فكّ الرصد

04 نوفمبر 2014
كل في بيروت منشغل في همومه (GETTY)
+ الخط -
أوراق الحظ بمختلف أنواعها وطرق لعبها، لم تعد تكفي البعض في لبنان. فالبلاد بأزمتها الاقتصادية الدائمة تشحّ على أهلها. وتضيق مطامحها عليهم.
تبدأ رحلة الأمل بالربح السريع مع "اليانصيب"، وجائزته الأسبوعية الكبرى المحددة بمائة ألف دولار. لكنّ ما ينتظره اللبنانيون فعلياً، هو جائزة "اللوتو". فالسحب عليها يجرى مرتين أسبوعياً. وحين لا يربحها أحد، تتراكم، وقد يصل مبلغها إلى أكثر من ثلاثة ملايين دولار. وحين يربحها أحدهم ينظر الآخرون في أحواله. فإن كان فقيراً، قالوا "يستحقها"، وإن كان غنياً، قالوا "لا يربحها إلاّ من لا حاجة له بها". وينتظرون السحب المقبل.
أمّا من يتجاوز مثل هذه الألعاب "الهاوية"، فأمامه "سباق الخيل". أو "كازينو لبنان"، ذلك المكان القادر على تحويل ثري إلى فقير في ليلة واحدة. ونادراً جداً ما يحدث العكس.
لبنانيون آخرون يسلكون منهجاً آخر، مخالفا كلياً. يتحالف هؤلاء مع كثير من الأوهام. ويسعون إلى ما يحمله باطن أرض لبنان الكنعاني، الفينيقي، الروماني، البيزنطي، الصليبي، الإسلامي من كنوز.
والمساكين منهم، إن وجدوا في أرضهم تمثالاً ما، ولم يسلّموه للدولة، فإنّهم لن يجنوا منه سوى القليل. وسيجرّ عليهم الكثير من العواقب.
تبدأ الرحلة بفلاح بسيط يجد ما لا يفهمه في باطن الأرض. يتصل، بعد تعب، بسمسار "يضحك عليه" بـ500 دولار، إن كان ذا قيمة. يبيع السمسار التمثال لتاجر بما بين ألفين وعشرة آلاف دولار. وعند التاجر الخبر اليقين للسعر والزبون. فهنا تبدأ طبقة ثانية مرتبطة ببركات الحصانات الوطنية، والخارجية.
البعض لا يتوانى عن المخاطرة، في سبيل الانخراط في هذه العملية. وقد أخبرني صديق عن مبادرته مع رفاق له، للبحث عن كنز من الذهب، مدفون في أحد أودية جزين في جنوبي لبنان.
جهزت المجموعة نفسها بكاشف معادن، وبدأت عملها. وبالفعل صادفت إشارة قوية من كهف.
اقترح أحدهم أن يدخلوا. لكنّ مرشدهم الذي يعمل راعياً للماعز في المنطقة، أكّد لهم أنّ الكهف مرصود ومسكون.
انكفأ بعضهم. وهرب الجميع، بمن فيهم منكرو الرصد، عندما خرجت إليهم من الكهف، أسراب من الدبابير.
تأكدوا أكثر من الكنز. ولم يبق لهم سوى "فكّ الرصد". فجاءوا بـ "شيخ" لهذا الغرض. جلس أمام الكهف وتلا الكثير من التعاويذ، بلا نتيجة. فقد أكّد لهم، بعد أن تقاضى أجره، أنّ الرصد لا مجال لفكّه.
ما زال الصديق يبحث عن كنزه منذ 14 عاماً. ربما بات خبيراً في الحفر، وعالماً في الأودية والجبال اللبنانية، وخفاياها. لكنّه لم يجد شيئاً بعد. وربما بات كغيره يفكر في "اللوتو".
دلالات
المساهمون