محمد بزيع: كوارث بيئية في لبنان

18 اغسطس 2018
المطلوب خطط مستدامة (العربي الجديد)
+ الخط -
تعمل جمعية "الجنوبيون الخضر" على مشاريع عدة، لحماية البيئة في لبنان، إذ ترصد الأحوال وتنظم النشاطات وتطلق المبادرات. وهو ما يتحدث عنه إلى "العربي الجديد" عضو هيئتها الإدارية، محمد بزيع، المجاز في الرياضيات والأدب العربي، والذي يتابع حالياً دراساته العليا في الاقتصاد

ما هو واقع البيئة في لبنان عامة؟
يفتقر الوضع البيئي في لبنان إلى أدنى مقومات الحماية من مخاطر التلوث. يصاحب ذلك قصور وضعف في المبادرة من الدولة إلى إجراءات استباقية لحماية البيئة والحياة البرية. شهد لبنان أخيراً كوارث بيئية متعددة بدأت مع أزمة النفايات وغياب خطة مستدامة لمعالجتها، ما شرّع الأبواب أمام تكاثر مكبات النفايات كالفطر، خصوصاً بعد إغلاق المكبات الكبيرة والمركزية، ما دفع كلّ بلدة ومدينة إلى إنشاء مكب ضمن حدودها. هذا الوضع أسس لنشوء أكثر من 900 مكب نفايات في لبنان، بحسب أرقام وزارة البيئة. كارثة أخرى هي تلوث نهر الليطاني، النهر الأكبر في لبنان، الذي ينبع من البقاع الشمالي ويصب في الجنوب. أما على صعيد الرؤية الاستراتيجية والتفكير المستدام، فهناك ضعف في التخطيط لدى الدولة لحماية الحياة البرية وما تتضمنه من حماية للأحراج والحيوانات والأنهار، وإعلان للمحميات، ومواجهة للمشاريع الكارثية على البيئة.

عرّفنا على جمعية "الجنوبيون الخضر" وميدان عملها
"الجنوبيون الخضر" بدأت عملها عام 2012 ونالت العلم والخبر (الترخيص) عام 2014. هي جمعية تُعنى بالحفاظ على الإرث الطبيعي والثقافي في الجنوب ولبنان ككلّ، مركزها مدينة صور. تنقسم الجمعية إلى لجان متعددة، منها: لجنة الحياة البرية، العاملة على ملف المحميات، ولجنة الاستدامة، العاملة على قضية النفايات، إذ قدمت مطالعة شاملة لآلية معالجتها، كما تنظم فعاليات اليوم الوطني للسلاحف البحرية في الخامس من مايو/ أيار من كلّ عام. والمرصد الأخضر، الذي يهتم برصد كلّ التعديات على الحياة البرية في الجنوب ولبنان عامة والعمل على معالجة الحالة كإعادة الحيوان المحتجز إلى البرية. ونادي الذئب الرمادي، الذي ينظّم نشاطات المسير في البرّية للإضاءة على فرادة بعض الأماكن وضرورة حمايتها.




ما هي رؤيتكم للحلول البيئية المستدامة والفعالة لبنانياً، في قضايا مثل: النفايات، والصيد غير الشرعي، وتمدد الإسمنت على حساب المساحات الخضراء؟
منطلقنا في حماية الحياة البرية والنظم الإيكولوجية ينبع من الحرص على تطور مستدام للبشرية يحفظ مصالح البشر وأبنائهم. الدولة هي المسؤول الأول عن تأمين هذه الاستدامة بما تمثل من تطوير للقوى المنتجة بشكل لا يتعارض وحماية البيئة التي فيها حمايتنا وصحتنا ومصالحنا. لذلك، فمن واجب الدولة أن تلعب دورها وتكون لها رؤيتها البعيدة المدى. من هنا ضرورة الاستعاضة عن مشاريع المكبات والمحارق بخطة شاملة لمعالجة النفايات تتضمن معامل للفرز وإعادة التدوير. كذلك، يجب إيلاء الاهتمام بنهر الليطاني الذي هو أحد أهم موارد لبنان المائية ومنه يستفيد مئات آلاف اللبنانيين ويعتاشون. بالنسبة للصيد، على الدولة أن تتبنى مقاربة مختلفة وتحدد فترات السماح، وتشدد الحماية للطيور المقيمة والمهاجرة التي تلعب دوراً حيوياً بتوازن الحياة البرية اللبنانية، وينبغي اتخاذ إجراءات حماية لها في فترات هجرتها، طوال محطات استراحتها. في لبنان فكرة خطيرة غير دقيقة يُروّج لها، وهي أننا في حاجة إلى التوسع العمراني المطرد لاستيعاب الزيادة السكانية العالية وكثافتها، وهو ما يلحق أضراراً واسعة بالنظم البيئية من غابات وأحواض أنهار وشواطئ. كذلك، أجريت، للغاية نفسها، تعديلات للتصنيف العقاري لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية إلى تجارية وغير ذلك، وهو ما قوض المساحات الخضراء. من الضروري أن يجري العمل بداية على تطبيق الخطة الشاملة لترتيب الأراضي وتوجيه التوسع الحضري بهدف حماية ما تبقى من المساحات البرية اللبنانية التي تشكل إرثاً طبيعياً فريداً وكذلك الحفاظ على المساحات الزراعية والخضراء لتوفير فرص اقتصادية مستدامة للمجتمعات المحلية.
المساهمون