كوثر حميد لم تستسلم للنزوح

29 مايو 2017
خلال عملها (العربي الجديد)
+ الخط -
ربّما واجهت السوريّة كوثر الشيخ حميد مصاعب كثيرة في حياتها، إلّا أنّها لم تتوقّع يوماً أن تترك سورية وتنزح إلى لبنان، لتواجه مصاعب جديدة تتمثل في فقدان الأمن والأمان، إضافة إلى الظروف المادية الصعبة. المشهد نفسه يتكرّر، من العيش وسط الحرب والخوف، إلى فقدان لقمة العيش الكريمة في لبنان. أمر يجعل النساء يبحثن عن أية فرص عمل، مهما كانت، لمساندة أزواجهن أو أشقائهن أو عائلاتهن.

كوثر يوسف الشيخ تبلغ من العمر 27 عاماً، وهي من عفرين في سورية. بعد مرور بعض الوقت على اندلاع الحرب في بلدها، اضطرت إلى المغادرة، بعدما باتت الحياة مستحيلة. تركت سورية هي وأشقاؤها التسعة وأمها وأبوها، ونزحوا جميعاً إلى لبنان ليجدوا بيتاً في منطقة الهمشري في مدينة صيدا (جنوب لبنان).

تقول إن بدل إيجار منزلهم مرتفع، وما من معيل غير شقيقها ووالدها. إلا أن ما يحصلان عليه ليس كافياً، فقررت كوثر البحث عن عمل لتعيل أسرتها. وبعد البحث، وجدت عملاً في مؤسسة لبيع الفحم. عملها يقتصر على تعبئة الفحم في أكياس مخصصة لها بحسب وزنها. ما إن تبدأ العمل حتى تضع كمامة على وجهها، وترتدي كفين مخصصين للعمل.

تقول كوثر لـ "العربي الجديد": "منذ بدأت الحرب في سورية، تركنا البلد بسبب الخوف، خصوصاً أن الشظايا والقذائف باتت تنال من كل شيء، من دون أي رحمة بالمدنيين، عدا عن انعدام فرص العمل والحياة الكريمة. حرمنا من كل ما نحتاجه في حياتنا للاستمرار. وبعدما تركنا بيتنا وأرضنا، توجهنا إلى لبنان لنبحث عن مكان نعيش فيه، إلى أن تنتهي الحرب في سورية ونعود إلى منازلنا من جديد. وبعدما وصلنا إلى لبنان، كانت وجهتنا مدينة صيدا. وبالفعل، استأجرنا منزلاً في منطقة الهمشري".

وتشرح لـ "العربي الجديد" أنّه في لبنان تواجهنا مشاكل عدة، أبرزها الإقامة، لافتة إلى أنه يتوجب على جميع أفراد العائلة الحصول على إقامات للعيش في لبنان بطريقة شرعية، لافتة إلى أن كلفة الإقامة عن كل فرد من أفراد العائلة تبلغ قيمتها نحو مئتي دولار. "ولأننا لا نستطيع تأمين هذا المبلغ، ننتظر أن يكون هناك عفو حتى نتمكن من تجديد إقاماتنا". تضيف: "في أوقات كثيرة، لا نستطيع تجديدها بسبب المبلغ المادي المترتب علينا، يضاف إلى المبلغ الذي يجب تأمينه بدل إيجار البيت، ومتطلبات الحياة المعيشية الأخرى". وتلفت إلى أن "المعيشة في لبنان ليست سهلة، في ظل ارتفاع الأسعار، ما يجعلنا عاجزين عن تأمين كل ما نحتاجه".

وتلفت كوثر إلى أنه تحت وطأة الضغط المادي، قررت البحث عن عمل لمساعدة أهلها. تضيف أنه بعد بحث استغرق وقتاً، نجحت في الحصول على عمل في مؤسسة لبيع الفحم. مضى على عملها فيها نحو ثلاث سنوات. وفي الوقت الحالي، لا تشعر بأن هذا المكان غريب عنها. على العكس، باتت جزءاً منه. وتوضح أن عملها يقتصر على تعبئة أكياس الفحم، بهدف توزيعها في وقت لاحق على المؤسسات والمحال التجارية. "أنا سعيدة في عملي، خصوصاً أن راتبي يتيح لي مساعدة أهلي، ويؤمن متطلبات حياتنا الضرورية التي لا نستطيع الاستغناء عنها". وبعدما تزوجت، باتت تحرص على مساندة زوجها أيضاً.

في سورية، لم تعتد كوثر العمل، ولم تكن لتفكّر يوماً أنّها قد تضطر إلى العمل. لكن كل شيء تغيّر بعد النزوح، وبات لزاماً عليها أن تعمل لمساعدة أهلها. حالُها حال جميع السوريين الذين نزحوا بسبب الحرب، تتمنى أن تنتهي الحرب في سورية في أسرع وقت، ويعود الأمن والأمان والاستقرار، لترجع وأهلها إلى بلدها.

لا تشعر كوثر بالاستقرار في لبنان رغم أنها نجحت في إيجاد عمل، إضافة إلى زواجها. حياتها في سورية كانت مختلفة تماماً. أقله، كانت تشعر بأنها في أمان. اليوم، لا تدري ما إذا كان صاحب البيت قد يجبرهم على المغادرة أو يزيد بدل إيجار البيت. مع ذلك، يريحها أنها سعيدة في عملها، وأنها قادرة على مساندة زوجها.
المساهمون