ألمانيا تواجه استمالة الجماعات المتطرفة للمهاجرين

08 مارس 2016
دعاية مناهضة للمتطرفين الإسلاميين في ألمانيا (Getty)
+ الخط -

وصل إلى ألمانيا، العام الماضي، نحو مليون مهاجر من أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنّ للبلاد تاريخاً طويلاً مع الهجرة لا سيما مع المسلمين الذين يشكلون ستة ملايين نسمة، فهناك تخوّف من تأثر الشباب المسلمين المهاجرين بالأفكار الدينية المتطرفة.

تخوّف السلطات يستند إلى تحركات الجماعات المتطرفة التي بدأت بالتقرب من المهاجرين عبر دعاة ينتمون إليها. وهو تقرّب يتخذ شكل المساعدة في أماكن الإيواء وتقديم ما يلزم لإعانة الشباب في تجاوز التحديات والصعوبات التي يواجهونها في تدبر أمور حياتهم اليومية كترجمة المستندات مثلاً. ويعتمد مناصرو هذه الجماعات الذين يقدّر عددهم في ألمانيا بنحو 8 آلاف فرد على استمالة المهاجرين مستغلين عدم إتقانهم اللغة وحالتهم الاقتصادية الصعبة، بعدما باتوا في حالة عجز نتيجة البيروقراطية المعمول بها في البلاد.

تفيد تقارير الأجهزة الأمنية أنّ المتطرفين يحاولون استغلال المهاجرين لأغراض شخصية، من خلال أنشطة الدعاية والدعوة والإعلان وتوزيع المنشورات، وكذلك دعوتهم إلى المساجد. وقد رصدت حالات في عدد من الولايات دفع فيها هؤلاء الأموال وقدموا السجائر للمهاجرين. كما لجأ آخرون إلى الضغط عليهم وتأنيبهم مع مطالبتهم بالعودة من حيث أتوا والمشاركة في الحرب إلى جانب التنظيمات المقاتلة في النزاعات الدائرة في بلدانهم "نصرة للإسلام".

تخشى السلطات الألمانية من زيادة مخاطر التطرف لدى الوافدين. تحاول، بالتعاون مع المساعدين الاجتماعيين، تأمين مختلف احتياجات هؤلاء مخافة انجرافهم وراء التيارات المتطرفة التي تجيد استمالتهم بكثير من الحنكة. تلجأ الشرطة بدورها، إلى استراتيجيات وتكتيكات بعيدة عن العنف في مواجهة المتطرفين كي لا يستغلوها في الادعاء أنهم مضطهدون.

في هذا الإطار، يحذر عدد من الباحثين الاجتماعيين من الوضع الراهن، ويطالبون الحكومة بعدم إهمال المهاجرين المعرضين للاستغلال من قبل المتطرفين، والعناية الكاملة بهم، وتوفير الإعانات المادية والاجتماعية والدينية لهم. كما يؤكدون على ضرورة عدم الاستخفاف بالتصرفات التي سيقدم عليها الشباب من المهاجرين، خصوصاً أنّهم في حاجة إلى كثير من العطف والرعاية بمختلف أشكالها. وقد تبين أنّ هناك عدداً من المتطرفين عمدوا إلى استضافة بعض المهاجرين في منازلهم لا سيما القاصرين منهم غير المصحوبين بذويهم.

يميز المراقبون بين فئتين من المهاجرين: الأولى تشمل الذين تمكنوا من الهروب من مناطق تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ولم يتأثروا نسبياً بأيّة نزعة دينية متطرفة، وسبق لهم العيش في ظل دولة مدنية. وهو ما يتطلب الاهتمام وتأمين الراحة النفسية لهم ليشعروا أنهم في أمان، وعدم ترك ثغرات قد يستفيد منها المتطرفون لجذبهم الى بيئتهم. وبالتالي العمل على دمجهم بسرعة في المجتمع، خصوصاً أنّ من بينهم عدداً كبيراً من حاملي الشهادات الجامعية.

أما الفئة الثانية فتشمل الذين تركوا بلدانهم نتيجة الاضطهاد الديني، وسيكونون وفق المطلعين تواقين لملاقاة من يتوافق مع توجهاتهم. هؤلاء هم الأكثر خطورة على المجتمع الألماني، خصوصاً أنّ الجماعات المتطرفة تسعى إلى استقطابهم بهدف توسيع الكادر التنظيمي والحركي لها في بلدان لا ينتشر فيها الفكر المتطرف. وبالتالي، فإنّ ترك الحرية للجماعات المتطرفة وعدم مراقبتها سيكون له دور سلبي على المجتمع، كما ستتسبب هذه الجماعات بمشاكل للسلطات الألمانية في ظل سعيها الدائم إلى استقطاب مناصرين جدد من خلال نشر أيديولوجياتها المتطرفة، عبر تنظيم الندوات والرحلات وورش العمل التي عادة ما تتركز في كبريات المدن الألمانية مثل برلين وفرانكفورت وهامبورغ.

أمام هذا الواقع، يشدد المعنيون على ضرورة تعقب هذه الظاهرة، فالسلطات الرسمية تمتلك لائحة بأسماء أعضاء الجماعات المتطرفة وعناوينهم. وتشير المعلومات إلى أنّ نشاطهم لم يعد يتطلب كما في السابق زيارة أماكن سكن المهاجرين فعدد منهم بات من زائري المساجد الدائمين. وهو الأمر الذي يسهل تنفيذ مهمة نشر الأفكار. تنبّه الجمعيات إلى أهمية وخطورة هذا الأمر خصوصاً على المراهقين والشباب من المهاجرين الذين جاءوا إلى ألمانيا من دون عائلاتهم. هؤلاء أكثر عرضة من غيرهم للانجراف في التيار المتشدد. بعض المسؤوليين بدورهم لجأوا، نتيجة الخوف من هذه الظاهرة، إلى تدابير وإجراءات توعية لموظفي مراكز المهاجرين، ليتمكنوا بدورهم من تمييز أفراد الجماعات المتطرفة، من خلال إشارات عدّة كالملابس والسلوك وغيرها، والتبليغ عنهم فوراً.

اقرأ أيضاً: القصّر ممنوعون من لمّ الشمل
المساهمون