لا احتفالات بمناسبة يوم المرأة العالمي بالنسبة إلى نادية عبد العال. فهذه المرأة الفلسطينية النازحة في شمال قطاع غزة استهلّت يومها في ساعات الصباح الأولى، كما في كلّ يوم، بانتظار دورها لملء غالونات المياه.
وكثيرات هنّ الفلسطينيات في شمال قطاع غزة ومناطق القطاع الأخرى اللواتي لم يحتفلنَ بيوم المرأة العالمي، لا بل إن أيّاً من فلسطينيات غزة لم تحتفل بهذه المناسبة وسط العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ أكثر من خمسة أشهر.
وعندما أنجزت نادية مهمّتها ظهراً، بعد انتظار دام نحو ستّ ساعات، عادت إلى مركز الإيواء وصعدت سلالم أربع طبقات من أجل توصيل ما وفّرته من مياه إلى عائلتها.
وهذه المرأة الفلسطينية، البالغة من العمر 36 عاماً، نزحت مع أفراد عائلتها من منطقة إلى أخرى في شمال قطاع غزة الذي عُزل عن بقيّة أرجاء القطاع الفلسطيني المحاصر، وسط الحرب المتواصلة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتعبئة غالونات عدّة بالمياه وحملها والصعود بها أربع طبقات، على دفعتَين، ليست مهمّة يسيرة بالنسبة إلى امرأة، غير أنّ نادية مضطرة إلى أداء كلّ الأدوار المطلوبة، وسط المحنة المستمرّة لليوم 154 في قطاع غزة، علماً أنّ مهامها اليومية لا تقتصر على توفير المياه فحسب.
ولا تختلف حال نادية عن أحوال النساء الفلسطينيات في قطاع غزة عموماً، فهنّ بمعظمهنّ يشقينَ في خلال مهام يومية من أجل توفير الأساسيات لعائلاتهنّ، ولا سيّما وسط التهجير الذي أجبرهنّ الاحتلال عليه.
وقد رافقت كاميرا "العربي الجديد" نادية في رحلتها اليومية الشاقة من أجل توفير المياه، التي تستهلك الوقت والطاقة والجهد، في حين تؤكد هذه المرأة الفلسطينية أنّ المياه التي تتوفّر لأهالي غزة ملوّثة وتتسبّب في أمراض.
يُذكر أنّ المياه الملوّثة في قطاع غزة، ولا سيّما في شماله، تُعَدّ "نعمة" بالنسبة إلى كثيرات، يحاولنَ تسيير أمور عائلاتهنّ بالمتوفّر، وهي لا تختلف كثيراً عن أعلاف الحيوانات التي راح أهل الشمال يطحنونها لتعدّ النسوة منها خبزاً بديلاً وسط نفاد الطحين، وكلّ ذلك في ظلّ الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع المحاصر والمستهدف.