مراكز الإيواء غير كافية... مئات المهاجرين في شوارع فرنسا

09 يناير 2017
مهاجرون تحت جسر في باريس (العربي الجديد)
+ الخط -

عاودت منظمات دولية ومحلية الاهتمام بقضايا المهاجرين واللاجئين في فرنسا، خاصة الذين يصلون من إيطاليا ودول أخرى، وتتقطع بالكثير منهم السبل في باريس، حيث مركز استقبال المهاجرين الذي افتتحته قبل شهرين في منطقة بورت دي لاشابيل، بعد تفكيك خيام اللاجئين بالقرب من ميترو ستالينغراد وجوريس.

وجدد الاهتمام اتهام منظمة "أطباء بلا حدود"، لأفراد من الشرطة الفرنسية بمصادرة خيام وأغطية المهاجرين والتحرش بهم، واستخدام العنف أحيانا معهم، واستعمال الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وسارع وزير الداخلية، برونو لورو، إلى تكذيب بيان المنظمة، ودافع بقوة عن أفراد الشرطة، وأبدى رغبته في أن "تتوقف هذه الرياضة الوطنية المنهمكة في توجيه التهم للشرطة"، رغم أنها لا تحظى بمودة كبيرة من قبل الفرنسيين.

ولم يتطرق خطاب وزير الداخلية لحقيقة تواجد العشرات من المهاجرين، غير بعيد عن مركز بورت دي لا شابيل، الذي لا يستقبل سوى عشر حالات جديدة كل يوم، ويدفع المهاجرين الآخرين إلى قضاء ليال عديدة بالقرب من بابه لعلَّهم يحظون بالقبول، وهو قبول صعب، حيث يتم اختيار جنسيات دون غيرها.

والتقى "العربي الجديد" بمغاربة ومصريين وتونسيين، أغلقت في وجوههم الأبواب بدعوى أنه "لا يدخل المركز إلا من كانت تتوفر لديهم حظوظ الإقامة في فرنسا"، وهم المنحدرون من دول تعرف حروبا أو نزاعات.

ولأنّ الطاقة الاستيعابية للمركز غير كبيرة، فهو يستقبل 400 شخص، لفترات تتراوح ما بين 4 أيام و10 أيام، ولا يزال مسؤولو المركز ينتظرون وعود بلدية باريس والحكومة بتوفير 200 مكان إضافي لاستيعاب التدفق الذي لا يتوقف للمهاجرين.

وتفتخر الحكومة الفرنسية بتفكيك خيام المهاجرين في شوارع العاصمة قبل شهرين، حيث نجحت في جعل حضورهم غير مرئي كما كان في السابق، لكنها لا يمكنها أن تنفي وجود عشرات وأحيانا مئات في المكان، لأن الشرطة لديها أوامر بمنع نصب خيام جديدة.


كثير من المهاجرين الذين التقينا بهم بجوار المركز، أكدوا أن عنف البوليس ليس جديدا، ولا استثناء. كل منهم يحكي قصته الشخصية التي لا تخلو من حضور غير ودّي للشرطة. محمود، مهاجر من السودان، يقول إنه ينام الآن على الأرض، تحت جسر للمترو، لأن أحد أفراد الشرطة مزّق خيمته الصغيرة.

نفس القصة، مع اختلاف في التفاصيل، حكاها لنا سعيد، وهو مغربي وصل قبل أسبوعين من إيطاليا. وليس محمد، وهو أفغاني، أحسن حالا. وثلاثتهم يسخرون من تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، ويرددون بمزيج من السخرية والمرارة: "ليته يمرّ من تحت الجسر، ليرى حالنا، ويقضي الليل معنا..". 

فاطمة، جزائرية متطوعة في العمل الإغاثي، يعرفها كل من دخل المركز، ومن لا يزال ينتظر دوره، بسبب حضورها اليومي. تقوم بتجميع الملابس من معاطف شتوية وقفازات وغيرها، والمواد الغذائية من المتاجر العربية وبعض الأفراد، وتقوم بتوزيعها على المهاجرين.

سألناها عن عنف البوليس تجاه المهاجرين، فقالت: "هذا العنف أراه كل يوم في الشارع، حيث يتم تفريق المهاجرين وبعثرة ملابسهم، كما أراه في عيونهم. ليست أطباء بلا حدود من يتحدث عنه فقط".

وأضافت أن "عنف البوليس استهدف أيضا ولا يزال العديد من الجمعيات التي تهتم بأحوال المهاجرين، والتي تحاول أن تقدم لهم المساعدات القانونية وغيرها، لتسوية أوضاعهم".

وتطرقت إحدى ورشات "اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا"، الذي انعقد في باريس الشهر الماضي، لهذا الأمر، واستمع الجمهور لشهادات مؤلمة عن معاناة هذه الجمعيات والتهديدات التي تتلقاها، ومنها تهديدات بالاعتقال والمحاكمة.

ويسود الاعتقاد لدى بعض المهتمين بشؤون المهاجرين، بأن تبرئة الوزير لساحة رجاله، قد تدفع المتحمسين منهم، وخاصة من يتعاطفون مع حزب "الجبهة الوطنية" المتطرف، إلى أن يبدوا قسوة أكبر. وهو ما سيزيد حتما من معاناة المهاجرين.


دلالات
المساهمون