عبد القدوس صبوري... هاجرت أسرته مرتين إلى باكستان

13 يونيو 2018
"نحن نعشق بلادنا" (العربي الجديد)
+ الخط -

هاجر والده من أفغانستان إبان الغزو السوفياتي. عاش في عدد من مخيمات اللاجئين الأفغان حتى استقر في مدينة راولبندي، في باكستان، في مخيم للاجئين الأفغان يسمى كتشي أباد. في المخيم نفسه ولد عبد القدوس صبوري (26 عاماً) وخمسة من إخوته في الغربة والفقر وفي منزل لم يكن فيه لا ماء ولا كهرباء.

بشق النفس استطاع الوالد عبد الصبور أن يرعى أولاده ويوفر لهم ما كانوا يحتاجون إليه. لكنه لم يفكر في دراسة الأولاد ليس لأنه لا يحب التعليم، بل لأنه لم يكن يملك الإمكانيات.

يتوسط عبد القدوس إخوته. مارس مهناً كثيرة مع الوالد تارة، ومع الإخوة الكبار تارة أخرى. عمل فترة طويلة كبائع للخضار والفواكه، ولكنه وجد أخيراً رغبته في إصلاح الدراجات النارية. تعلّم هذه المهنة من معلّم من إقليم البنجاب في منطقة متياله بمدينة راولبندي. وهو يمارسها اليوم ويكسب قوت أولاده منها.

يقول عبد القدوس: "العيش مهاجراً متعب للغاية، لا سيما لأولئك الذين لم ينالوا قسطاً من التعليم. تعب الوالد كثيراً وعمل ليل نهار كي يؤمن لنا ضرورياتنا". يضيف عبد القدوس أنه لم يذهب يوماً واحداً إلى المدرسة. تعلّم القرآن الكريم وبعض أمور الدين. لكنه يأمل أن يتمكن من تعليم أولاده.

تزوج عبد القدوس قبل ستة أعوام في مدينة راولبندي ورزق بولدين. همه الوحيد اليوم أن يكبرا وأن يدرسا كي لا يكونا مثله ومثل إخوته بلا تعليم. يقول: "الحياة بلا تعليم ليست حياة. أشعر بخجل عندما أشاهد بعض أقراني الذين تعلموا ووصلوا إلى مناصب عالية، بينما أنا وإخوتي بقينا هكذا. لذا قررت أن يتعلم أولادي مهما تكون الظروف".

ألحّ الوالد عبد الصبور أن تعود الأسرة إلى أفغانستان. كان الأبناء جميعاً يرفضون ذلك ولكن مع إلحاح الوالد ذهب الجميع إلى أفغانستان وتحديداً إلى إقليم قندوز في عام 2006. بعد أيام من وصولهم سقط صاروخ على منزلهم في مديرية إمام صاحب أثناء الحرب بين الحكومة وطالبان، مما أدى إلى إصابة الوالد. حينها قررت الأسرة مغادرة أفغانستان مرة أخرى والتوجه صوب باكستان.




تلقى الوالد العلاج في كابول ولكنه من دون جدوى ثم نقل إلى باكستان، كما يحكي عبد القدوس. عولج الوالد وبقي الالتواء في رجله. ومنذ ذلك الحين تعيش الأسرة كلها في مدينة راولبندي في بيت بالإيجار. ورغم كل ما حصل له وما عاشته الأسرة ما زال الوالد عبد الصبور يرغب في العودة إلى أفغانستان، ولكن هذه المرة يرفض الأبناء ذلك بشكل قاطع.

يقول عبد القدوس: "نحن كغيرنا من الأفغان نعشق بلادنا بلا شك ولكن بسبب الحالة الأمنية لا نريد الذهاب إلى هناك. لا نريد أن نبقى في حالة من الاضطراب وتحت وطأة الحرب".
المساهمون