نساء الهند في انتظار تجريم الاغتصاب الزوجي

05 يوليو 2024
ديفيا الشابة الهندية الناجية من الاغتصاب الزوجي، 15 مايو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الاغتصاب الزوجي في الهند**: يمثل انتهاكاً لحقوق النساء، مدعوماً بثغرة قانونية من حقبة الاستعمار البريطاني، حيث لا يُعتبر اغتصاباً إذا كانت الزوجة فوق 18 عاماً. المحامية كارونا نوندي تسعى لتغيير هذا القانون.

- **قصص ضحايا الاغتصاب الزوجي**: ديفيا وسواتي شارما ترويان معاناتهما مع الاعتداءات الجنسية والجسدية من أزواجهما، مما يعكس الواقع المؤلم للعديد من النساء.

- **الإحصائيات والجهود القانونية**: 6% من النساء المتزوجات في الهند يتعرضن للعنف الجنسي من أزواجهن. المحامية نوندي ومنظمات غير حكومية تعمل على تغيير القوانين، لكن التقدم بطيء.

يمثّل الاغتصاب الزوجي واحداً من الانتهاكات التي تتعرّض لها نساء الهند، اللواتي ينتظرنَ أن يُصار إلى تجريم هذا الشكل من أشكال العنف الجنسي الذي يهدّدهنّ. لكنّ هذا الانتهاك الشائع بصورة كبيرة في البلاد، تعزّزه ثغرة قانونية مرعبة تعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني.

ديفيا البالغة من العمر 19 عاماً من بين هؤلاء النساء، وقد اغتصبها زوجها في ليلة زفافها، عندما كانت تبلغ من العمر 17 عاماً. وتحكي لوكالة فرانس برس عن معاناتها الطويلة مع الاغتصاب الزوجي الذي ظلّ يتكرّر. وتسرد الشابة، التي اختارت "ديفيا" اسماً مستعاراً لها، وقد فضّلت عدم الكشف عن هويتها الحقيقية، ما جرى في تلك الليلة: "قلت له إنّني لم أمارس الجنس من قبل وطلبتُ منه التعامل معي بلطف"، لكنّه "ردّ بالرفض قائلاً إنّ الليلة الأولى مهمّة جداً لنا نحن الرجال. ثمّ صفعني بعنف ومزّق ملابسي وأجبرني على ممارسة الجنس معه".

وكان زواج ديفيا قد رُتّب في عام 2022، كما هي الحال في أغلب الأحيان بالهند. لكنّ أهلها لم يدفعوا لزوجها المهر المعتاد الذي يكون ذا قيمة مرتفعة جداً، الأمر الذي استخدمه ضدّها. وتشير ديفيا إلى أنّ زوجها قال لها حينها "لن أتعامل معك كأنّ والدَيك دفعا مهراً، فأقلّ ما أفعله هو هذا التصرّف"، مؤكدةً أنّها تحمّلت بعد تلك الليلة 19 شهراً من الاعتداءات الجنسية والجسدية. وتتابع "كان أحياناً يضع سكيناً على حلقي ويتحداني أن أقول لا"، مضيفةً " كان يقول لي أنت زوجتي ولديّ كامل الحق في أن أفعل ما أريده بك".

وفي الهند، تتعرّض 6% من النساء المتزوّجات، اللواتي تتراوح أعمارهنّ ما بين 18 و49 عاماً، للعنف الجنسي من قبل أزواجهنّ، بحسب استطلاع وطني لصحة الأسر أعدّته الحكومة. وفي الدولة التي تضمّ العدد الأكبر من السكان في العالم، تعني نسبة 6% أنّ أكثر من عشرة ملايين امرأة وقعنَ ضحايا العنف الجنسي من قبل أزواجهنّ. ولعلّ ما يؤكّد وقوع الاغتصاب الزوجي هو إقرار نحو 18% من النساء المتزوّجات المستطلعة آراؤهنّ أنّهنّ يعجزنَ عن رفض طلب أزواجهنّ ممارسة الجنس.

الاغتصاب الزوجي موروث من العصر الفيكتوري

في قانون العقوبات الهندي الموروث من العصر البريطاني، ينصّ بند استثناء على أنّ "الأفعال الجنسية التي يأتي بها رجل مع زوجته، عندما تبلغ من العمر أكثر من 15 عاماً، لا تمثّل اغتصاباً". وعلى الرغم من إقرار الهند أخيراً قانون عقوبات جديداً، فإنّ بند الاستثناء المذكور ما زال قائماً، إنّما مع رفع الحدّ الأدنى لعمر الزوجة الذي يُسمَح فيه للزوج باغتصابها إلى 18 عاماً. وهذا ما تعترض عليه المحامية كارونا نوندي، ممثلة جمعية "جميع النساء الديمقراطيات في الهند".

وقد ندّدت نوندي بهذا البند الذي يجيز الاغتصاب الزوجي أمام المحكمة العليا في الهند، واصفةً إيّاه بأنّه "موروث من عقلية تعود إلى العصر الفيكتوري"، وقدّمت طلب استئناف أمام المحكمة. وتعبّر نوندي عن "أمل كبير" بالتغيير، مستشهدةً بعدد من الدول التي حظرت بنوداً أو قوانين مماثلة والتي يزيد عددها عن 50 دولة. من جهته، كان رئيس المحكمة العليا دي واي تشاندراتشود قد وصف أخيراً قضية الاغتصاب الزوجي بأنّها "مسألة مهمّة"، علماً أنّ إثارة هذه القضية مستمرّة منذ عشرة أعوام لكنّها لم تشهد سوى تقدّم بطيء.

في هذا الإطار، تشدّد مونيكا تيواري، من منظمة "شاكتي شاليني" غير الحكومية المدافعة عن ضحايا العنف الجنسي، لوكالة فرانس برس على عدم وجوب استخدام الزواج "درعاً للجريمة". وتتساءل: "كيف يمكن للزواج أن يغيّر تعريف الاغتصاب؟ فهذا الارتباط لا يعني سلب حقوق جسمك منك".

من جهتها، تخبر سواتي شارما البالغة من العمر 24 عاماً، وهي أمّ لولدَين، أنّها تزوّجت رجلاً أحبّته. تضيف لوكالة فرانس برس أنّه راح يهاجمها كلّما غضب، ويتّهمها بأنّها على علاقة غرامية مع غيره في حال رفضت ممارسة الجنس معه. وتشير إلى أنّ نقطة التحوّل كانت عندما جرّدها من ملابسها أمام ولدَيهما، في انتظار أن يخلدا إلى النوم، "وبدأ يمارس الجنس معي. لم يتركني حتى نال مراده". وعقب ذلك، حزمت أمتعتها وغادرت البيت برفقة ولدَيها.

لكنّ ثمّة نساء، على الرغم من الاغتصاب الزوجي الذي قد يتعرّضنَ له أو اعتداءات أخرى، يعدنَ إلى أزواجهنّ العنيفين، خوفاً على أولادهنّ وبسبب مواجهتهنّ ضغوطاً اجتماعية شديدة. وهكذا عادت سواتي شارما إلى زوجها بعد أن خضع لعلاج وأقنعها بالعودة.

أمّا ديفيا، فتركت منزل زوجها لكنّها ما زالت تعيش وسط الخوف، فقد بعث برسالة إلى والدتها، يهدّدها فيها بعدم السماح لها بالعيش. وعلى الرغم من ذلك، تبدي ديفيا اعتزازاً بقرارها. وتقول إنّ كثيرات ما زلنَ يعانين من الاعتداءات ليلاً ونهاراً، مشدّدةً على "وجوب معاقبة هؤلاء الرجال" المعتدين.

(فرانس برس، العربي الجديد)