عيد سعيد ملالا

13 يوليو 2016
... وتكبر الصغيرة (بول إيليس/ فرانس برس)
+ الخط -

قبل مائة وستة وثلاثين عاماً، في يوليو/تموز من عام 1880، سقطت "جان دارك أفغانستان" في أرض المعركة. يُرجّح أنّها كانت تبلغ من العمر حينها، تسعة عشر عاماً، إذ وُلدَت نحو عام 1861. إنّها ملالَي مايواند، بطلة أفغانيّة وطنيّة حشدت المقاتلين البشتون في واحدة من أشرس معارك الحرب الإنكليزيّة - الأفغانيّة الثانية. هي بضع كلمات توجّهت بها إلى هؤلاء المقاتلين قبل ساعات من سقوطها، كانت كفيلة بإلهامهم. تقول الرواية إنّها رفعت علم الوطن وصرخت: "أيها الأحبّاء الشباب! إن لم تسقطوا في معركة مايواند، فإنّكم سوف تحيون وتُذكَرون كرمز للعار.. قسماً بالله".

نُسِبَت إليها الهزيمة التي ألحقها أبناء شعبها بجنود الراج البريطانيّ، في تلك المعركة غرب قندهار، بعدما غزت الإمبراطوريّة البريطانيّة أرضهم للمرّة الثانية، في محاولة لضمها إلى مستعمراتها.

قبل تسعة عشر عاماً، في مثل يوم أمس، الثاني عشر من يوليو/تموز من عام 1997، أبصرت طفلة باكستانيّة بشتونيّة النور على بعد عشرات الكيلومترات من الجارة أفغانستان. اختار لها والدها ضياء الدين يوسف زاي اسم "ملالا"، تيمّناً بالبطلة الأفغانيّة. ملالَي مايواند كانت تُعرَف أيضاً بـ"ملالا" وبـ"ملالَي آنا".

لم تحمل الصغيرة اسم البطلة الشعبيّة فحسب، بل أيضاً جسارتها وإقدامها وحماستها. وتحوّلت رمزاً عالمياً وليس باكستانياً وطنياً فحسب. كُتِبَ لها عمر جديد، مثلما يُقال، بعد محاولة الاغتيال التي تعرّضت لها. فتاة مراهقة في الخامسة عشرة من عمرها تتعرّض لمحاولة اغتيال. وأقسمت أن يكون عمرها الجديد، للدفاع عن حقوق الطفل، لا سيّما الفتيات في التعليم، وعن حقوق المرأة. فاستحقّت المراهقة جملة الجوائز التي حازتها، وليس آخرها جائزة نوبل للسلام التي كانت أصغر الحاصلين عليها في تاريخها. كانت حينها في السابعة عشرة من عمرها.

لو كانت ملالا وُلدَت من مدينة مينجورا نفسها في وادي سوات ومن عائلة مسلمة سنيّة بشتونيّة أيضاً (هكذا تُعرّف بها المراجع) لكن متواضعة.. لو كانت وُلدَت لأب ليس بشاعر ولا يملك مدرسة ولا يدير مجموعة من المؤسسات التربويّة.. لو أنّها لم تتمكّن من تدوين يوميّاتها في ظلّ حركة طالبان على موقع "بي بي سي" وهي في الثانية عشرة من عمرها.. لو أنّها لم تنجح في تلقّي العلاج في بريطانيا بعد محاولة اغتيالها.. لو لم تكمل في بريطانيا دراستها.. لو... لا شكّ في أنّها كانت لتحلم بالتعليم الذي تحرّمه الحركة على الفتيات، لا شكّ في أنّ حماستها وجسارتها وإقدامها كانت لتُوأد قبل أن تتجرّأ على التعبير عنها.

أمس، بلغت الصغيرة التي شبّت، التاسعة عشرة من عمرها. عيد سعيد ملالا!


المساهمون