جدل حول عمل إيرانيات في المقاهي

12 سبتمبر 2014
فتيات إيرانيات يعملن في مطعم وجبات سريعة (كافيه كاظمي/Getty)
+ الخط -
في الآونة الأخيرة، انتشرت في إيران ظاهرة عمل الفتيات نادلات في المطاعم والمقاهي. لكنّ الشرطة، التي ترتبط بالدوائر المتشددة في البلاد، قررت وقف هذه الظاهرة، ومنعها من الانتشار. فقد أصدرت مؤخراً، قراراً يقضي بمنع النساء الإيرانيات من العمل في المقاهي، سواء الشعبية التي يرتادها الشبان، أو تلك الخاصة بالعائلات.
الشرطة تذهب بالقضية إلى الناحية الأخلاقية، كعادة كلّ ما يخص النساء في إيران، والاختلاط بين الجنسين. لكنّها في الأساس قضية اقتصادية واجتماعية. فالفتيات اندفعن للعمل في هذا المجال، بسبب البطالة المنتشرة في البلاد، وقطاعاتها، والفرص المحدودة للنساء، على وجه الخصوص.
من جهته، يقول رئيس الشرطة الإيرانية، خليل هلالي، إنّ "هذا القرار لا يتعارض والقانون المتعلق بالمطاعم والمقاهي والأماكن العامة". ويضيف أنّ "النساء يمكنهن امتلاك وإدارة أماكن من هذا النوع، لكن عملهن فيه، بشكل علني، أمر غير مسموح". ويقترح أن يعملن في الخفاء "داخل المطابخ".
لكنّ مستشارة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة، شهيندخت مولاوردي، عبرت عن امتعاضها، من تصريحات هلالي. ونقلت وكالة "إرنا" قولها إن رئيس الشرطة أشار إلى ذلك القانون، لكنّه لم يوضح إن كان ينص صراحة، على منع النساء من العمل في المقاهي، أم أنه مجرد إجراء يتم ربطه بذلك القانون وتطبيقه، تحقيقا لرغبات شخصية وحسب.
ومن المعروف، أنّ حكومة الرئيس حسن روحاني ترفع شعار الاعتدال منذ تولى الحكم عام 2013. وتعتبر مولاوردي، وهي مسؤولة حكومية، أنّ اتخاذ قرارات من هذا النوع يتطلب دراسة تبعاتها مستقبلاً، وتوقع نتائجها السلبية على المجتمع.
وتطرقت مولاوردي إلى البطالة في إيران. وقالت إنّ العاطلين عن العمل يقارب عددهم ثلاثة ملايين شخص. وتبلغ البطالة بين النساء الإيرانيات 18.7 في المائة. ورفعت مولاوردي من حدة ردها على رئيس الشرطة بالقول إنّ منع العمل في المقاهي، يزيد المشكلة تعقيداً "فهل المطلوب من النساء أن يتحولن إلى باعة على الطرقات أو متسولات؟".
 
رأي مولاوردي بالذات، أسس لتفاعل كبير في المجتمع الإيراني. بخاصة مع تبني مؤسسات مجتمع مدني له. فعلى الصعيد الشعبي، ترفض الفتيات بالذات قرارات من هذا النوع. ويستعدن قرارات سابقة على شاكلته. فقبل فترة، أثار رئيس بلدية طهران المتشدد محمد باقر قاليباف، قضية تتعلق بضرورة التصويت على قانون يفصل النساء عن الرجال في أماكن العمل. وقبل ذلك برزت مطالبات بضرورة إلغاء قرار يمنع الإيرانيات من مشاهدة المباريات في المدرجات. وهو القرار الذي مهدت له الكثير من المطالبات، أبرزها من خلال فيلم آفسايد (تسلل)، الذي أخرجه جعفر بناهي عام 2006، وفاز بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي. وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، الكثير من النقاشات حول القضية. فالكثير من الفتيات يعتبرن أن القرار ينتقص من حقوق المرأة. وينطلقن من مكانة المرأة المساوية للرجل، وازدياد نسبة تعليم الإناث التي تسهم في تحرر الإيرانيات أكثر، وفي طلبهن المزيد من الانفتاح، والسعي لتحقيق الاستقلالية.
وبخصوص العمل في المقاهي، تجد طالبات جامعيات أنّه جيد، في ظل الفرص الضئيلة للعمل المتوفرة أمامهن. فمثل هذه الوظيفة، خصوصاً بدوام جزئي، تسمح لهن بالدراسة والعمل في الوقت نفسه. لكن بعض العائلات المحافظة، ترى أنّ القرار صائب. ويبرر هؤلاء أنّ المجتمع الإيراني لم يعتد رؤية الفتيات، يعملن في المقاهي، ويتعرضن للتحرش والمضايقات. كما أنّ كثيراً من المحافظين يعتبرون أنّ أصحاب المقاهي الشعبية يستغلون الفتيات. فيرى هؤلاء أنّ صاحب المقهى يوظف فتيات كنادلات، من أجل جذب المزيد من الزبائن إلى المكان، بخاصة أنّ معظم من يرتادون المقاهي هم من الشبان.
ولا تحظى مثل هذه التبريرات بأي تأييد من قبل المدافعين عن حقوق المرأة. فهم يرون أنّ مشكلة النظرة السلبية والتحرش تتعلق بالمجتمع بأكمله، لا بالمرأة. ويطالب هؤلاء بزيادة الوعي في المجتمع لا بمحاربة المرأة وطموحاتها. وتعلق الناشطة الإصلاحية آذر منصوري، على قرار الشرطة الإيرانية، بالقول إنّه يحمل نظرة محدودة سلبية ضد المرأة. وتقول: "لن يزيد تطبيق القرار من مشاكل النساء والفتيات وحسب، بل من مشاكل أخرى أيضاً". وتتابع، في حديثها إلى وكالة إيلنا، أنّ الدستور الإيراني يمنع التمييز بين الرجل والمرأة. لتتساءل: "فما نوع القانون الذي يدور الحديث عنه، ومن أين جاء!؟".
دلالات
المساهمون