استمع إلى الملخص
- التأثير النفسي والاجتماعي: الأطفال متأثرون بالعنف والقصف المستمر، مما يؤدي إلى فقدان أفراد عائلاتهم، وتدمير المدارس بنسبة 85%، وحرمانهم من التعليم.
- المخاطر الصحية: الاكتظاظ وسوء الشروط الصحية يؤديان إلى انتشار الأمراض، والمستشفيات غير قادرة على تقديم العلاج اللازم، مما يستدعي إجلاء الأطفال المصابين بأمراض خطيرة للعلاج خارج غزة.
حذّر المتحدّث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في دولة فلسطين جوناثان كريكس، لدى عودته من مهمّة استمرت أسبوعاً في قطاع غزة المحاصر والمستهدف، من أوضاع متردية جداً يعيشها أطفال غزة وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي ما يأتي مقابلة أجرتها وكالة فرانس برس مع المسؤول الأممي، تناول فيها ما شهده في الأيام الأخيرة من معاناة أطفال غزة، بعد نحو عام على انطلاق عدوان الاحتلال على القطاع.
ما الذي لفتك خصوصاً في قطاع غزة؟
رأينا أطفالاً في كلّ مكان، بما أنّهم لم يعودوا إلى المدرسة، وتترتّب عليهم المساهمة في تأمين معيشة عائلاتهم. رأينا كثيرين منهم يحملون صفائح بلاستيكية صفراء متّسخة، عدد منها بسعة 25 ليتراً. ورأيت حتى طفلاً يدفع صفيحة على كرسيّ مدولب مكسور. هم يحاولون جلب المياه (لعائلاتهم) إذ إنّ صعوبة الحصول على المياه تبقى مشكلة كبرى. كذلك رأينا أطفالاً يحاولون العثور على طعام.
وفي أمر لم يسبق أن رأيته في أيّ وقت قبل (هذه) الحرب، رأينا أطفالاً صغار السنّ، عمرهم خمس سنوات أو ستّ، يسيرون وسط أكوام هائلة من النفايات محاولين التقاط ما أمكنهم منها، ولا سيّما الكرتون لإشعال نار من أجل الطهي. الواقع أنّنا نرى أطفالاً لا يعيشون حياة الأطفال، وهذا مقلق جداً من أجل مستقبلهم.
ما لاحظته كذلك أنّ وجوه الأطفال واجمة جداً، حزينة جداً. إنّهم لا يبتسمون. هؤلاء الأطفال متأثرون جداً بالعنف وقوّة القصف وانعدام الاستقرار الذي يعيشونه منذ عام.
عمّ تكلّمت مع أطفال غزة؟
التقيت على سبيل المثال فتى في العاشرة من عمره يُدعى أحمد. سألني أوّلاً من أين أنا، أجبته أنّني بلجيكي. عندها ذكر إيدن هازارد وتيبو كورتوا (لاعبا كرة قدم بلجيكيان دوليان) وتحدّثنا عن كرة القدم. ثمّ انتقل بسرعة إلى الكلام عن عائلته؛ والداه ما زالا على قيد الحياة ويعيشون جميعاً في مخيم في خانيونس (جنوب) مع أشقائه وشقيقاته. وقال أموراً لا ينبغي أن يقولها طفل في العاشرة، (مثلاً) كيف يُمزّق الجسد أشلاءً ويسقط الرأس بعيداً عنه.
من الصعب جداً سماع هذا من طفل في العاشرة. في نهاية المطاف، سألني متى سأعود إلى بلجيكا، وإن كان في إمكانه أن يأتي معي، وأخذ يردّد "الخروج الخروج".
كيف يعيش أطفال غزة أو كيف يبقون على قيد الحياة؟
ثمّة عدد كبير من الأطفال الذين خسروا أحد أفراد عائلتهم، أحد الوالدَين أحياناً، وفي أحيان أخرى الوالدَين. من الصعب جداً الحصول على أرقام، لكنّنا نلتقي عدداً كبيراً من الأطفال في هذه الأوضاع. وتقدّر منظمة يونيسف بـ19 ألفاً عدد الأطفال غير المصحوبين بذويهم أو المنفصلين عنهم.
وضع المدارس كارثة تامة؛ 85% من المباني (التابعة للمدارس) دمّرت. كلّ الأطفال في سنّ الدراسة لم يحضروا ساعة صف واحدة في خلال الأشهر الاثنَي عشر الماضية (خلال عام).
وحين نرى أطفالاً، المذهل أنّهم يريدون أن يذهبوا إلى المدرسة ويلعبوا مع رفاقهم ويروا معلّميهم ويتعلموا. ولماذا؟ لأنّ التعليم والتدريب يبعثان الأمل. أطفال غزة حالياً ليس لديهم هذا الأمل.
ما هي المخاطر الصحية على أطفال غزة؟
حين يقترن الاكتظاظ الشديد (في أماكن) مع كثافة سكانية كبيرة جداً وشروط صحية رديئة جداً ووصول محدود إلى دورات المياه، هذه هي الصيغة المثالية لظهور أمراض، ولا سيّما بين الأطفال. من ثم، يمرض كثيرون ويحتاجون إلى رعاية صحية، لكنّ المستشفيات بمعظمها خارجة عن الخدمة، وتلك التي تعمل بلغت أقصى قدراتها. وفي غالب الأحيان (يُسجَّل) تأخير في معالجة الأمراض التي تصيب الأطفال.
التقينا كذلك في الشمال، في مستشفى كمال عدوان، أربعة أطفال مصابين بالسرطان أو اللوكيميا (سرطان الدم) أو مشكلات في القلب. هؤلاء الأطفال في حاجة إلى إجلاء طبي فوري، وإلا فإنّهم لن ينجوا. من ثم، لا بدّ من معالجتهم في خارج قطاع غزة، إذ من غير الممكن تقديم العلاج الصحيح لهم في أيّ مكان بقطاع غزة.
(فرانس برس، العربي الجديد)