التعريف بمراكز الأبحاث

19 سبتمبر 2017
مراكز الأبحاث مختلفة المناشئ والمهام (أولي سكارف/ Getty)
+ الخط -
تتعدد تعريفات مراكز البحث والدراسات، الأمر الذي يعبر عن خلافات بين الباحثين والعلماء لهذه الظاهرة التي باتت تحتل مركزاً وازناً في عالم اليوم مع تعقد العلاقات البينية بين الدول والقطاعات والمجالات. فمثلاً لا يمكن النظر إلى العلاقات الدولية القائمة في عالم اليوم، وتشابكها من دون النظر في الاستراتيجيات التي تعتمدها كل دولة من الدول الكبرى، ما يستوجب أيضاً الوقوف أمام أداء المؤسسات الأممية والقارية والإقليمية داخل وخارج منظومة الأمم المتحدة ومتفرعاتها. وهذا الجانب لا يمكن أن يغطي مسألة العلاقات تنافساً وصراعاً وتحالفاً، إذ يستوجب الأمر النظر بإمعان أيضاً عند شبكات المصالح الاقتصادية وتوفر أو عدم توافر المواد الأولية وحركة الأسواق والبورصة وأسعار السلع ومدى قوة وقدرات جماعات الضغط. ويدخل في هذا الإطار شركات النفط العابرة للقارات وصناعة الأسلحة والسيارات والأجهزة الرقمية، والأهم من هذا وذلك المصارف وما يتوفر لديها من رؤوس الأموال المتحركة بين القارات عبر المضاربات وغيرها. ودون مزيد من الشرح يمكن القول أن لكل هذه المواقع تأثيرها في القرارات والخيارات السياسية، ليس فقط في صعيد الدول بما فيه العالم الثالث الذي يخضع لما يقرره "الأخ الأكبر".

وبالعودة إلى بيت القصيد يمكن القول إن تعدد التعريفات لا يحدد تعدد المدارس التي ينتمي إليها الباحثون، بقدر ما يعبر عن أهداف معينة تعمل عليها المراكز والباحثون الذين ينتسبون إلى صفوفها. البعض يصنف هذه المراكز بأنها وعاء أو خزان عقلي أو مؤسسات غير حكومية لا تبغي الربح. ومثل هذا التصنيف كما هومعروف قاصر عن الإحاطة بهذه الظاهرة المعقدة. فالشائع أن هناك الكثير من المراكز البحثية الحكومية التي تنشئها الدول لتقديم أبحاث ومعطيات عميقة الجذور حول مسائل محددة سواء في المجالات الداخلية أو الخارجية. ثم إن هناك مؤسسات مهجّنة، أي أنها تعتمد تمويلاً مزدوجاً من الحكومات والأفراد والشركات على حد سواء، والتصنيف السابق لا يحيط بها.

وتعرّف مؤسسة راند للأبحاث هذه المراكز بأنها "تلك الجماعات أو المعاهد المنظمة التي يتحدد هدفها بإجراء أبحاث مركزة ومكثفة. وتشتغل على تقديم الحلول والمقترحات للمشاكل المدروسة بصورة عامة وخصوصاً في المجالات التكنولوجية والاجتماعية والسياسية والإستراتيجية، أو ما يتعلق بالتسلح". الواضح من التعريف السابق أنه ينطلق من الدور الذي تقوم به مراكز الأبحاث. وترى موسوعة ويكيبيديا أنها "المنظمات أو المؤسسات التي تتولى إعداد الأبحاث والدراسات والتحليلات لمسائل عامة وهامة في الوقت نفسه".

أما هوارد. ج. وياردا وهو أستاذ في مجال العلاقات الدولية في جامعة جورجيا الأميركية، وأستاذ باحث في مركز "ودرو ويلسون" في واشنطن فيصفها بأنها عبارة عن "مراكز للبحث والتعليم، ولا تشبه الجامعات أو الكليات، كما أنها لا تقدم مساقات دراسية؛ بل هي مؤسسات غير ربحية، وإن كانت تملك منتجا هو الأبحاث. هدفها الرئيسي البحث في السياسات العامة للدولة، ولها تأثير فعال في مناقشة تلك السياسات. وهي لا تحاول تقديم معرفة سطحية للمسائل؛ بل تبحث فيها بعمق. إن هدفها الأساسي توفير البحوث والدراسات المتعلقة بالمجتمع والسياسات العامة، والتأثير في القضايا الساخنة التي تهم الناس".

*أستاذ جامعي

 
المساهمون