بلجيكا تتأهب لاستقبال نساء وأطفال جهاديِّيها

06 فبراير 2018
مصيرهم مجهول (تويتر)
+ الخط -


لم تتخذ البلدان الأوروبية قراراً جماعياً بالإجراءات التي يمكن أن تتبعها إزاء مواطنيها الجهاديين، خصوصاً حيال عائلاتهم من نساء وأطفال.

وإذا كانت فرنسا، حكومة ويميناً، لا تخفي أملهَا بعدم عودة هؤلاء الجهاديين، وتفضل أن يُحاكَموا في سورية والعراق، على الرغم من معارضتها الخافتة لأحكام إعدام ربما تخلص إليها نتائج المحاكمات، إلا أنها تبدو أقل تردداً في استقبال نساء وأطفال هؤلاء الجهاديين الفرنسيين. أما بلجيكا، البلد الأوروبي الصغير، الذي "صدّر" كثيراً من هؤلاء الجهاديين إلى سورية والعراق، يعاني من المأزق ذاته، وإن كان وزراء قد صرحوا سابقاً بأن عودة أطفال الجهاديين البلجيكيين تلقائية.

وتستعرض صحيفة "لوسوار" البلجيكية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، تقريراً جديداً لمعهد "إيغمونت" عن الجهاديين العائدين والتحدّي الذي يطرحه هؤلاء المقاتلون على الدول الأوروبية. ويتطرق التقرير إلى المقاربات البلجيكية والهولندية والألمانية لهذا الموضوع.

واستبقت الصحيفة موقف أجهزة الاستخبارات البلجيكية، مرجحة حدوث موجة تدفق ثالثة لهؤلاء إلى أوروبا ستكون أقل حدة.

ويرى أحد مؤلفي التقرير، طوماس برنار، أن "حظوظ موت عدد كبير من المقاتلين واعتقال آخرين وإصدار أحكام ضدهم في عين المكان كبيرةٌ، بسبب سقوط الخلافة والتراجع العسكري لتنظيم داعش". لكنه لم يستبعد حدوث موجة ثالثة من العودة تخص الأطفال والنساء، الذين "يُعامَلون على الأرجح، بكثير من الرأفة من قبل المليشيات والسلطات المحلية".

وتشير الصحيفة البلجيكية إلى أنّ مئات من الأطفال الأوروبيين لا يزالون في سورية والعراق. ومن بينهم 137 قاصراً بلجيكياً، حسب "جهاز التنسيق من أجل تحليل التهديد"، ثلاثة أرباعهم ولدوا في عين المكان، في المناطق التي كانت تحت سيطرة "داعش".


وتشير الصحيفة إلى ما أعلنه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي كل من وزيري العدل، كوين غينس، والشؤون الخارجية، ديديي ريندرس، من أن الأطفال دون سن العاشرة، الذين ولدوا في سورية من أب أو أم بلجيكيين، سيستفيدون من حق العودة تلقائياً. لكن ليس بين يدي السلطات البلجيكية سوى ملف واحد، حتى الآن.

ويلفت التقرير إلى بعض الغموض في السياسة البلجيكية، على الرغم من أنها على حدّ قوله: "أصبحت منتظمة وشاملة ومنسقة"، ومن بينها قضية الأب الميّت (المقاتلين الذي قضوا في العمليات العسكرية مع التنظيم)، الذي من دونه لا يمكن تحديد الحمض النووي، وهو الشرط الضروري لتحديد الأبوة.

ويستعرض التقرير قضيةً لا تزال معلقة، وهي مسألة التأطير الذي يمكن أن يُمنَح لأبناء الجهاديين، الذين تلقّى خُمسهم تربية عسكرية في صفوف داعش، لأنّ "التدريب العسكري لدى داعش يبدأ في سن التاسعة"، وبالتالي "تجب إدارة عودة هؤلاء الذين يُحتمَل أن يكون بعضُهم عنيفاً".

وترى الصحيفة أن هؤلاء الأطفال عموماً يعتبرون ضحايا ويُعامَلون من قبل السلطات على هذا الأساس. لكن تقرير معهد "إيغمونت" يشير إلى أن "أقلية صغيرة من هؤلاء يمكنها أن تشكّل، في المستقبل، تهديداً أمنياً".

وتحصي الصحيفة خمسة من القاصرين العائدين من سورية، في بلجيكا الفرنكوفونية منذ 2014، ومن بينهم امرأة واحدة، حوكمت باعتبارها "مقاتلة إرهابية أجنبية". في حين اعتبر الآخرون، وكانوا صغاراً جداً، "في موضع خطر"، فوُضعوا في كنف عائلات استقبال.

وتجدر الإشارة إلى أن كل حالة من هؤلاء العائدين القاصرين ستدرسها السلطات المعنية على حدة.

أما النساء اللواتي يمثلن ما يقرب خُمس مقاتلي تنظيم "داعش"، فقد استفدن خلال فترة طويلة من معاملة تفضيلية من قبل السلطات البلجيكية. ولكن الوضع تغير الآن، بحسب التقرير، و"انتقلت النساء الجهاديات من وضعية الضحية إلى وضعية المُشارِكات، ما يضع في الافتراض أنهن خطيرات". وهذا يعني، في حقيقة الأمر، وضع النسوة عند عودتهن من سورية، كما الرجال، في قفص الاتهام.

وتميز عام 2017 بالحكم على عائدة من سورية بعقوبة السجن بسبب "دورها كربّة بيت، وهو شكّل دعماً وتشجيعاً لأنشطة مجموعة إرهابية".

وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام البلجيكية في هذا الصدد تكشف أن 105 أطفال ولدوا في سورية من أب بلجيكي، وإن 498 شخصاً كانوا من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وأن 115 عائداً يعيشون حالياً في بلجيكا، 44 منهم في السجن.

وتكشف الصحيفة عن تقديرات تشير إلى أن نحو 269 بلجيكياً، أغلبيتهم من الرجال والأطفال، لا يزالون في سورية.

وفي النهاية يوصي التقرير الجديد السلطات البلجيكية بتأطير هؤلاء الأطفال العائدين، "لتجنب انبعاث فينيق الجهاديين من رمادهم".​
المساهمون