وفاة "يقين" رضيعة مخيم الركبان المحاصر بعد تجاهل معاناتها

23 أكتوبر 2022
تدهور الأوضاع المعيشية ونقص الخدمات في مخيم الركبان (العربي الجديد)
+ الخط -

تسعة أشهر من الألم وصرخاتها الباحثة عن العلاج لم تلق آذانا صاغية حتى وافتها المنية اليوم في مخيم الركبان المحاصر، الواقع قرب مثلث الحدود السورية - العراقية - الأردنية.

توفيت الرضيعة يقين، اليوم الأحد، رغم محاولات ذويها ونشطاء إعلاميين أطلقوا حملة استغاثة لأجلها كسر طوق الحصار والخروج للعلاج، إلا أن جسد الطفلة النحيل لم يشفع لها، مع تشديد قوات النظام الحصار على سكان المخيم.

منذ ولادتها، عانت يقين من وجود فتحة في سقف الحلق وقصر في اللسان يمنعانها من الرضاعة الطبيعية. وعاشت الطفلة، بحسب ما روت جدتها حسنة المطلق لـ"العربي الجديد"، أيامها الأولى على الماء والسكر، لم تكن تشعر بالشبع، وكانت دائمة البكاء، وتناقص وزنها منذ وُلدت من 3 كغ إلى 2300 غرام، وتوقّفت عند هذا الوزن، حيث لا يصل معظم الطعام إلى معدتها، بل يخرج من أنفها وفمها بعد إطعامها.

وبحسب الجدة، فإن يقين كانت بحاجة لنقلها إلى إحدى دول الجوار السوري لتلقّي العلاج لدى طبيب مختص، خاصة مع عدم وجود مستشفيات أو أطباء مختصين داخل الركبان، ولعدم قدرتها على العودة إلى المناطق التي نزحت منها، والتي تخضع لسيطرة النظام السوري.

ورغم إطلاق حملة إعلامية من قبل ناشطين ومناشدات للأمم المتحدة ودول الجوار لإنقاذ يقين، إلا أن صراخ يقين وأوجاعها لم تلق أي آذان صاغية، وبقيت مع ألمها حتى توفيت اليوم عن عمر بلغ تسعة أشهر.

وأثار خبر وفاة يقين اليوم غضبا وحزنا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. وكتب زياد شيخاني على صفحته في موقع "تويتر": "المدة التي عاشتها الطفلة يقين في مخيم الركبان وهي مريضة، اختبار جديد لإنسانية العالم.. لكن من جديد سقوط مدو للعالم في هذا الامتحان".

في حين كتبت ياسمين المعراوية معاتبة: "بعد أن خذلها الجميع، دولا ومنظمات، انتقلت الطفلة يقين إلى ذمة الله.. ألهذه الدرجة ماتت الضمائر؟".

وغرد أحمد: "الطفلة يقين في ذمة الله، بعدما خذلتها الدول والمنظمات الإنسانية. اليوم يقين عصفورة من عصافير الجنة. يقين قد كنا على يقين أنهم سوف يتخلون عنك كما تخلو عن الشعب السوري بالأمس".

وأطبقت قوات النظام حصارها على مخيم الركبان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2018 بدعم روسي، وذلك عبر قطع جميع الطرقات المؤدية إليه. ومنذ ذلك الحين، سجّل عدد السكان في "الركبان" تراجعاً بما يزيد عن ثلاثة أرباع قاطنيه. وفي 2019، بلغ العدد ما يقارب 45 ألفاً، بعدما توقّف دخول المساعدات بشكل كامل.

وفي بداية 2020، أغلقت السلطات الأردنية النقطة الطبية الوحيدة المفتوحة على الحدود السورية، بحجة انتشار فيروس كورونا. وحينها، عاد الكثير من قاطني المخيم إلى مناطق سيطرة النظام، على الرغم من عمليات الاعتقال والسوق للخدمة العسكرية.

وفي مطلع مايو/أيار الماضي، منعت قوات النظام المهربين من إدخال الأدوية والطعام إلى مخيم "الركبان"، وأخضعت سياراتهم لتفتيش دقيق، تبع هذه الخطوة قيام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بتخفيض حصة المخيّم من المياه إلى النصف، وترك أكثر من سبعة آلاف نسمة يواجهون قساوة الصحراء وحدهم.

المساهمون