يسود، اليوم الأحد، هدوء حذر، جنوبي تونس، بعد مواجهات اندلعت ليلة أمس، بين بعض السكّان من محافظتين في الجنوب التونسي، وتحديداً بين بعض أهالي بني خداش في مدنين ودوز الشمالية، وأدّت إلى 20 إصابة، بعضها خطرة، بعد أن تمّ استعمال بنادق الرش (مخصّصة للصيد). وتأتي هذه المواجهات بسبب النزاع على أراضٍ حدودية تربط المنطقتين وتُسمّى العين الساخنة.
واستقبل قسم الطوارئ بمستشفى الحبيب بورقيبة بمدنين، 17 مصاباً، من بينهم مصابون حالتهم خطرة.
وقال الناشط بالمجتمع المدني من مدنين، ورئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، في تصريح لـ" العربي الجديد" إنّ الهدوء الحذر يسود المنطقتين حالياً، وهناك انتشار مكثّف للأمن ووحدات الجيش، مؤكداً أنّه تم العمل على التهدئة. وانطلقوا بعد التشاور مع العقلاء من المنطقتين، في تشكيل لجنة تضمّ الوجهاء والاتحاد الجهوي للفلاحة وبعض الفاعلين من كلا المنطقتين لإيجاد بعض الحلول، وستعمل اللجنة على تهدئة الوضع والتحاور مع الغاضبين في ظلّ التوتر الذي يحصل.
وأوضح عبد الكبير، أنّ أغلب الإصابات المسجّلة كانت ببنادق الرش، ولكن بعضها نتيجة الاستعمال المفرط للعنف وهناك شخصان حالتهما خطرة، أحدهما لديه إصابة بالرأس والآخر مصاب في عينه، أما بقية الإصابات فقد طاولت أنحاء متفرقة من أجسام المصابين. وأضاف أنّ أصل الخلاف يعود إلى التقسيم الذي قامت به الدولة أثناء وضع المحافظات، وبعضها لم يراع ملكية الأراضي، فتطاوين مثلاً لم تكن موجودة، وقبلي أيضاً، وهناك محافظات كانت تتبع أخرى، مثل قبلي وتوزر، اللتين كانتا تتبعان قفصة، وبالتالي عندما حصل تقسيم المحافظات، بقيت الحدود الفاصلة بين المناطق، بالنسبة للسكّان والفلاحين، تلك التي توجد بها أراضيهم. وهناك من وجد جزءاً من أرضه خارج الحدود الإدارية التي يقطن بها، وعوض أن تبادر الدولة منذ الثمانينيات إلى إيجاد حلول لهؤلاء، تركت الأمر على حاله.
#المستشفى_المحلي_بني_خداش على اثر مواجهات بالأسلحة النارية بين اهالي دوز واهالي بني خداش الجهل مصيبة مناوشات بين زوز...
Posted by اخبار ولاية بنزرت on Saturday, December 12, 2020
وأكّد المتحدث أنّ ما أجّج الصراع، هو تفجّر العيون الساخنة بعد أن اكتشفتها إحدى الشركات البترولية، وهي تنقّب عن الغاز، وهو ما جعل المنطقة المتنازع عليها تُسمى بالعين الساخنة. وأضاف أنّ المشاكل حولها قديمة متجدّدة، لكن زاد الاهتمام بها بعد اكتشاف العيون وزادت الخلافات بين بعض الأهالي. إذ هي بدأت بنقاشات حادة بين بعض الشيوخ وتحوّل الأمر إلى عنف، ما أدّى إلى تنامي المواجهات التي حصلت ليلاً، وأضاف أنّ أغلب الإشكال ومكان وجود العين الساخنة، يتمحور حول الأراضي الاشتراكية، وهي أراضٍ منحتها الدولة للفلاحين في الستينيات، لكن بقيت وضعيتها معلّقة، فلم تفرّط فيها أو تسترجعها. وأغلب المعالجات للأراضي الاشتراكية كانت ظرفية، فلم تبت الدولة في ملكيتها لها أو تُسلّمها للأفراد أو العائلات، مشيراً إلى أنّ الخلافات في النظام السابق كانت تُفضّ بالقوة وبالأمن، ولكن بعد الثورة، كُسر حاجز الخوف والبعض يرى أحقيّته في تلك الأراضي.
وأضاف عبد الكبير أنّ جزءاً من الطبقة السياسية، والتي من المفترض أن تكون قدوة وسبّاقة للحلول، هو بدوره جزء من العنف، وبالتالي انتقل هذا العنف إلى المواطن الذي يرى أنه بطريقة أو بأخرى يمكنه حلّ خلافاته بهذه الطريقة، مؤكداً أنهم كمجتمع مدني، بصدد التهدئة والدفع نحو حلول ولو ظرفية.