خضعت أكثر من 230 مليون فتاة وامرأة على قيد الحياة اليوم إلى ختان الإناث أو تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، بحسب ما بيّنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تقرير أصدرته بمناسبة يوم المرأة العالمي تحت عنوان "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية: همّ عالمي".
وتبيّن تقديرات منظمة يونيسف المحدّثة على صعيد العالم ككلّ، زيادة بنسبة 15 في المائة في عدد "الناجيات" اللواتي تعرّضنَ لختان الإناث في الأعوام الثمانية الأخيرة، وهو ما يعني 30 مليون فتاة وامرأة مقارنة ببيانات عام 2016.
ويقوم ختان الإناث على إجراءات مختلفة تشمل إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية، بالإضافة إلى تدخّلات أخرى، وذلك لأسباب ثقافية أو أخرى غير طبية.
"Female genital mutilation harms girls' bodies, dims their futures, & endangers their lives.” @unicefchief
— UNICEF (@UNICEF) March 8, 2024
UNICEF is calling on leaders & communities to urgently invest, promote & prioritise girls' rights to end gender discrimination & inequality.https://t.co/wDbpaaH6t8
ختان الإناث انتهاك فاضح لحقوق الإنسان
وينقل التقرير نفسه عن المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسف كاثرين راسل أنّ "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يضرّ بأجساد الفتيات، ويضرّ بمستقبلهنّ، ويعرّض حياتهنّ للخطر".
ويشير التقرير إلى قلق راسل إزاء التوجّه المقلق الذي نشهده، وهو "تعرّض مزيد من الفتيات لهذه الممارسة في سنّ صغرى"، مشيرةً إلى أنّ "عديدات منهنّ قبل بلوغهنّ الخامسة" من أعمارهنّ. وبالنسبة إليها، فإنّ من شأن ذلك أنّ "يضيّق نافذة التدخّل" لوضع حدّ لهذه الممارسة، وقد شدّدت قائلةً: "نحن في حاجة إلى تعزيز الجهود لإنهاء هذه الممارسة الضارة".
ويُعَدّ تقرير منظمة يونيسف عن ختان الإناث أحدث عملية جمع بيانات ذات صلة بهذه "الممارسة التي تنتهك حقوق الإنسان الخاصة بالفتيات والنساء"، والتي من الممكن أن تخلّف "آثاراً جسدية ونفسية واجتماعية لا تزول".
ويُظهر التقرير أنّ الأعداد الكبرى من الإناث اللواتي خضعنَ لعمليات ختان الإناث تُسجّل في البلدان الأفريقية، وهي تُقدَّر بـ144 مليون حالة. ثمّ تأتي آسيا مع 80 مليون حالة، والشرق الأوسط مع ستّة ملايين.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الممارسة التي تنتهك أجساد الإناث تُسجَّل أيضاً في مجتمعات صغيرة تتكوّن من مهاجرين في مناطق مختلفة من العالم، بحسب تقديرات منظمة يونيسف.
ختان الإناث يطاول 4 من 10 إناث في مناطق صراع
وتشرح منظمة يونيسف أنّ أربعة من الإناث الناجيات من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، من أصل كلّ 10 ناجيات، يعشنَ في مناطق هشّة وسط صراعات، بالإضافة إلى نموّ سكاني سريع. وتحذّر من احتمال أن "تؤدّي مجموعة العوامل هذه إلى إجهاد خدمات التعليم والصحة، وتحويل الموارد نحو الأزمات، وتعطيل البرامج التي تعالج التفاوت بين الجنسَين"، الأمر الذي من شأنه أن يصعّب معالجة قضية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.
وعلى سبيل المثال، يواجه الصومال، الذي يأتي في صدارة البلدان التي ينتشر فيها تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (99% من الإناث فيه اللواتي تراوح أعمارهنّ ما بين 15 و49 عاماً)، تحديات التصدّي إلى ختان الإناث إلى جانب قضايا حساسة وملحّة أخرى في سياق الصراعات والنموّ السكاني السريع. والأمر مشابه في السودان. أمّا إثيوبيا فتحرز تقدّماً، غير أنّ الصدمات المناخية والأمراض وانعدام الأمن الغذائي أمور تصعّب عليها توفير برامج دائمة لدعم الفتيات.
لكنّ منظمة يونيسف تكشف في تقريرها "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية: همّ عالمي" أنّ التقدّم ممكن، بل هو في تسارع. وتشير إلى كينيا حيث انخفض معدّل انتشار ختان الإناث من متوسّط إلى منخفض، وسيراليون حيث انخفض معدّل الانتشار من مرتفع إلى مرتفع نوعاً ما، ومصر حيث بدأ تسجيل انخفاض من مستوى الانتشار السابق الكاسح.
يُذكر أنّ بوركينا فاسو حقّقت التقدّم الأكثر أهمية، إذ انخفضت نسبة الإناث اللواتي تراوح أعمارهنّ ما بين 15 و49 عاماً اللواتي تعرّضن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية من 80% إلى 30% في خلال ثلاثة عقود.
كذلك، فإنّ المواقف بشأن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية تتغيّر بدورها. وبحسب تقرير منظمة يونيسف، فإنّ نحو 400 مليون شخص في البلدان التي تمارس ختان الإناث في أفريقيا والشرق الأوسط، أي ما يعادل ثلثَي السكان، يعارضون هذه الممارسة.
وتغتنم منظمة يونيسف مناسبة يوم المرأة العالمي لتوجّه دعوة إلى القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، داعية "القادة والمجتمعات المحلية إلى مضاعفة جهودهم لإنهاء التمييز والتفاوت بين الجنسَين"، وكذلك "الاستثمار العاجل في الخدمات المقدّمة للفتيات"، و"تعزيز مقدّرات الفتيات وحريتهنّ في التصرّف"، و"تقديم حقوقهنّ في القوانين والسياسات"، و"تحسين تقصّي انتشار هذه الممارسة بتحسين جودة البيانات".