيز إجراءات الرصد واليقظة الوبائية المتعلقة بالالتهابات الحادة للجهاز الهضمي وكل التسممات الغذائية الجماعية، المراقبة الصحية على الحدود وخاصة في المطارات المستقبلة للرحلات القادمة من بعض الدول التي تعرف انتشارا لحالات الإصابة بداء الكوليرا، دعم مختبرات المستشفيات في مجال تشخيص البكتيريا المسببة لداء الكوليرا.

وبحسب المصدر نفسه، فإن من بين التدابير المتخذة، توفير المخزون الكافي من الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لعلاج الحالات المرضية، وضع رقم هاتفي رهن إشارة المواطنات والمواطنين بغرض الحصول على مزيد من المعلومات.

وأوضحت في بيان لها، أنه "منذ سنة 1997 لم تسجل أية حالة وبائية لداء الكوليرا بالمغرب، وذلك بفضل البرنامج الوطني لمحاربة الأمراض المتنقلة عبر الماء، وكذا التقدم الهام الذي تم تحقيقه في مجالي التزويد بالماء الصالح للشرب والتطهير السائل".

المساهمون